× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

«النّسويّة الكورديّة في سوريا»: كثافة مؤطّرة؟

عقل بارد - على الطاولة 02-08-2024

يكثر الحديث عن «الواقع النسوي الكوردي في سوريا»، ويزداد معه الاحتجاج والرفض لما تستشعره بعض الناشطات من إقصاء عن الأدوار القيادية، أو المشاركة في صناعة القرار السياسي، فيما يرى الساسة الكورد أنهن «نلنَّ حقهنّ وزيادة»

الصورة: (15 تموز 2024 - الاجتماع نصف السنوي لمنسقية المرأة في الإدارة الذاتية / صفحة المنسقية على فايسبوك)

حاولت النساء الكورديات الاستفادة من التغيرات السياسية والاجتماعية الناتجة من الحراك السوري، شأنهن شأن كثير من فئات وقطاعات المجتمع السوري، وبدأن تأسيس عدد من المنظمات والجمعيات التي كانت حكراً على الأحزاب الكوردية في ما سبق.

صحيح أن غالبية تلك الأحزاب شكلت ضمن تنظيماتها فروعاً أو هيئاتٍ خاصة بالمرأة، وكانت تسعى لتنظيم النساء ضمن هياكل وأجسام سياسية-اجتماعية هدفها المعلن «رفع ثقافة المرأة»، لكنها لم تكن بالسويّة المطلوبة نتيجة للقبضة الأمنية، لتجد الكورديات في التعليم أفضل الفرص لإبراز قدراتهن. 
 
«حركة بلا بركة»؟

بعد «هوامش الحرية» التي أتيحت نسبيّاً في شمال شرق سوريا، تأسست مجموعة من الكيانات النسائية منها: «الاتحاد النسائي الكوردي في سوريا»، و«اتحاد نساء كوردستان سوريا»، مع إعادة تفعيل منظمة «مؤتمر ستار» المحسوبة على «حزب الاتحاد الديمقراطي»، وغيرها من المنظمات التي لم تتمكن غالبيتها من الصمود بسبب غياب التمويل، أو فقدان الكوادر المتخصصة، أو غياب الخطط.

في النتيجة، تشابه كثير من الأعمال والأنشطة بينها، لكن بعض المنظمات المدنية المعنية بحقوق النساء والدفاع عنهن، مثل «نساء شمس»، و«لجنة الدفاع عن المعنفات»، تمكنت من الاستمرار وتقديم أنشطة ومبادرات عديدة.

مع ذلك؛ لا يزال المجتمعَ السوري بالعموم، وضمناً المجتمعات المحلية في شمال شرق سوريا في حاجة إلى جهود نسوية مضاعفة، فالمنظمات كافة التي تشتغل تحت اسم «نسوي-مرأة» لم تتمكن من تمكين الفتيات في المجتمع على نحو فعال ومُسهم في اتخاذ القرار.

في مشهد الحرب والنزاع، تتقلص الأدوار الممكنة للنساء، ويبرز الجانب العنفي للرجال، خاصة مع تغول السلاح والعسكرة، والأدوار السلبية للجهات العسكرية والسياسية التي تدخلت في الشأن السوري.  يقول نافع عبد الله، وهو عضو في «اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني-سوريا»، إن «تقسيم الجغرافيا السورية إلى مناطق نفوذ إقليمية أو دولية، وسيطرة داعش على بعض المناطق، أثّرا سلباً في العمل خاصة في المناطق التي سيطر عليها التنظيم والتنظيمات الراديكالية». ويرى أن ذلك «منع المرأة من أي عمل سياسي أو اقتصادي أو انخراطها في المجتمع، وحرمها حقوقها كاملة».

تشهد مناطق شمال شرقي سوريا كثافة كبيرة في عدد المنظمات النسائية ولا سيما الكوردية، إذ يزيد عددها عن ثلاثين، غير أن الأثر على الأرض لا يتناسب مع تلك الكثافة

يشرح عبد الله أن الأحداث السابقة «حطمت نفسية المرأة التي كانت تعيش في المناطق الخاضعة لسيطرة تلك الجهات لكنها أثرت إيجاباً في وضع المرأة في مناطق سمحت لها بالمشاركة في العمل السياسي واتخاذ القرارات، فكان لها دور في تشكيل منظمات المجتمع المدني، والانخراط في المؤسسات الدولية، وفتح ورش فن الحوار والتفاوض، لتحقق إنجازات لكن على نطاق محدود».

ويقول إن «عسكرة الحراك في سوريا، وتدخّل الدول أديا إلى هجرة ونزوح الملايين من السوريين ومنهم النساء والأطفال، وهو ما ولد حالة من فقدان الاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي، وغياب أيّ بوادر لحل الأزمة لتضاف إلى معاناة النسوية في نيل حقوقها».
 
تشابه في الطروحات

تشهد مناطق شمال شرقي سوريا كثافة كبيرة في عدد المنظمات النسائية ولا سيما الكوردية، إذ يزيد عددها عن ثلاثين ما بين اتحادات نسائية أو منظمات مدنية أو معنية بالدفاع عن المعنفات. بيد أن غالبيتها تعاني من حداثة نشأتها ونقص خبرتها، وبخاصة ضعف التمويل لديها.

هذه المنظمات حتى إن كانت تهدف إلى «تفعيل الحراك النسوي» الذي كان شبه غائب لعقود طويلة، لكن الصراعات السياسية والخلافات بين أعضائها قسمت الشارع في مواقفه حيال تلك المنظمات، وفقاً لحديث المدرّسة هناء حجي التي تضيف: «لم تتمكن من بسط نفوذها الفكري وسط مجتمع لا يزال يتحفظ على وجود قوانين ونواظم للمساواة بين الرجال والنساء خاصة في مجال الثروة والحقوق المالية».

أما الدكتورة لافا مالك، فتقول: «هذه المنظمات أخفقت في إحداث أيّ تغيير في النمطية المجتمعية، فكل نشاط يحتاج إلى تمويل، ولهذا هي تضطر إلى التبعية السياسية للحصول عليه». 

في مشهد الحرب والنزاع، تتقلص الأدوار الممكنة للنساء، ويبرز الجانب العنفي للرجال، خاصة مع تغول السلاح والعسكرة، والأدوار السلبية للجهات العسكرية والسياسية التي تدخلت في الشأن السوري

في السياق نفسه، تقول إيفا شيخموس، وهي ناشطة نسوية وسياسية من عامودا، إن «الحركات النسوية في عمومها متشابهة هيكلياً، وتطلعاتها وأهدافها تقريباً هي ذاتها، أي تكريس فكرة العدالة الاجتماعية على أساس عدم التمييز بين الجنسين في الحياة العامة أو الخاصة»، وتستدرك: «لكن هناك تأثير جوهري للسياق الاجتماعي والثقافي في دعم هذه الحركات أو رفضها وتحجيمها».

تضيف شيخموس: «بالنسبة إلى الحركة النسوية الكوردية في شمال شرق سوريا، ومقارنة مع بقية مناطق سوريا، قطع الحراك النسوي أشواطاً متقدمة على مستوى القوانين وكذلك الاستجابة الاجتماعية لهذه القوانين، فواقعها أفضل من مثيلاتها في بقية مناطق سوريا»، ومع تسليمها بأن «لا شيء مثالي»، ترى الناشطة أن «الحراك النسوي الكوردي هو الأكثر تطوراً في سوريا».

تتفق «رئيسة مكتب المرأة في المجلس الوطني الكردي»، حياة قجو، مع هذا الكلام إلى حد بعيد، وتقول: «قبل 2011 كان العمل في الشأن العام حكراً على الذكور، لكن برزت المرأة بعد ذلك في الحراك في الواجهة العامة في كل مناحي الحيا، كما تحملّت العبء الأكبر من المعاناة في هذا الظرف الراهن والصعب».

ترى قجو أن «المرأة الكوردية اندمجت في العملية السياسية ضمن المجلس الوطني الكوردي وفي منظمات المجتمع المدني، لكن ليس بالمستوى المطلوب الذي نحلم به بصفتنا مساهمات في صنع القرار، ومطالبات بتثبيت حقوق واحتياجات المرأة، ومكانتها في الدستور السوري وتطبيق القرارات الدولية بهذا الشأن».

«حراك عريق»

خلافاً لقريناتها من السيدات والناشطات، تقول ميديا عكو، وهي عضوة في «المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكوردي في سوريا»، إن المرأة الكوردية «كانت لها بصمتها منذ ما قبل الأزمة عبر توزيع المنشورات وحماية الملاحقين، كما كان لها دور في حفظ وحماية الثقافة الكوردية، ولا يزال هذا الدور مستمراً».

وفقاً لعكو إن جذر المشكلة هو التمثيل السياسي، «وهذا مع الأسف كان نادراً، والمرأة لم تتجرأ على التمرد على العقلية الذكورية في مجتمعاتنا، ناهيك بتسلط الرجال واحتكارهم القيادة، لكن في السنوات الأخيرة شاهدنا المرأة في ساحات المعارك مقاتلات أو إعلاميات أو مسعفات... لم تتوان المرأة الكردية عن واجبها أياً كان».

وتقول: «تثبت المرأة نفسها بمشاركتها في صنع القرار السياسي وتكريس حقوق النساء في المجتمع، ورغم كل المعوقات استطاعت فرض كلمتها في المنزل أو العمل... النسوية الكوردية أكثر حراك متأصل في سوريا لأنه حالة تراكمية لتطور المرأة من ثقافة مجتمعة وسياسية، والآن هي واقع لا يمكن تجاوزه أو تهميشه».