× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

أطفال الحسكة: للظلم أشكال عديدة

حكاياتنا - خبز 20-11-2024

تكفي جولة متأنيّة في أسواق الحسكة ومنطقتها الصناعية، ليبدو واضحاً حجم الظلم الواقع على الأطفال، من حيث العمل في أشغال شاقة، أو حتّى في المحال والمتاجر، بينما يترك هؤلاء مدارسهم، أو يحافظون على علاقة «شكلية» بها

الصورة: (صوت سوري / آماليا حسن)

تبلغ رزان صالح 14 عاماً من العمر، وتعمل في محلّ لبيع الملابس. تشرح أن مهماتها تتضمن ترتيب البضاعة، والبيع، وتنظيف المحل، وتقديم المشروبات الساخنة والباردة لضيوف صاحب المحل. «لا.. لا أشعر بطفولتي»، تقول الطفلة.

أحياناً قد يتعمد بعض الزبائن الذكور ملامسة يد رزان حين تعرض قطع الملابس أمامهم، أو تسمع عبارات خادشة للحياء. «أضطر لتجاهل القصة، هذا مصدر رزقي الذي أساعد عبره عائلتي، تركت المدرسة لأجل العمل، وأكتفي بتقديم الامتحانات فقط». 

درجت العادة في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على أن تكتفي أعداد كبيرة من الطلبة بالذهاب إلى المدارس أيام الامتحانات فقط، ويكون النجاح «مضموناً» وفق ترتيب مسبق بين مجموعة من الأطراف. عزّز ذلك تشعب مصادر القرار التعليمي وتعدد المناهج المدرسية. 

ترى حياة قجو، وهي «رئيسة مكتب الطفولة والمرأة في المجلس الوطني الكوردي» أن معاناة الأطفال السوريين «كانت موجودة قبل الأزمة من حيث الفقر والحرمان والاستغلال، لكنها لم تكن بهذا السوء والحجم».

تقول شارحة «يفتقد الأطفال حالياً كل أشكال الرعاية والاهتمام بالجانب النفسي، مع مخاوف من إصابتهم بالرهاب والاضطرابات السلوكية».

وتضيف: «التحرش والاستغلال والحرمان.. كله موجود، ربما كانت نسبة الأطفال المتعرضين للعنف في الحسكة أقل من نسبتها في عموم سوريا، لكن مع ذلك يحتاج الموضوع حلولاً جذرية وسريعة».

وسبق أن حذرت منظمة اليونسكو من تسبب تصاعد الأعمال القتالية في المنطقة إلى عواقب وخيمة تؤثر على قدرة الجهات الإنسانية الفاعلة على توفير الحماية والمساعدة لآلاف الأطفال المعرّضين للخطر.

عتالة نسائية

في المساء، وحين تكاد تنعدم الحركة في الأسواق والشوارع، كثيراً ما يُلاحظ عمل بعض النساء في العتالة، مع وجود أطفال دون السن القانونية برفقتهنّ. 

تعمل عائشة عبد الكريم (31 عاماً) في إفراغ الشاحنات من كراتين الشيبس والبسكوت، وتعمل معها ابنتها آمنة (17 عاماً). تقول: «زوجي مريض ونحن بحاجة المال، أضطر إلى اصطحاب ابنتي إلى العمل كي نحصل على أجر مقبول». في حين قالت آمنة «العمل صعب رغم أن الأوزان خفيفة. كثيراً ما أشترك مع طفلة أخرى في حمل الكرتونة الواحدة». 

 تكتفي أعداد كبيرة من الطلبة بالذهاب إلى المدارس أيام الامتحانات فقط، ويكون النجاح «مضموناً» وفق ترتيب مسبق بين مجموعة من الأطراف

يُفضل كثير من أصحاب الفعاليات التجارية الاعتماد على النساء في تنزيل البضائع؛ نظراً لانخفاض أجورهن مقارنة بالرجال. تعمل النساء في مجموعات، وتتقاضى المجموعة دولاراً واحداً مقابل الطن الواحد، وتراوح حمولة الشاحنة بين 15 – 25 طنّاً، فتحصل المجموعة على مبلغ أقصاه 25 دولاراً مع بضع دولارات على سبيل «الإكرامية»، ويوزع المبلغ بالتساوي. 

تقول عائشة «أحياناً يتجاوز عددنا 30 سيدة، قد تحصل واحدتنا على دولار واحد مقابل العمل 3 ساعات أو أكثر في العتالة». تتحدث السيدة أيضاً عن حالات تحرش لفظي ومضايقات متكررة تتعرض لها بعض زميلات العمل.

ظلم مضاعف

سبق أن قدمت مجموعة من المنظمات المدنية العاملة في شمال شرق سوريا، شكوى لخمسة من المقررين الخاصين للأمم المتحدة بشأن حالة حقوق الإنسان المتردية في مناطق الشمال السوري، وعلى رأسها قضية المياه المقطوعة عن الحسكة ليُحرم نحو مليون مواطن منها، ومن ضمنهم الأطفال.

تقول جيندا الديوي من أهالي عفرين النازحين إلى مدينة الحسكة: «هل يوجد أقسى وأبشع من استغلال وضعنا وحاجتنا للماء؟ أطفالنا يشربون مياهاً ملوثة.. نتحسر على شربة ماء بارد في الصيف، أو مياه غير ملوثة على مدار السنة». 

الأسوأ؛ وفق الناشط عدنان أحمد (33 عاماً) هي عمالة الأطفال في بيع المياه التي يُحرمون منها. يروي قائلاً: «اتصلت بأحد موزعي المياه، يعتمد في بيعه على صهريج سعته نحو 30 برميل ماء، حين وصل إلى منزلي فوجئت بأن العامل الذي يسحب خرطوم الماء إلى الخزان عبر ربطه بحبل ورفعه من أعلى بيت الدرج إلى السطح، هو طفل لا يتجاوز عمره 14 عاماً».

يضيف أحمد: «لم أحتمل المشهد، صعدت إلى السطح وسحبت الخرطوم، وبعد تعبئة الخزان حصل تلاسن بيني وبين سائق الصهريج بسبب تشغيله طفلاً في عمل يفتقد كل أشكال الأمان والسلامة»، لكن السائق لم يكترث، وقال بلا مبالاة: «روح اشتكي». أما الطفل فـ«طلب إكراميته».

بدزرها تُعلق الصحافية أفين علو (29 عاماً) على ملف عمالة الأطفال قائلة: «الموضوع خطير جداً، ويحتاج وعياً من الأهل والمدرسة وأرباب العمل، إضافة للوازع الأخلاقي الذي يردع سلوكيات العنف والاستغلال ضد الأطفال». كما تؤكد على «أهمية المبادرات التي تهتم بجوانب التوعية والتدريب على التعامل مع حالات التحرش والاستغلال».

نصف أطفال سوريا خارج المدرسة

تقول إحصاءات منظمة يونيسيف إن نحو 2.4 مليون طفل سوري في سن 5 - 17 عاماً خارج المدرسة، وهو عدد يقارب نصف الأطفال السوريين في سن الدراسة البالغ عددهم 5.5 مليون طفل.

وفي آذار الماضي، مع الذكرى السنوية للنزاع الذي يعصف بالبلاد منذ 13 عاماً شدّدت المديرة الإقليمية لليونيسف، أديل خضر على أهمية «الدعم المستمر من المجتمع الدولي لاستعادة الأنظمة اللازمة لتقديم الخدمات الاجتماعية الأولية الأساسية، مثل التعليم والمياه والصرف الصحي والصحة والتغذية والحماية الاجتماعية وحماية الطفل، وضمان عدم ترك أي طفل في سوريا خلف الركب».

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها

This work by SOT SY is licensed under CC BY-ND 4.0