× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

لا مصادر آمنة للثقافة الجنسية: سوريّات في فخ الأفلام الإباحيّة

حكاياتنا - خبز 26-07-2024

مع افتقار المجال العربي العام إلى مصادر علمية للتثقيف الجنسي، يُفتح الباب أمام مشكلات عديدة. عادة ما تلجأ النساء إلى المصادر الأقرب كالأم والصديقات المتزوجات، لاستقاء معلوماتهن الجنسية حين يصبحن على أبواب الزواج، أو حين تبدأ براثن الفضول بدغدغة حواسهن. لكن تلك المصادر لا تبدو كافية، فيتزايد اللجوء إلى الإنترنت والمواد الإباحية

استغرقت علا (25 عاماً) سنة كاملة لإزالة رواسب مشاهداتها الأفلام الإباحية التي أدمنتها ظناً منها أنها واقعيّة، لكنها اكتشفت العكس، فالغرق في عوالم تلك الأفلام أسهم لاحقاً في عدم بلوغها النشوة الجنسيّة عند الممارسة. تقول الشابة: «في السادسة عشرة من عمري بدأ فضولي حول الجنس، ورحت أحاول اكتشاف تفاصيله عبر الإنترنت ومشاهدة الأفلام الإباحية، إلى أن أصبحت مدمنة عليها. قبل زواجي زادت جرعات المشاهدة بهدف التعلم أكثر». 

تحت تأثير الأفلام رفعت الشابة سقف توقعاتها حول أدائها وأداء زوجها، فقد «كوّنتُ صورة مبالغاً فيها عن العلاقة الحميمة. ثم اتضح أن ما كنت أشاهده مجرد سيناريوهات مُحكمة، فانقطعتُ عن متابعتها وصرت أركز على جسدي واكتشافه، إلى أن بدأت الأمور تتحسن شيئاً فشيئاً».

يعاني الفضاء العربي عوزاً كبيراُ في مصادر التثقيف الجنسي التي تقوم على مادة علميّة، ومعلومات يوفرها أطباء وطبيبات، أو متخصصون ومتخصصات في الصحة والتوعية الجنسية وتطوير العلاقة الحميمة بين الشريكين، بعيداً من التهويمات والخيالات الجنسية التي تروج لها الأفلام الإباحية. يؤثر هذا على الجنسين على حدّ سواء، غير أن أثره يبدو أكبر على الإناث، إذ يُعد حديثهن حول الجنس أحد التابوهات التي يصعب خرقها.

«كل شيء يدور حول متعة الرجل»

تنحدر دعاء من أسرة يُحظر فيها على النساء المبادرة أو الشكوى، وتربيهنّ على «إطاعة الزوج في الفراش»، ما حوّل الحياة الجنسية للشابة إلى «جحيم لا يطاق» وفق تعبيرها. 

تشرح قائلة: «نشأتُ على أن الإفصاح عن رغباتي الجنسية أمام زوجي عيب كبير، وسينظر إليّ نظرة سيئة. لكن؛ هو لا يعرف كيفية التعامل مع جسدي، وأنا لا أستطيع إرشاده خوفاً من غضبه».

تُعبر الشابة عن استيائها من التربية الجنسية في الدول العربية التي تدور حول متعة الرجل، ولا تكترث بحاجات المرأة. «حين أخبرت أمي بأنني لست سعيدة ولا راضية جنسياً، صفعتني وقالت: أنتي فاجرة، هل تريدين الطلاق والعودة إلينا؟ سنصبح سيرة على لسان الناس حين يعلمون سبب الطلاق».

خلافاً للشهادتين السابقتين تؤكد لجين أنها تسقي معلوماتها الجنسية «من صفحات بعض المتخصصين في الصحة الجنسية على وسائل التواصل الاجتماعي». 

تقول الشابة الثلاثينية: «لدي الوعي الكافي للبحث عن المعلومات الصحيحة، وحماية نفسي وإمتاع ذاتي باعتباري عزباء». ترى لجين أن «اللجوء إلى متخصصين في هذا المجال يمد الأشخاص بمعلومات صحيحة، ويساعد على تكوين صورة إيجابية حول الجسد، بعيداً من مبالغات الأفلام الإباحية التي تؤدي إلى عدم الرضا عن النفس». 

«شمبق لمبق»

مع استعدادها للزواج لجأت مريم (27 عاماً) إلى خالتها لتلقينها بعض «المهارات»، لكنها سرعان ما وجدت في الإنترنت مصدراً «أكثر إثارة». تقول: «لم أتمكن من طرح أسئلتي على والدتي بسبب خجلي منها، فتوجهت إلى خالتي التي بدأت بتعليمي بعض الأمور، لكنها لم تكن كافية فصرت أبحث عبر الإنترنت».

«نشأتُ على أن الإفصاح عن رغباتي الجنسية أمام زوجي عيب كبير. لكن، هو لا يعرف كيفية التعامل مع جسدي، وأنا لا أستطيع إرشاده خوفاً من غضبه»

تعتقد الشابة أن الأفلام الإباحية مصدر موثوق للمعلومات الجنسية، إلى حد أنها أنشأت مجموعة «شمبق لمبق» على موقع فايسبوك، وهي مخصصة لتبادل الفيديوهات الجنسية، وتقديم «النصائح». تشرح موضحة: «بعد سفر زوجي، شعرت بالملل والفراغ الكبيرين، وخطر في بالي إنشاء صفحة عن الحياة الجنسية بهدف التسلية، نتشارك الأفلام ونتبادل الخبرات». وفق كلامها «يُعد تدني الخبرة الجنسية للنساء في بداية زواجهن، وجهل العازبات بإمتاع الذات، إلى جانب الرغبة في إتقان فن الإغواء في طليعة المشكلات التي تواجه عضوات المجموعة».

متخفية خلف صورة ملف شخصي مزيفة، واسم مستعار تكتب «ميس الريم» حول معاناتها مع مشكلة البرود الجنسي لزوجها، وتهرّبه من «تأدية واجباته الزوجية»، لتمطرها العضوات بوابل من «النصائح المجربة». 

في تواصل خاص معها، تقول الشابة: «تزوجت منذ عام، (مرات ممارسة) العلاقة الحميمة مع زوجي قليلة، حين أعاتبه على تقصيره يتهمني بأنني السبب، لا أعرف كيف أتصرف معه، ولهذا سألت النساء هنا عن نصائحهن وتجاربهن. لا أشعر بالحرج لأن اسمي مستعار، أستطيع التحدث بحرية».

لا مصادر أكاديمية

تكاد تنعدم المصادر الرسمية للصحة الجنسية في سوريا، ويتمحورُ المتاح بمعظمه حول الصحة الإنجابيّة. تؤكد طبيبة الأمراض الهضمية، وكاتبة المحتوى في مجال الصحة الجنسية سارة الدنيا قائلة: «لا جهات أكاديمية تصدر أبحاثاً في هذا الشأن، وفي الكليات الطبية يعزف الطلاب عن التصدي لأبحاث علمية حول المجال لاعتبارات الخجل، وتفضيل موضوعات طبية آخرى».

تشير سارة إلى أن اعتماد النساء على الأفلام الإباحية لتكون مصدراً أساسياً للمعلومات الجنسية كبير جداً، وتعزو ذلك إلى «غياب المصادر الموثوقة للمعلومات عن الحياة الجنسية، وهذه يجب أن تبدأ من الأسرة أولاً، والمدرسة ثانياً، وبرامج التربية الجنسية الصادرة من وزارة الصحة»، وتضيف: «مع محدودية تلك المصادر يبحثن عن مصادر ثانوية أخرى، كالأقران والإنترنت».  

تؤكد كاتبة المحتوى «خطورة استهلاك الأفلام الإباحية بطريقة غير واعية». تقول: «يجب أن نميز أولاً بين مفهومين هما الاعتماد، والإدمان على الأفلام الإباحية. الأول يعني الحاجة إلى المادة الإباحية لتحقيق استجابة جنسية طبيعية، بينما في الثاني تزداد الحاجة إلى جرعة معينة من المحتوى الإباحي يومياً لتجنب الهياج والتوتر والقلق».

«قد يُغير كيمياء الدماغ»

ثمة كثير من المخاطر النفسية الناجمة عن الإدمان على الأفلام الإباحية تصيب المرأة، مثل «تدني تقدير الذات، والارتياب والقلق، وتوقعات خيالية غير منطقية، ومشكلات مع شكل الجسد»، فضلاً عن «التأثيرات المتعلقة بالاستجابة الجنسية، إذ قد يؤدي التعرض المفرط للمضامين الإباحية إلى انعدام الرضا الجنسي ومشكلات مع الشريك».

أيضاً؛ ترى الدنيا أن «هناك جانباً عصبيّاً للتعرض المفرط، وهو تغيير كيمياء الدماغ، ما يزيد الحاجة إلى التحفيز المستمر».

تستبعد كثير من النساء في العالم العربي عموماً، وسوريا خصوصاً اللجوء إلى مرجعيات طبية للتحدث عن حياتهن الجنسية، لشعورهن بالعار، وخوف الوصم الناجم عن المفاهيم المجتمعية السائدة، وحتى في حال اللجوء «نشتبك مع مشكلة انعدام التخصص المؤهّل لتقديم العلاج».

أمام هذا الواقع، وفق الدنيا «قد يبدو العلاج النفسي هو الأكثر ملاءمة لعلاج هذا النوع من المشكلات، فهي غالباً ما تحتاج إلى معالج نفسي، وعلاج سلوكي معرفي، لكنه غير مفعل بشكل جدي في ظل تدهور الوضع الاقتصادي، إذ ينظر إلى العلاج النفسي على أنه رفاهية».

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها

This work by SOT SY is licensed under CC BY-ND 4.0