× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

نساء سوريا والحريّة: لماذا علينا أن نطالب بما هو لنا؟

عقل بارد - على الطاولة 05-01-2025

لماذا علينا دائماً أن نشرح أنفسنا ونعيد الحديث عن بديهيات وجودنا وحقوقنا؟ هل ينبغي أن نمضي حياتنا نقنع شرائح من الرجال بأن ما يعتقدونه عنّا لا يشكل حقيقتنا وليس صحيحاً، وأننا غير مضطرات لنعمل بأحكامهم وقوانينهم الخاصة التي تشكلت نتيجة أفكار مغلوطة ومعتقدات لا تنتمي إلى زمننا هذا؟!

قبل أيامٍ قليلة شاهدتُ نساءً سوريات يرقصن ويغنين ويزغردن والدموع تملأ عيونهن، يحملن صور أبنائهن الذين استُشهدوا في المعتقلات، نساء يسرن بين الجموع وكل واحدة تروي قصة ابنها أو أخيها أو زوجها، نساء خسرن أغلى ما لديهنّ وبقين شامخات يفِضن بالفخر فيما يعصر الحزن قلوبهنّ. شاهدت نساءً شجاعات يقصدن الساحات كلما تطلب الأمر منهن ذلك، بإصرار وقوة ويصرخن «ما لنا هو لنا لن نسمح بأن يؤخذ منا».

نساء ضمّدن الجراح، صنعن الطعام في ظروف قاهرة، تعلّمن وعلّمن، لم تستسلم واحدة من نسائنا، لم يتسلل اليأس إلى قلوبهن، ولا وجد الخوف طريقه إليهن، بل احتفظن بقدرتهن المبهرة على تزيين الحياة رغم قتامتها، وجعل المستحيل ممكناً في هذه البقعة المنهكة من الأرض، قاتلن ظروفاً قاسية، وربّين جيلاً في غياب الرجال، درسن وتخرجن وناضلن، وكان هذا هو التعبير الأمثل عن كينونتهن، فكيف لأحد أن يطلب إقصاءهنّ بحجة هذه الكينونة؟

اعتصامات النساء

«ليس وقته، وهناك ما هو أهم».. العبارة التي طالما ترددت على مدار أربعة عشر عاماً عادت لتتردد أيضاً في التعليق على اعتصامات النساء التي جاء بعضها ردّاً على تصريحات المتحدث المتحدث باسم الإدارة السياسية حينها عبيدة أرناؤوط، الذي اعتبر أن مشاركة المرأة في المرحلة القادمة «تتبع ما تسمح به كينونتها وبيولوجيتها».

ثمة قضايا جديرة بأن تتحول إلى مُسلمات لا يمكن المساس بها، ومنها المساواة في الحقوق والواجبات بين الجميع

هنا تتالت الأصوات التي تقول إن «هناك ما هو أكثر أهمية من مطالب النساء»، وحصل هجوم لفظي شديد على النساء اللواتي خرجن أو تحدثن عن الأمر، وذهبت بعض الأصوات حدّ المناداة بتهميش النساء ورفض وجودهن خارج منازلهن. هذا النكوص المفاجئ وإنكار كل نضالات السوريات في السنوات الماضية، ومحاولات إخراجهن من المشهد العام لنعود إلى النقطة التي بدأت النضال منها، كل ذلك جاء أشبه بصدمة.

ثمة قضايا جديرة بأن تتحول إلى مُسلمات لا يمكن المساس بها، فالمساواة في الحقوق والواجبات بين الجميع مطلب أساسي ليس علينا أن نعدد موجباته بعد كل هذه السنين، ولا يمكن بعد نضال دام سنوات طويلة للتخلص من نظام دكتاتوري أن نصل إلى نتائج لا ترضينا وتتركنا تحت وطأة الخوف على حقوقنا وحرياتنا مرةً أخرى، وأمام حالة قمعية جديدة للمرأة.

نريدها كما حلمنا بها

تتسم هذه المرحلة في سوريا بأنها حساسة بقدر ما هي مفصلية، وتشكل فرصة لنا جميعاً للعمل سعياً إلى الدولة التي نريد. من المهم ألا تقودنا الانفعالات هذا مؤكد، ولكن من جهة أخرى الصمت ليس الحل الأمثل، فالمرحلة تتطلب الحذر بشأن كل خطاب يروج له، ولا يمكن أن تقبل النساء السوريات بعد هذه السنوات الطويلة من النضال بإقصائهن ووضعهن ضمن إطار محدد، ولا أن يصمتن أمام تصريحات تقلل من شأنهن وتظلمهن بذريعة المصلحة العامة. 

ما نسكت عنه اليوم سيكون سبباً في معاناتنا مستقبلاً ببساطة! لماذا علينا دائماً أن نشرح أنفسنا ونعيد الحديث عن بديهيات وجودنا وحقوقنا؟ هل ينبغي أن نمضي حياتنا نقنع شرائح من الرجال بأن ما يعتقدونه عنّا لا يشكل حقيقتنا وليس صحيحاً، وأننا غير مضطرات لنعمل بأحكامهم وقوانينهم الخاصة التي تشكلت نتيجة أفكار مغلوطة ومعتقدات لا تنتمي إلى زمننا هذا؟!

بالقدر الذي يتوجب علينا به الوقوف بجانب كل من ظُلم وهُجر وعانى في هذه السنوات، علينا أيضاً أن ندرك أن هذا الثمن كان من أجل حرية الجميع وتحصيلهم حقوقهم، ثمناً لحرية ومساواة حلمنا بها طويلاً، ونريدها حرية كاملة كما حلمنا بها.

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها

This work by SOT SY is licensed under CC BY-ND 4.0