× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

جذور العرقسوس... «رزق خطرٌ» يستخرج عند ضفاف العاصي

حكاياتنا - خبز 05-12-2022

تشكّل جذور العرقسوس دعامةً اقتصادية لعائلات ضفاف نهر العاصي شمال غرب سوريا، ولكن رغم أنّها تساعدهم على كسب مبلغ شهرياً، فإنّ على مُستخرج العرقسوس العمل بكدّ، واجتياز مخاطر كبيرة، لجني الرزق

الصورة: (صوت سوري)

يذهب الطفل عبد الله (14 عاماً)، وصديقاه خالد وعباس، في كلّ صباح إلى ضفاف نهر العاصي لاقتلاع جذور العرقسوس من عمق يناهز نصف متر يحفرونه برفوشهم، ومعاولهم.

يجمع عبد الله يومياً من 4 إلى 6 كلغ من جذور العرقسوس من الأراضي السورية، وعندما يُحالفه الحظ بالعبور إلى الأراضي التركية حيث الجذور الكبيرة الأسهل استخراجاً، يجمع أكثر من 12 كلغ، ويبيع الكيلوغرام الواحد بـ10 ليرات تركية (نحو نصف دولار).

يقول: «أقطع النهر مرّة كلّ أسبوع، وأقتلع كميات كبيرة من جذور العرقسوس هناك لأنّ المزارعين الأتراك لا يستخرجونها، ولا يبيعونها، ولأنّ طبيعة الأراضي التركية خصبة بسبب الزراعات البعلية على عكس الضفاف من الجانب السوري حيث تكثر زراعة الأشجار المثمرة التي تفصل بينها مسافات قصيرة، فتكون التربة قاسية، ولا تنمو جذور العرقسوس بشكل جيّد».

ويضيف: «قطع النهر مخاطرة كبيرة قد تكلّفني حياتي! فالعبور إلى الأراضي التركية ممنوع، ويعمد حرس الحدود إلى إطلاق الرصاص الحيّ على كلّ شخص أو مجموعة تعبر النهر بنيّة العمل داخل تركيا، أو الذهاب إلى أوروبا، لكنّني أدخل خلسة نحو الأراضي غير المكشوفة لنقاط الحراسة».

قبل أشهر، أطلق الحرس التركي الرصاص على طفل يرعى الأغنام في الجانب السوري، كما أطلق الرصاص على امرأة تساعد زوجها في حرث الأرض وتسميدها. وقبل أسابيع، قتل حرس الحدود رجلاً خمسينيّاً في منطقة خربة الجوز، «كان ينوي الهجرة إلى أوروبا».

يتعثّر عمل عبد الله في الشتاء حين يعجز عن عبور النهر يوميّاً، فلا يتعدى ما يجنيه من هذه المهنة «مبلغ 600 ليرة تركية شهرياً».

يستخرج سكان قرى حوض العاصي جذور العرقسوس من التراب رغم صعوبة الحفر، وقلّة المردود، والمخاطرة التي ينطوي عليها العبور نحو تركيا 

يعمل معظم سكان قرى حوض العاصي بالزراعة، وبسبب تردّي الوضع المعيشيّ لمعظم السكان في ريف إدلب، يلجأ قسم منهم إلى استخراج جذور العرقسوس من التراب رغم صعوبة الحفر، وقلّة المردود، والمخاطرة التي ينطوي عليها العبور نحو الأراضي التركية.

المزارع أبو غدير (57 عاماً) من قرية جكارة الواقعة على ضفة نهر العاصي شمال غرب سوريا يمنع الصيادين من دخول مزرعته ونصب شباك الصيد فيها، ويمنع العائلات من الجلوس على ضفة النهر ضمن حدود مزرعته.

يقول أبو غدير: «في بعض الأحيان لا أستطيع العمل في المزرعة بسبب حرس الحدود. يوجد عدد من المزارع المشبوهة التي يعمل مالكوها بالتهريب، فيقوم حرس الحدود بإطلاق الرصاص على أي شخص يُشاهَد داخل هذه المزارع»، مستدركاً: «أمنع الزوار والصيادين من دخول مزرعتي حفاظاً على أرواحهم بالدرجة الأولى، ولضمان عدم تصنيفها ضمن المزارع المشبوهة».

أما المسؤول الأمنيّ في المنطقة لدى «هيئة تحرير الشام»، أبو الوليد، فيقول: «نحاول جاهدين منع التهريب غير الشرعي نحو الأراضي التركية حفاظاً على أرواح سكان المناطق الحدودية، وبخاصة أصحاب المزارع على ضفاف نهر العاصي»، مضيفاً: «نحاول منع الأطفال من عبور النهر بسبب مخاطر الضرب والإهانات واحتمالات السجن ليوم أو يومين لو قبض عليهم حرس الحدود الذي يصوّب أفراده في بعض الأحيان الرصاص نحو الناس عند ضفة النهر».

عند المغيب في قرية التلول الحدودية، ينتظر علي الصطوف (28 عاماً) أطفال القرية لشراء جذور العرقسوس التي جمعوها، ثم لبيع الكميات الكبيرة التي يحصل عليها إلى تاجر في مدينة سرمدا حيث تنظّف الجذور، وتجفّف، وتغلّف بعد جرشها لتصير صالحة للتوزيع على المحال التجارية، ولتكون جاهزة للعصير، ولاستخراج الدواء منها.

يقول الصطوف: «أشتري الكيلوغرام الواحد من الجذور بمبلغ 10 ليرات تركية، وبعد غسلها وإزالة القشور الخارجية، أقوم ببيع الكيلوغرام الواحد الذي يفقد ثلث وزنه تقريباً بمبلغ 18 ليرة»، مضيفاً: «نعم، أنا أجني الكثير من التجارة، لكن المصروف كبير وغلاء الأسعار عام، والكثير من أطفال القرية ممن يعملون في استخراج الجذور يساعدون أهاليهم بالمصروف».

جهاد الخطيب (57 عاماً) والدٌ لأربعة أطفال أكبرهم محمد (18 عاماً) يعملون في هذا المجال. يقول جهاد، وهو نازح من إحدى قرى جبل الزاوية: «البحث تحت الأرض لاستخراج الرزق عمل منهك للغاية، ولا أملك سوى رحمة الله وهؤلاء الأطفال الذين يجمعون نحو 15 كيلوغراماً في كل يوم مشمس، أما أثناء هطول المطر فالحفر غير ممكن، وهذا ما نعتاش عليه بالإضافة إلى قسائم المواد الغذائية من إحدى المنظمات».


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها