× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

صالح الصامد يتحدى «قيصر»

حكاياتنا - حشيش 13-06-2020

لا حلول أمام صالح سوى قرع أبواب من تبقى له من معارف قلائل لديهم أبواب، رغم ثقته بأن أحداً لن يساعده، الأمر الذي سيدفعه في النهاية إلى «التمويل بالعجز»

الصورة: (حسان بليبل - كارتون موفمينت)

بنبرة غاضبة، يخاطب صالح الصامد شاشة تلفازه السيرونيكس الخشبي، الموضوع على كرسي حديدي صغير: «لعنة الله على العنصرية».

يخفض صوت التلفاز قليلاً، يحدق في الشاشة المقسمة إلى ستة أجزاء تنقل مظاهرات الولايات المتحدة، التي خصص التلفزيون الرسمي معظم وقته لنقل أحداثها.

يشكر صالح في سرّه حكومته على تحسن واقع الكهرباء بشكل كبير، يسمح له أن يتابع هذه الأخبار والتطورات الهامة.
يكره الصامد الولايات المتحدة الأميركية، ويمقت جميع رؤسائها الذين «ساهموا بشكل أو بآخر بسرقة بلادنا» وفق تعبيره. رغم ذلك، ينتظر الانتخابات المقبلة آملاً أن يفشل دونالد ترامب في الفوز بولاية ثانية، خصوصاً بعد أن أقر قانون العقوبات الأخير (قيصر)، الذي يؤكد الصامد أنه يهدف إلى إخضاعه، وحرمانه حتى من الخبز الذي لا يأكل غيره تقريباً في الوقت الحالي.
يعيش الصامد في منزل مستأجر مؤلف من غرفة واحدة، إذ دمرت الحرب منزله بعد أقل من عام على استلامه. 
الصامد عامل في منشأة حكومية، تمكن بعد جهد وكثير من الإكراميات، من الحصول على بيت في السكن العمالي الذي يمنح العمال منازل بالتقسيط. دفع قسماً من أقساط منزله قبل أن يتم بناؤه حتى. استلمه «على العضم»، قام بفرشه «من قريبو»، وعاش فيه عاماً واحداً فقط، قبل أن تلتهمه الحرب.
بعد نحو ثلاثة أشهر من دمار منزله، وصله إشعار بضرورة دفع بقية الأقساط المترتبة عليه. خاف أن يلاحق قانونياً، وقام بدفع الأقساط التي تأخر عن سدادها، ولا يزال يدفع شهرياً مبلغ 11 ألف ليرة سورية، وهو ما يعادل ربع راتبه الحالي.
بعد أن شرّدته الحرب، باع الصامد تدريجياً كل مقتنياته، حتى محبس زواجه، و«الفردة» المتبقية من حلق زوجته الوحيد، وساعة ورثها عن أبيه. لا يملك في الوقت الحالي دخلاً غير وظيفته، كما أنه لا يقوى على العمل في وظيفة ثانية. 
عمل قبل نحو عامين سائق سيارة أجرة، ثم طرده صاحب السيارة بعد أن صدمت سيارته سيارة دفع رباعي بلا نمرة يقودها مراهق. لم يجرؤ الصامد، ولا صاحب السيارة، على تقديم شكوى، إذ تبين أن المراهق ابن مسؤول مناضل.
أحياناً يرسل شقيق الصامد، وهو لاجئ في ألمانيا، بعض المال لمساعدة شقيقه. يرفض الصامد أن تصله الحوالة بشكل غير رسمي، ويصر على قبضها عن طريق شركة نظامية، حتى ولو خسر ثلاثة أرباع قيمتها.
قبل نحو عام ونصف، وخلال معاملة كان يجريها لنقل راتبه إلى المحافظة التي يعيش فيها حالياً، تطلبت المعاملة الحصول على «براءة ذمة»، ليفاجأ بأن للحكومة في ذمته مبالغ قديمة من فواتير الكهرباء والماء والهاتف الأرضي في منزله المهدم. قام باستدانة بعض المال، ودفع المبلغ المترتب عليه، وحصل على براءة الذمة.
صالح الصامد «شخص موسمي». يشتري كل شيء (في الحقيقة بعض الأشياء) في موسمه، وبكميات قليلة جداً (ضمن المتاح). 
قبل نحو ثلاثة أسابيع استغل فرصة التكاليف المرتفعة لبرادات حفظ البطاطا، واضطرار المزارعين إلى بيعها بأسعار «بخسة»، فقام بشراء 4 كيلو من البطاطا. سلق بعضها في اليوم الأول، وأضاف إليها بعض الكمون والفليفلة الحمراء والملح. سلق ما تبقى منها في اليوم الثاني، وأضاف إلى المكونات بعض البندورة، التي حان موسمها هي الأخرى وبدأت أسعارها تنخفض.
في العام الماضي، سقط الصامد في حفرة حفرتها إحدى المؤسسات «الخدمية» ولم تقم بردمها، فكسرت ساقه. اضطر إلى إجراء صورة شعاعية كلفته نحو 16 ألف ليرة سورية في مستشفى حكومي. يذكر الصامد أنه غضب كثيراً بعد أن دفع هذا المبلغ، خصوصاً أنه اعتاد أن تقدم المستشفيات الحكومية خدماتها بشكل مجاني، لكنه طبعاً شكر الحكومة ومستشفياتها بعد أن عرف أن تكلفة الصورة ثلاثة أضعاف في القطاع الخاص.
لا يبدي الصامد أي اهتمام بارتفاع الأسعار المتكرر للمواد الغذائية، وفقدان الأدوية. يؤكد أنه قادر على التعايش مع كل الظروف طالما أن الخبز متوافر بسعر مدعوم، وعبر البطاقة الذكية. 
ما يشغل باله في الوقت الحالي، أن صاحب الغرفة قرر رفع الأجرة للمرة الثالثة خلال ستة أشهر، خصوصاً أن شقيقه لن يرسل له أية حوالة في المدى المنظور، بعد أن تعثرت أحواله هو الآخر بسبب «مؤامرة كورونا». 
لا حلول أمام صالح سوى قرع أبواب من تبقى له من معارف قلائل لديهم أبواب، رغم ثقته بأن أحداً لن يساعده، الأمر الذي سيدفعه في النهاية إلى «التمويل بالعجز».
يشرح الصامد نظريته لـ«التمويل بالعجز»، بأنه يفكر جدياً بعرض كليته اليمنى للبيع، فاليسرى غير صالحة للبيع وفيها «بحصة». يأمل أن يجد مشترياً، لكنه يعي أن عمره قد لا يساعده في تحصيل ثمن جيد. 
«قد تساعدني زمرة دمي المطلوبة والنادرة»، يقول بمنتهى الصمود.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية. نحن نراهن على القارئ ليكون شريكنا في الوصول إلى جميع السوريين

إذا كنت ترى أن خطابنا يستحق الوصول انشر هذا المقال من فضلك


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها