× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

كيف تصبح عضواً في مجلس الشعب السوري

حكاياتنا - خبز 20-07-2020

لن تكتمل الدائرة إذا يا عزيزي المرشح. سينقصها الكثير من النقاط، التي تضيع بين فساد وولاء. لا رغبة لدى معظمنا - نحن السوريين - في المشاركة. لا تعنينا، ولا يهمنا من سيربح ومن سيخسر.

«معاً نكمل الدائرة». تحمل إحدى اللوحات الإعلانية لانتخابات مجلس الشعب في دمشق هذا الشعار، فأندفع – لا إرادياً – إلى التفكير به من وجهات نظر متعددة: فما هي الدائرة المقصودة بالضبط؟ 
قد تكون مسيرة هذا المرشح منذ طفولته، مروراً بشبابه، وحتى اللحظة التي قرر فيها دخول الدائرة، ليكمل شيئاً يعتقد أنه ناقص. أو يمكننا القول من وجهة نظر أكثر عمقاً، وبعيدة عن تفكير المرشحين في مستقبلهم: إنها الدائرة التي ما زلنا ندور فيها من دون جدوى، وبلا أي نتيجة مرجوة. الدائرة ذاتها التي يكرس بعض الأشخاص حياتهم ليصلوا إليها، عبر سلسلة طويلة من الانتماءات والولاءات. 
هي أيضاً، الدائرة نفسها التي تجعل من السوريين شعباً مسلوب الإمكانات الاقتصادية والمعيشية، التي يفترض أن توفرها دولتهم. شعباً «ممثلاً» في هذا المجلس بأشخاص هم نظريّاً «صوت الشعب»، وطريقه للحصول على حقوقه. لكن؛ يبدو جليّاً أن الصوت مبحوح، ولا صدى له.

كيف تبدأ طريقك إلى المجلس
عندما تسمع بانتخابات برلمانية شرعية في أي دولة حول العالم، قد تخطر في بالك مواصفات كثيرة يمتلكها المرشحون، شخصية أو حزبية، قبل أن يتجرّؤوا على التفكير بترشيح أنفسهم، سواء كانوا ممثلين لأحزاب أو مستقلين. في سوريا الأمر يختلف كلياً في الحالتين، فلكي تكون قادراً على ترشيح نفسك لعضوية المجلس و«الفوز بها»، يجب أن تتوافر فيك مجموعة شروط يصعب تحقيقها، إلا على مجموعة من الأفراد الذين ولدوا بـ«انتماء» واضح و«ولاء» مضمون.
استيفاء بعض الشروط، مثل خبرات مهنية أو شهادات علمية، أو معرفة بأوضاع الشارع وحاجاته، وقوانين ينبغي العمل على تعديلها، وسوى ذلك، هي أشياء «ثانوية» لن تحتاجها عند ترشحك لعضوية مجلس الشعب السوري. عليك أن تفكر بأشياء أخرى أكثر أهمية: كأن تكون بعثيّاً منذ نعومة أظفارك، حافظاً شعارات الحزب وأناشيده، والأفضل لو كنت عضواً في إحدى هيئاته الإدارية في الجامعة. بعبارة أوضح: يمكنك بدء مشوارك الانتخابي، بعد معرفتك الضليعة بكل مسارب الحزب وهيكليته وطرائق عمله، فحظوظك في هذه الحالة أعلى من غيرك، خاصة أن معظم مقاعد المجلس تذهب إلى البعث، فيما يذهب جزء صغير إلى باقي «أحزاب الجبهة».

ما السبب الذي يدفعهم للترشح إلى هذا المجلس ودفع الأموال لنيل عضويته؟ ما سر هذا الطموح؟ 

يأتي المستقلون في المرتبة الثانية. حين تجوب شوارع دمشق في هذه الأيام أكثر ما سيلفتك اللوحات الإعلانية لـ«رجال الأعمال»، فأموالهم تسمح لهم بأن يدفعوا بسخاء على حملاتهم الانتخابية. هؤلاء؛ يتمتعون بشبكة من العلاقات لا يستهان بها، تخولهم الفوز مع شهادات «حسن سلوك» من «القيادة». تتميز شعاراتهم بأنها متحيزة، فالتاجر يرفع شعار «التجارة هي المستقبل»، والصناعي يرفع شعاراً مفاده أن «بناء سوريا (يكون) بالصناعة وحدها»، وهكذا. كلٌّ يزعم أن مجال تخصصه هو وسيلة البلد الوحيدة للنهوض. 
إن سألت معظم (كي لا نقول كل) المرشحين عن أوضاع الشارع، أمطرك بوابل من الشعارات والكلمات المنمقة، لا يكاد شيء منها يصيب صلب الموضوع، أو يقترب من حقيقة ما يحتاجه الشعب.

هم لا يمثلوننا بكل تأكيد، هم يمثلون مصالحهم في الحصول على العضوية ونيل الحصانة التي تضمن تجارتهم وأعمالهم، والتمتع بشبكة أوسع من العلاقات التي تضمن سير خططهم المستقبلية.

أما إذا وصل أحد مهتم بالعمل لمصلحة ناخبيه بالفعل، فمن شبه المؤكد أنه لن يستطيع تغيير شيء، فكل ما يقال تحت القبة إما أنه يُملى على قائله، أو أنه لا يؤخذ بعين الاعتبار. لم يعد هذا خافياً على أحد، ولهذا بات طبيعياً أن يطلق كثير من السوريين (بمن فيهم المؤيدون) على المجلس تسميات من قبيل «مجلس الدمى»، و«مجلس التصفيق».

كيف تحصل على أصوات أكثر
منذ بدأ موعد الانتخابات يقترب، انشغل كثير من الشباب السوري بالتساؤل حول الصناديق الانتخابية: كم عددها في هذه المحافظة وتلك المدينة؟ أين ستكون؟ ومن هم المرشحون في هذه الدائرة أو تلك؟ طبعاً، هذا ليس نابعاً من حماس للعملية الانتخابية، بل من أمل في تحقيق استفادة ما من هذا «العرس الديمقراطي». فالمعروف أن المرشحين الميسورين يجندون عدداً كبيراً من الشباب بصفة «وكلاء»، للحصول على أصوات أكثر، مقابل مبالغ مادي تختلف بين مرشح وآخر. 

ما الذي يجعل أحدهم يسرع للترشح للانتخابات؟
هذا الاندفاع المحموم، والشعارات التي تملأ الشوارع، والخيم والندوات والخطابات التي يتسابق المرشحون فيها، تجبرك على التساؤل: ما هدفهم؟ ما السبب الذي يدفعهم للترشح إلى هذا المجلس ودفع الأموال لنيل عضويته؟ ما سر هذا الطموح؟ الإجابات ليست صادمة للسوريين طبعاً، بل هي بديهية، وليس من بينها شيء يرتبط بالمصلحة العامة. 
لن تكتمل الدائرة إذا يا عزيزي المرشح. سينقصها الكثير من النقاط، التي تضيع بين فساد وولاء. لا رغبة لدى معظمنا - نحن السوريين - في المشاركة بهذه الانتخابات. لا تعنينا ولا يهمنا من سيربح ومن سيخسر. (المحررة: نحن نخسر طبعاً، كالعادة). الجميع منهمك في التفكير بقوت أيامه القادمة. 
إنها انتخابات أخرى على مقاسهم. نتمنى أن تنتهي بسرعة. 


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها