× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

أنا مش إخوان

حكاياتنا - حشيش 08-06-2020

هناك «أنا مش كافر بس الجوع كافر، بس الوجع كافر»، وبالتالي أنا كافر لاكتمال الأسباب. هنا «أنا مش إخوان، بس ماذا؟!...»، ما هي الـ«بس» التي ينبغي أن تلحق «أنا مش إخوان»؟؟

«أنا مش كافر» عبارة شهيرة، يستخدمها كثيرون لتكون مقدمة تبرر قول ما يعارض حالة دينية، وارتبطت ارتباطاً وثيقاً بأغنية لزياد الرحباني أراد من خلالها تعداد أسباب الكفر، لعله يجد له مبرراً.
ربما كان الكفر يحتاج إنكاراً، أو على الأقل تبريراً فعلاً، في مجتمع محافظ كمجتمعنا العربي.
لكن؛ هناك عبارة مدهشة ظهرت في سوريا بعد العام 2011، تستنسخ الصياغة ذاتها. عبارة صارت مقدمة لكثير من الأحاديث والحوارات: «أنا مش إخوان».
لم ترج هذه العبارة لأن الجماعة محظورة أو سرية، فبعد آذار 2011 لم تعد هناك أسرار، بل إن الإخوان أعلنوها صراحة، وشاركوا في البيانات، وسيطروا على المجلس الوطني، ولكنهم ظلوا في الجلسات «مش إخوان».
مرة كنت في جلسة خاصة، فهمس لي صديق مشيراً إلى شخص يجلس على رأس الطاولة: «فلان مدير مؤسسة كذا، هذا إخوان». لم ينته الهمس، حتى بدأ مدير مؤسسة كذا، بحديث عن الواقع السياسي في سوريا «مساء الخير ياشباب، بالبداية حابب أكد إنو أنا مش إخوان، ولا قصدي دافع عنهم..».
نظرت إلى صديقي الهامس، فابتسم ورفع حاجبيه، ابتسمت وسمعت حديث مدير مؤسسة كذا. حديث ينم عن فكر إخواني خالص لشخص «مش إخوان».
من بعدها صارت هوايتي متابعة الإخوان في أحاديثهم حول انتمائهم السياسي، منتظراً سماع عبارتهم الأخاذة: «أنا مش إخوان».
يقول صديق خبير بالحركات الإسلامية، «لن تكون إخوانياً حقيقياً، إلا إذا قلت: أنا مش إخوان». 
هل هذه العبارة تشبه «أنا مش كافر»؟
يعني هناك «أنا مش كافر بس الجوع كافر، بس الوجع كافر»، وبالتالي أنا كافر لاكتمال الأسباب. هنا «أنا مش إخوان، بس ماذا؟!...»، ما هي الـ«بس» التي ينبغي أن تلحق «أنا مش إخوان»؟؟ ما هي الـ«بس» التي تجعل الأسباب مكتملة لأصير إخوان؟
ظلت القصة تحيرني وتضحكني في الوقت نفسه، إلى أن التقيت عضواً في حركة عربية أتذكر تماماً مشهد أحد قادتها الراحلين، وهو يرفع يده ويردد شعار «حركتنا (كذا)، جماعتنا الإخوان». 
قلت لنفسي هذه هي الفرصة التاريخية، هذا «إخوان» وسيقول إنه إخوان. 
تقدمت باتجاهه وسألته: «أنتم إخوان.. صح؟». 
جحظت عيناه، ونظر مستغرباً:
- طبعاً لا!
استشهدت بالصورة العالقة في الذاكرة، فعض على شفته السفلى وأمال رأسه وابتسم، ثم قال لي «هي سياسة حبيبي». 
وقعت بالخيبة مجدداً، الرجل «مش إخوان».
في النتيجة وصلت لخلاصة، الجماعة فعلاً «مش إخوان»، حتى أكاد أجزم أن المراقب العام سينكر في لحظة ما أنه «إخوان»، وقد يكون أنكر هذا وأنا لا أعرف!
المهم يا إخوان، بعد كل هذا، وطالما الكل ينكر، يبقى السؤال مطروحاً، أين الإخوان؟؟؟

هامش
كانت مدرسة رصينة جداً، وتبذل جهداً خاصاً مع التلاميذ، فيما تحاصرها قوانين وزارة التربية، التي تفرض التعليم الإلزامي، بقصد محو الأمية في البلاد. 
كان بهلول تلميذاً عندها، وقد رسب في الصف الرابع. بذلت معه جهداً كبيراً، ولكن بلا فائدة. طلب منها المدير أن تنقله نقلاً إلى الصف التالي، لعدم جواز الرسوب سنتين. سألت المدير: لماذا ننقله ولا نطرده؟ أجاب «مشان خطة محو الأمية»
هزت رأسها، وفتحت الجلاء، وفي خانة الملاحظات كتبت: لن تُمحى أميته.

Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها