× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

الزلزال... ذاكرة لا تُمحى بين الأطفال

حكاياتنا - خبز 10-03-2023

انعكس تأثير الزلزال الكبير في شباط/فبراير الماضي على مجمل الأطفال الذين عاشوا الحادثة، إما بتأثير صحي تمثل في حالات مرضية، وإما بأثر نفسي تمثل في عقدة خوف من المكان وتكرار تلك الحادثة.

الصورة: (فريق ملهم التطوعي - فايسبوك)

تردى الوضع الصحي للطفل يزن البالغ ست سنوات بعد زلزال السادس من شباط/فبراير الماضي، جراء ما عاشه وعائلته من ذعر بالتزامن مع اهتزاز الأرض تحته.

صراخ من هنا وبكاء من هناك، وأصوات تكبير في الخارج، استيقظ عليها يزن ليجد نفسه محمولاً في الأحضان إلى الشارع وسط خوف وهلع أفراد عائلته ومن في الشارع، فضلاً عن طقس شديد البرودة.

كل ذلك انعكس على يزن بحالة مرضية تمثلت في شحوب الوجه، والقيء المستمر، ومتلازمة خوف نُقل على إثرها إلى المستشفى.

الحال نفسها أصابت الطفلة هدى التي اضطرت مع والديها إلى ترك المنزل المُستأجر في مدينة سلقين بعد اهتزاز البناء وتساقط أجزاء من السقف عليهم.

نجت هدى وعائلتها من الموت لكنّها لم تنجُ من حالة اكتئاب حادة، لا سيما بعد مشاهدتها انهيار عدد من الأبنية في الحي الذي تقيم فيه على رؤوس ساكنيها، وانتشال العالقين من تحت الأنقاض.

يقول والد هدى: «تأثرت ابنتي بتساقط البنايات من حولنا، وبأصوات سيارات الإسعاف التي بدأت تتسارع لحمل المصابين... المشهد أثّر فينا نحن الكبار فكيف للأطفال ألا يخافوا!».

لم يكن الخوف والمرض ما أصابا الأطفال فقط، فنسبة كبيرة من أولئك الذين شهدوا الزلزال أصيبوا بحالات اكتئاب راوحت بين متوسطة ناتجة من خوف شديد، وحادة جراء حالة فقد أو إصابة جسدية.

قدرت الأمم المتحدة عدد الأطفال المتضررين من الزلزال بـ2.5 مليون في سوريا

كذلك الأمر مع لجين ذات الأعوام الستة، التي قضت أربع عشرة ساعة تحت الأنقاض رفقة والديها ضمن أنقاض الأبنية في بلدة بسنيا في ريف إدلب.

فارق والد لجين الحياة وجرى إنقاذها ووالدتها. أما هي، فأصيبت بكسور، وهو ما زاد صدمتها. تخبرنا الجدة أنّ حفيدتها لا تزال تحت تأثير الصدمة ولا تتكلم، كما قلّ تناولها الطعام والشراب بشكل كبير.

تمثل تلك الحالات عينات قليلة لآلاف الأطفال ممن شهدوا وعاشوا زلزالي السادس، والعشرين من شباط/فبراير الماضي بالإضافة إلى الهزات الارتدادية التي توالت على المنطقة.

يقول الدكتور مصطفى حاج سليمان، وهو مختص بأمراض الأطفال، إنّ معظم الأمراض الجسدية التي أصابت الأطفال عقب الزلزال نتجت من تأثير الطقس البارد في تلك الليلة بعد نقل معظمهم من فراش النوم إلى الشارع، وأيضاً تحرك الأرض جراء الهزات الارتدادية التي خلفت دوراناً لدى الكبار والصغار.

وتختلف أعراض الصدمة النفسية من حدث إلى آخر ووفق ما مرّ به الطفل، وبناء على شخصية كل طفل وبنيته النفسية التي تتبع للبيئة التي نشأ فيها والظروف التي مر بها خلال الصدمة، وفق الباحثة في علم النفس رشا سليمان.

بعض الأطفال تلقوا الحادثة بذهول وفقد للوعي، فانعكس ذلك بالصمت والبكم والتبلد الكامل، فيما انعكس على آخرين بالصراخ والبكاء.
وتختلف طريقة التعامل مع تلك الصدمات وفق الباحثة سليمان تبعاً لنوع الصدمة، لكنّها بالمجمل تحتاج إلى الدعم الفردي والجماعي، وقد تستغرق المعالجة أياماً أو أسابيع أو أشهراً.

تبدأ أولى خطوات الدعم منذ بداية الحادثة وتُلقى على عاتق الأهل، أو المنقذين والمسعفين، ومن يستقبل الطفل الناجي من الصدمة، إذ يجب وضعه في مكان آمن حتى يفيق من الصدمة، بين يوم حتى خمسة عشر يوماً، ويحتاج الطفل إلى التعاطف خلال هذه المرحلة.

أما المرحلة الثانية، فتبدأ بعد أسبوعين، وهنا يجري التفاعل مع الطفل ومحاولة مساعدته للتعبير عن الصدمة والأزمة عبر بعض الطرق كالرسم، والكتابة، والمحاورة، وحثه على وصف ما حدث معه من مشاعر وأفكار متعلقة بالزلزال.

تقول سليمان: «تجاوز الأزمة يحتاج إلى وقت طويل، والمتخصصون هم من يحددون ذلك بناء على حالة كل طفل وحسب ما مرّ به من صدمات، فتجاوز اضطرابات ما بعد الصدمة يحتاج إلى عام وأكثر».

وتتابع: «يساعد الدعم المتخصص الطفل على تخطي ما حدث له من صور اضطرابات ما بعد الصدمة، مثل فقد القدرة على النوم أو الكلام، أو تخطي مرحلة البكاء والصور التي تلح على الذاكرة وفقدان الشهية والتصرف بعنف وغيرها».

يذكر أنّ الأمم المتحدة قدرت عدد الأطفال المتضررين من الزلزال بـ2,5 مليون في سوريا، وهو ما دفع المنظمات والجمعيات في الشمال السوري إلى إجراء عمليات دعم نفسي دورية ومجموعة أنشطة.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها