× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

الخطف لا يرحمُ فقراء إدلب: أمهات ينتظرن الفاجعة

حكاياتنا - خبز 22-06-2020

بعد عام واحد فقط على مقتل ابنها الأول أمام عينيها في ريف إدلب، تنتظر أم سامي هذه الأيام خبر مقتل الثاني بالطريقة ذاتها! السيدة واحدة من عشرات آلاف المفجوعين الذين خسروا أفراداً من عائلاتهم، خطفاً أو اعتقالاً أو تغييباً قسريّاً، في ملف عابر للانتماءات والجغرافيات

الصورة: (khalil ashawi - Flickr)

في قرية صغيرة في ريف إدلب الشمالي، ترتدي أم سامي (اسم مستعار) الزي الأسود، بانتظار الفاجعة الجديدة بابنها الثاني، الذي خطف قبل نحو أسبوعين على يد عصابة طلبت مبلغ 100 ألف دولار فدية له. لا تملك أم سامي المال، ولا يملك أقرباؤها أيضاً هذا المبلغ، قرعت جميع الأبواب التي تعرفها، ولا تعرفها، ولكن من دون جدوى. هكذا، لا تجد الأم أمامها سوى انتظار تكرار سيناريو الفاجعة، إذ سبق للأم الثكلى أن خسرت ابنها الأول قبل عام، وبالطريقة ذاتها.
يوجز أحد أقرباء العائلة تفاصيل الفاجعتين، قائلاً: «في العام الماضي، أقدمت عصابة على خطف الابن الأكبر، وطلبت فدية مالية ضخمة مقابل إطلاق سراحه، لكن العائلة لم تتمكن من تأمين المبلغ، أو حتى جزء منه». ويضيف «بعد أن أيقنت العصابة أنها لن تحصل على أي مال، قام أفرادها برمي سامي أمام منزل والدته، انتظروا اقترابه من الباب، ثم فتحوا عليه النار أمام أهله، فلفظ أنفاسه الأخيرة في حضن والدته التي لم تكن تملك إلا الدعاء على من قتله».


مرة أخرى!
تسببت الحادثة بصدمة كبيرة في العائلة، وبعد مرور بضعة أشهر فكر أفرادها في الخروج من القرية والهرب بعيداً، لكنهم عدلوا عن الفكرة بسبب عدم وجود مال يكفي للنزوح، أو مكان يمكنهم اللجوء إليه، بالإضافة إلى اعتقادهم بأن العصابة لن تعود لتقرع بابهم مرة أخرى لعدم توافر أي مال يغري على تكرار الجريمة.
لكن، قبل قرابة شهر اختفى الابن الثاني. بعد مرور يومين على اختفائه، ورد اتصال هاتفي للعائلة من عصابة أبلغت الأم بأن ابنها محتجز لديها، وأن على العائلة دفع مبلغ 100 ألف دولار، وإلا سيلاقي مصير شقيقه الأكبر.
جاء الخبر صاعقاً للعائلة، ففقدت زوجة المخطوف قدرتها على النطق، وبدأت أم سامي محاولة جديدة بحثاً عن تأمين المبلغ، أو أي جزء منه، ولكن من دون جدوى مرة أخرى. وإذا كان المثل الشعبي يقول «أم القتيل بتنام، وأم المهدد ما بتنام (تعجز عن النوم)» فإن أم سامي جمعت الصفتين، هي أم شاب قتيل بالفعل، وأم لشاب آخر، مخطوف ومهدد، وتُسلم بأن قتله «مسألة وقت»، وأنّ بناته الأربع أصبحن في عداد اليتيمات.
يقول قريب العائلة: «تشعر أم سامي بأنها قتلت ابنها الأول، وأنها ستقتل الثاني لعجزها عن تأمين المبلغ، هذا الشعور ضاعف من سوء حالتها، فأصيبت بأزمة صحية». 
قرعت العائلة أبواب بعض الوجهاء في القرية والقرى المجاورة، بحثاً عن منقذ، إلا أن أياً من الوجهاء لم يتمكن من التدخل في هذه القضية. كان جواب الجميع أن العصابة التي خطفته «لا تخاف الله»، وأن على العائلة أن تدفع المال أو تودع ابنها الثاني. أحد الوجهاء أكد للعائلة أن عليها أن تستعد لمقتل الثاني في جميع الأحوال، فقد قامت إحدى عصابات الخطف قبل فترة بقتل أحد المخطوفين لديها، برغم حصولها على الفدية التي طلبتها من ذوي القتيل!


«ظاهرة» عامة
توقن عائلة أم سامي بأن الجهة الخاطفة هي نفسها التي قامت بالاختطاف الأول، ولا تفهم سبب إصرار هذه العصابة على تكرار خطف أحد أبنائها، وتكرار طلب فدية مالية ضخمة، رغم معرفتها بعدم قدرة العائلة على تأمين هذا المبلغ. يقول قريب العائلة: «لا تملك أم سامي وعائلتها إلا المنزل الذي تعيش فيه، وهو منزل ريفي بسيط».
للوهلة الأولى، يبدو لسامع الخبر أن العائلة مقصودة بالاستهداف المتكرر، لأسباب تتعلق بتصفية حسابات مثلاً. لكن، العائلة لم يسبق لها أن شاركت، على امتداد السنوات الماضية بأي أعمال قتالية، ولم تصطفّ مع أي جهة. 
كذلك، لا يبدو انتماء العائلة إلى قلة باقية من الأقليات في ريف إدلب، سبباً لاستهدافها، إذ تكرر وقوع حوادث مماثلة مع عائلات كثيرة في ريف إدلب، من جميع الملل. ولا يكاد يمر شهر، من دون أن تتداول بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أنباء مشابهة، عن اختطاف رجل هناك، وشاب هنا. ووصل الأمر في كثير من المرات بالخاطفين، حدّ تصوير مقاطع لتعذيب المخطوفين، وإرسالها إلى ذويهم، لتكون دليلاً على جدية نوايا القتل، في حال عدم دفع الفِدى المطلوبة. اللافت أيضاً، أن الحوادث تتكرر في بقع جغرافية مختلفة، بما يعني وجود «جهات خاطفة» عديدة، لا جهة واحدة. 


ضحايا ومجرمون من جميع الأطراف!
يعد ملف الخطف والاختفاء القسري، واحداً من الملفات العابرة للجغرافيا والسيطرات. إذ طاولت مصائبه سوريين في مختلف مناطق السيطرة، ليكون إلى جوار ملف المعتقلين أحد الملفات التي ضلعت فيها جميع الأطراف، بنسب متفاوتة. ومع عدم وجود أرقام دقيقة، تؤكد التقديرات أن عشرات آلاف العائلات السورية من جميع المناطق، قد خسرت أفراداً في هذا السياق. برغم ذلك، لم يجد التوافق على إيجاد حلول لهذا الملف، سبيله إلى طاولات اللاعبين الفاعلين بعد. 


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها