× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

في قفص التجريم المجتمعي: فررن من الزلزال بلا حجابات!

حكاياتنا - خبز 16-03-2023

إثر كارثة زلزال تركيا وسوريا في السادس من شباط/ فبراير الماضي، تعرضت بعض السيدات في الشمال السوري لانتقادات لاذعة بسبب خروجهن إلى الشوارع، دون ارتداء الثياب الشرعية المعتادة في المنطقة للخروج من المنزل!

الصورة: لوحة من معرض في إدلب لدعم متضرري الزلزال (رغد السرماني - فايسبوك)

استيقظت نورا (اسم مستعار) فجر السادس من شباط/فبراير على اهتزاز الجدران وزلزلة الأرض، فهرعت وزوجها إلى غرفة أطفالهما ليغادر الجميع المنزل بعدها، هرباً من الموت تحت الركام. 

وسط الرعب المخيّم على المكان وتتالي خروج الجيران إلى الشارع «لاحظ زوجي ومن حوله من الرجال أنني بلا حجاب، وأرتدي كنزة وبنطال بيجاما» تقول نورا، وتضيف «طلب مني زوجي الدخول فوراً إلى المنزل لوضع الحجاب، وارتداء ثياب أخرى، رغم المخاطر التي قد تلحق بي».

تشرح السيدة التي تقيم في مدينة صوران بريف حلب الشمالي أنها لم تكن واعية لما ترتديه من الثياب، فتفكيرها كان منصبّاً على النجاة مع أفراد عائلتها من المنزل الذي كان مهدداً بالانهيار، لكنّ تلك الظروف لم تمنع زوجها وأقاربها من توبيخها بشدة لاحقاً، بسبب «الخروج دون ارتداء ملابس شرعية».

ما اختبرته نورا لم يكن مجرد حالة فردية، بل تكرر مع أخريات غيرها، ومنهنّ سميرة التي هرعت في ذلك الفجر نحو الشارع مع أطفالها بملابس النوم، مع طاقية تناولتها أثناء خروجها وحاولت أن تغطي بها شعرها. تقول «لم أفكر بما أرتديه، كنت أحاول إنقاذ أطفالي، فزوجي نائم عند زوجته الثانية، وأنا المسؤولة عن إنقاذ الأطفال».

وتضيف: «تقبّل زوجي ما حدث، لكنني لم أسلم من كلام الناس بعدما شاهدوني بالثياب المخصصة للمنزل، وشعرت بالإهانة والخزي في ظل مخاوفي من حدوث زلزال جديد».

«الزلزال قد يرحم.. عكس المجتمع»!

برغم هول الفاجعة التي خلفها الزلزال، تحولت النسوة اللواتي فررن من الموت بلا حجاب إلى سيرة على كثير من الألسن في الشمال السوري، وانقسمت الآراء بين ناقد/ ة لذلك السلوك الطبيعي اللاشعوري، ومتفهم / ة للظروف والأسباب. ووصل الأمر حدّ تعرض كثير من السيدات إلى توبيخ شديد من أزواجهنّ، وعائلاتهن، وحتى معارفهنّ من الأقارب والجيران. 

«طلب مني زوجي العودة فوراً إلى المنزل لوضع الحجاب، وارتداء ثياب أخرى، رغم المخاطر التي قد تلحق بي»

مع تداول قصص أولئك النسوة، والتشهير بهنّ، ازدادت الضغوط النفسية الهائلة التي تطبع حياة السوريات بشكل عام، وعقب الزلزال على وجه الخصوص.

هكذا؛ صرن «عبرة» لسواهنّ، وانشغلت نساء المنطقة في البحث عن حلول وقائية تمنع وقوع المحذور، وتجنبهنّ ارتكاب «الخطيئة» ذاتها في حال تكررت الفاجعة! ليصير «طبيعياً» أن تنام بعض النسوة مرتديات ملابس الخروج، وأن تحرص أخريات على تجهيز حجاباتهن وأرديتهن الفضفاضة قرب باب المنزل، أو على مقبضه الداخلي، ليكنّ قادرات على الفرار بـ«اللباس الشرعي». وحين وقع زلزال العشرين من شباط/فبراير بعد أسبوعين بقيت كثيرات في منازلهنّ مع كل ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر، لأنهنّ لم يكنّ قادرات على الخروج في الشكل «المثالي» كما يفترضه المحيط، ولسان حالهنّ  أن النجاة من الزلزال تظلّ واردة، على عكس النجاة من ألسن الآخرين.

ما موقف الشريعة؟

يقول محمد العلوي، وهو رجل دين وإمام مسجد في ريف حلب الشمالي، إن «الناس كانوا نياماً لحظة وقوع الزلزال، واستيقظوا في ذهول ورعب شديدين، وبالكاد استطاعوا اصطحاب الأطفال والفرار في الوقت المناسب». ويضيف: «ما جرى مع بعض السيدات من نسيان ارتداء ملابس الخروج، والحجابات الشرعية أمر طبيعي، وجائز في مثل تلك الظروف، ولا يمكن لومهنّ على ما حصل». 

يشرح العلوي أن كلامه يستند إلى القاعدة الشرعية التي تنص على أن «الضرورات تبيح المحظورات»، ويستطرد قائلاً إنّ «أحكام الشريعة الإسلامية تتبدل خلال الحروب، أو الكوارث. الله عز وجل أحل تناول لحم الخنزير في حال احتاج الإنسان للطعام ولم يجد ما يأكله، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه، عطّل حد السرقة في عام الرمادة». (تسمية تطلق على العام 18 الهجري، الذي حلت فيه المجاعة).

ويختتم بالقول: «الكوارث الطبيعية عظيمة وشديدة على طاقة الإنسان، النساء معذورات (شرعاً) فقد كنّ في حالة من اللاوعي، فالإنسان يمتلك غريزة البقاء، ويحاول النجاة بروحه هو ومن يحيط به بشتى السبل، دون الالتفات لباقي التفاصيل الدينية والاجتماعية».
 


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها