× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

رائحة الدم بين سطور «النبأ»: «داعش» يُصعد خطابه في سوريا

عقل بارد - على الطاولة 26-10-2025

يحلل هذا التقرير تطوراً في خطاب مجلة «النبأ» التابعة لتنظيم «داعش» المتطرف عبر أعدادها (472–508)، ويركّز على استراتيجياتها الإعلامية تجاه الساحة السورية وعمليات الاستقطاب الموجّهة للمقاتلين سابقاً وحالياً، والمخاطر التي قد ينطوي عليها

تنويه: يعتمد التقرير على رصد وتحليل محتوى افتتاحيات مجلة «النبأ»، وهي نشرة أسبوعية يصدرها الجناح الإعلامي لتنظيم «داعش» المتطرف، وتُعد إحدى أدواته الدعائية الأساسية. تُستخدم هنا بغية تحليل الخطاب المتطرف فحسب

بعد انقطاعٍ نسبي عن الاهتمام بالملف السوري، عادت مجلة «النبأ» التي يصدرها الإعلام المركزي لتنظيم «داعش» المتطرف إلى تسليط الضوء على الساحة السورية في أعداد متتالية، بالتزامن مع تحوّلات ميدانية وسياسية بارزة. يكشف تحليل محتوى بعض الأعداد عن مسارٍ متدرّج في الخطاب الدعائي للتنظيم، انتقل من المراقبة إلى التحريض، ومن التوصيف إلى الدعوة المباشرة لإعادة التموضع داخل سوريا.

«ثورة جاهليّة»

في العدد 472 الذي صدر بالتزامن مع معركة حلب قبيل سقوط نظام الأسد بأيام، خصصت المجلة افتتاحيتها لسوريا، بعد عشرات الأعداد التي انصرف اهتمامها إلى دول ومناطق أخرى معظمها في أفريقيا. كانت تلك مقدمةً لاهتمام متزايد، وعودة الساحة السورية لتكون في واجهة «النبأ» في معظم الأعداد، حتى اليوم.

«سوريا الحرة وسوريا الأسد» هذا كان عنوان افتتاحية العدد الذي استأنفت من خلاله المجلة الحديث في الشأن السوري، ونقرأ فيها: «هب أن النظام النصيري سقط الآن، ما هو نظام الحكم الذي ستطبقه الفصائل في "سوريا الحرة"؟ إن قلت الشريعة فأنت لا تعرف الثورة! أو لا تعرف الشريعة! وإن قلت: مجلس انتقالي ودستور وطني فمع من كانت مشكلة الثوار إذن؟ مع عائلة الأسد؟». 

الافتتاحية بدأت بإشارة استفهام عريضة لا تخلو من الدهاء خصوصاً أنها موجهة إلى شرائح «الجهاديين» الذين تستهويهم العبارات الفخمة المتعلقة بتطبيق الشريعة. ويبدو بوضوح أن الهدف من هذه البداية هو ربط تحرك عملية «ردع العدوان» بالعمالة للخارج، انطلاقاً من فكرة أن التحرك الأخير من قبل «الصحوات» على حد تعبير الصحيفة، جاء نتيجة «تولُّد رغبة دولية بإخراج إيران من المشهد السوري».

لا تكتفي الافتتاحية بنعت العملية العسكرية بكونها «بندقية مأجورة للأتراك»، بل تصف الثورة بأنها «ثورة جاهلية تسعى إلى ترسيخ مفهوم الدولة وقطعاً يقصدون بها الدولة المدنية التي حاربوا لأجلها الدولة الإسلامية، إنها ثورة وليست جهاداً في سبيل الله، ثورة تحررية من نظام قمعي يستأثر بالسلطة تحركات العملية بغية الوصول لنظام آخر ديمقراطي يتقاسم السلطة».

محاربة الشرع بـ «الشرع»

تعود الصحيفة في افتتاحية عددها التالي، 473، الصادر عقب سقوط النظام، إلى التعليق على الحدث الأبرز في افتتاحية معنونة بـ«تدجين وتجنيد». في هذه الافتتاحية كان الهجوم كبيراً على قائد عملية «ردع العدوان» أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) الذي اعتبرته الصحيفة «منفذاً لخطط مكافحة الإرهاب» الرامية إلى احتواء وتدجين «جهاديين» سابقين، معتبرة أنّ أبرز مثالين لهذه السياسة الجديدة «دخول حكومتي طالبان الأفغانية والإنقاذ السورية إلى القصور الرئاسية تنفيذاً لمصالح "النظام الدولي الكفري»، ومؤكدة أنّ «ما حدث عملية إبدال مدروسة للنظام النصيري بنظام جديد يحارب الشرع بـ الشرع!». 

يتكرّر اللعب على الألفاظ - الذي تجيده الصحيفة بجدارة - في افتتاحية العدد 474 بعنوان «صيدنايا والنفاق العالمي»، وتستغرب عبرها الصحيفة من «التغطيات الكبيرة لسجن صيدنايا بينما توجد سجون عديدة لا تحظى بأي اهتمام»، وتضرب أمثلة: «سجن الهول الذي تتنافس الميليشيات الكردية والثورية والتركية على التقرب إلى الصليبيين بإمساك ملفهم وشد وثاقهم»، و«أفرع سجن صيدنايا التي تملأ العراق حيث يتعرض فيها أسرى المسلمين لأبشع صور التعذيب والقتل البطيء على أيدي الرافضة الذين صار "عديم الشرع" حارساً لمعابدهم، مؤاخياً لحكومتهم الرافضية الموقرة في سوريا الحرة، تماماً كما كان عليه الحال في سوريا الأسد!».

«الطاغوت السوري» 

في أعدادها التالية غابت سوريا عن افتتاحيات الصحيفة باستثناء التغطيات الميدانية لعمليات خلايا التنظيم المتطرف، وصولاً إلى العدد 486 الذي حملت افتتاحيته عنوان «نسف الأقلية والطائفية» تعليقاً على الأحداث الدموية في الساحل السوري، إذ «بددت المعارك الدامية فيه بين شبيحة النظام السابق والحالي شعارات العيش المشترك والسلم الأهلي والوحدة الوطنية التي صدعوا رؤوسنا بها وأرادوها دستوراً لتنظيم العلاقات بعيداً عن الإسلام» واللافت هنا هو وصف الرئيس الانتقالي أحمد الشرع  بـ«الطاغوت السوري» وهو مصطلح يعني الكثير في أدبيات التنظيم الذي يرفع شعار «محاربة الطواغيت».

في إحدى افتتاحياتها تصف النبأ ما شهدته سوريا بأنه «عملية إبدال مدروسة للنظام النصيري بنظام جديد يحارب الشرع بـ الشرع!» 

وصفت الافتتاحية الجيش الجديد بـ«المرتد الهجين» والرئيس الانتقالي بـ«عدو الشرع»، مؤكدةً أنه «بدّل دينه واتبع هواه وصار دمية النظام الدولي الذي منحه صفة رئيس مؤقت ريثما يكتمل ترتيب المنطقة وتقسيمها». كما علقت على الإعلان الدستوري الصادر في حينها بأنه «كفري»، وعلى وصف الصراع الحاصل في الساحل بالطائفي بأنه «مصطلح جاهلي تسلل إلى المحيط السني من المواثيق الدولية وكتب السير الإخوانية المحرّفة، وهو يخالف ملة إبراهيم التي تقوم على البراءة من كل طوائف الكفر».

رسائل مبطنة

افتتاحية العدد 488 المعنونة بـ«الجولاني بين جدارين» كانت مخصصة للحديث عن «الجار اليهودي» الذي سرعان «ما اصطدمت الإدارة الجديدة به»، خاصة وأنه «لا يمكنه النظر للجهاديين الناكصين من نفس زاوية الأمريكيين والأوربيين الذين يتوسعون في هذا الباب احتواءً وتدجيناً وتجنيداً».

حملت الافتتاحية بين طياتها تهديداً مبطناً، يسير في اتجاهين: نحو «اليهود الذين لن يبقى مستقبل العلاقة معهم محكوماً بالثورات الجاهلية ولا أنظمتها الدستورية، بل إن كل الأحداث تدفع باتجاه المواجهة الحتمية مع دويلة اليهود التي بدأت تتوغل أكثر وأكثر في عقر دار المؤمنين». ونحو الحكومة السورية التي «لن تكون المواجهة مع اليهود من خلالها كونها نابعة من ظلال الطاغوت ودساتيره». وهذه إشارة واضحة إلى أن التنظيم يستعد لعرقلة أي تفاهم أمني محتمل بين دمشق وتل أبيب.

فيما حملت افتتاحية العدد 495 عنوان «على عتبة ترامب»، مع صورة للمصافحة الشهيرة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والرئيس الانتقالي أحمد الشرع. ومن أخطر ما تضمنته الافتتاحية مخاطبة المقاتلين الأجانب في صفوف «الهيئة»، ودعوتهم إلى «التوبة» والالتحاق بخلايا التنظيم التي «تنتشر في الأرياف والأطراف». 

«هيئة الردة»

رغم أن افتتاحية العدد 508 الذي صدر في أواخر تموز/يوليو الماضي خلت من الإشارة إلى سوريا، فقد خُصص نصف الصفحة الخامسة من العدد لمخاطبة الحكومة السورية و«هيئة تحرير الشام»، بتعابير ومصطلحات هجوميّة لاذعة مثل «هيئة الردة والدياثة». وجاء في الخطاب الموجه للحكومة على لسان أحد مشايخ التنظيم المدعو أبو حذيفة الانصاري: «لقد بلغتم من الخسة والعمالة مبلغاً لم يسبقكم إليه أحد، وغدوتم شركة أمنية تتجسس على المسلمين وتقدم خدماتها الأمنية لكل الراغبين، ولهذا أبقاكم الصليبيون وكفوا أيديهم عنكم وأغمضت مُسيراتهم عيونها عن قادتكم، فلقد صرتم لهم عيوناً تتجسس، وأيادي غدرٍ تتحسس، ولم يعد بخافٍ على أحد أمركم، فلقد بعتم الدين بالدنيا والآخرة بالفانية، فبئس البائع والمشتري، وشتان شتان بين صفقتكم وصفقة المؤمنين المستبشرين ببيعهم، وعاجلاً أو آجلاً ستلقون مغبة ما صنعتم، فإن لم يكن على أيدي أسيادكم بعد انتهاء صلاحيتكم، فهو إن شاء الله على أيدي المؤمنين، ومصيركم إلى مزابل التاريخ أذلة حقراء تلفكم الحسرات وتشيعكم اللعنات». 

بروباغندا «جهادية»

تعكس افتتاحيات المجلة نمطاً من الخطاب الدعائي، يسعى إلى استغلال الفوضى والانقسامات لترويج رواية تُبرر العنف وتعزز الاستقطاب. ومع التزايد الملحوظ للاهتمام بتطورات الساحة السورية، تُعد إمكانية زيادة نشاط خلايا منتشرة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الانتقالية في دمشق احتمالاً قائماً، خاصةً إذا تزامن مع قدرات لوجستية معلَنة أو تواصل خارجي

صحيفة_النبأ تنظيم_داعش_المتطرف

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها

مقالات رائجة

This work by SOT SY is licensed under CC BY-ND 4.0