× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

مارك زوكربيرغ ومجلس الشعب السوري: قصة حقيقية!

حكاياتنا - حشيش 21-07-2020

.هناك «طقس» يجب اتّباعه كي لا نخسر سمعتنا الديمقراطية، فنحن أول بلد في العالم العربي جرت فيه انتخابات حرة ونزيهة، ونحن سبقنا فرنسا في إقرار حق التصويت للمرأة المتعلمة، ونحن أول من اخترع نظام الغرفة السرية في الانتخابات، ولم يعد متاحاً ﻷي شخص التطفل عليك وأنت تنتخب قائمة الجبهة

الصورة: (عمر العبدلات - كارتون موفمينت)

انتهت أخيراً «حفلة» الانتخابات النيابية في سوريا. 
جارتنا التي سلّموها صندوقاً انتخابياً شفافاً، مع خمسمائة ليرة، كانت قد دعتني للمشاركة في العرس الديمقراطي. وﻷنني ما أزال عازبة وأنتظر العريس، والأعراس فرصة لتصيد العرسان، أقصد أمهات العرسان، فرحتُ بدعوتها ولم أخبرها بأنني لا يحق لي التصويت. 
قلت لها: «لقد كان لي قريب في المجلس أيام زمان»، اﻷمر الذي أغاظها وجعلها تندم على دعوتي، فوجود قريب في المجلس يعني وجود واسطة ولو كانت مجرد كرسي عتيق. 
تعرفون طبعاً أن الانتخابات الأخيرة، شهدت أولى مشاركات السيد كورونا، الذي يتوقع أن يحصد أرقاماً جيدة في عدد كبير من المراكز الانتخابية المجهّزة بما يلزم لحضوره، ولانتشاره بين جمهور الناخبين الذين يحبون اﻷحضان والقبلات على الكتفين، والخدود، والشوارب.
خذوها مني، أؤكد لكم أن الكمامات سوف تساعد في زيادة عدد أصوات كورونا الانتخابية، فهناك من سيؤجّر الكمامة مقابل خمسين أو مئة ليرة، بدلاً من تعذيب المواطن بشرائها بثلاثمائة ليرة. هذا يا جماعة ليس خيالاً، هذا ما شاهدته بأم عيني على أبواب بعض مؤسسات الدولة الميمونة، في دمشق وطرطوس.
كذلك، كان قيصر مشاركاً هو اﻵخر، رغم أنه ليس مدعواً مباشرةً، بحكم أن لديه سجلاً جنائياً، وهو محكوم وموصوم، مثلي تماماً. لكن الوضع لا يتحمّل اﻵن التدقيق في توافه اﻷمور، فقيصر الذي يقف ضده مرشحون كثر، احتل على اﻷقل نصف صفحات شغلاتهم الانتخابية (المحررة: اسمها بيانات يا رصينة خانم) التي لن تقدم ولن تؤخر، ولن تفعل سوى تعذيب عمال النظافة والبلدية بمزيد من الجهد ﻹزالتها. 
كلاهما، أي كورونا وقيصر، ليسا على قائمة الجبهة (المحررة: بات اسمها قائمة الوحدة الوطنية يا زميلة). هما مستقلان تماماً عنها، وعن بقية اﻷحزاب التي تدعونا إلى المشاركة تعزيزاً لصمودنا، كما أنهما ليسا من رجال اﻷعمال، بل هما أقرب إلى باقي فئات الشعب التي تعيش صامدةً لوحدها، نكايةً باﻹمبريالية وعروشها، ونكايةً بالمؤامرات الكونية الكثيرة عليها. 
رغم كل الظروف والضغوط، وأبسطها قطع التيار الكهربائي في عز الظهيرة، فإن العجلة البرلمانية لم تتوقف عن الدوران، حتى ولو ظننتم أنها مثقوبة. في النهاية هناك «طقس» يجب اتّباعه كي لا نخسر سمعتنا الديمقراطية، فنحن أول بلد في العالم العربي جرت فيه انتخابات حرة ونزيهة أخت نزيه، ونحن سبقنا فرنسا في إقرار حق التصويت للمرأة المتعلمة، ونحن أول من اخترع نظام الغرفة السرية في الانتخابات، ولم يعد متاحاً ﻷي شخص التطفل عليك وأنت تنتخب قائمة الجبهة، أو أي مرشح آخر لا تعرفه ولا سبق لك أن سمعت به، أو حتى لو كنت لا تتقن الكتابة من أصله.

في الخمسينيات، سرق «البعث» من «الشعب» عشرين مقعداً في مجلس النواب، عبر تحالفاته مع اﻹقطاع الذي يحاربه نظرياً، ويتحالف معه عملياً

مما ذكره لي قريبي عن انتخابات 1954 أنها كانت نهفة الانتخابات في العالم العربي. جرت في أجواء من الحياد الذي كنا نسمع عنه في بلاد اﻹفرنج فقط، وشاركت فيها كل اﻷحزاب السورية، الصغيرة والكبيرة، ولم يتخلّف أحد ممن يحق لهم المشاركة عن الحضور. وفي دمشق وحلب واللاذقية حدثت طرائف نقلتها الصحف والمجلات بكل رحابة صدر، حتى أن سليم اللوزي مراسل مجلة الاثنين والدنيا كتب: «لقد اتسمت الدعاية الانتخابية للمرشحين بالطابع الأميركي، فكانت صور المرشحين تغطي جدران العاصمة السورية، وكانت الأسماء تضاء بأنوار النيون، ومكبرات الصوت تذكّر الناس ليلاً ونهاراً بمرشح العقيدة أو مرشح الوطنية أو مرشح النزاهة والنظافة والصيت الحسن، إلخ..».
كان قريبي مرشحاً عن حزب الشعب، ذي التاريخ العريق، ولكن الحزب بدأ يخسر حضوره في الشارع مع انتشار سوسة اﻷحزاب العقائدية والأيديولوجية بأنواعها في الخمسينيات، مثل «البعث» الذي سرق من «الشعب»، (هكذا قال قريبي بالحرف) عشرين مقعداً في مجلس النواب، عبر تحالفاته مع اﻹقطاع الذي يحاربه نظرياً، ويتحالف معه عملياً كما جرى في حماة.
وﻷن قريبي كان «بخيلاً» ولم يصرف على الانتخابات مثلما فعل نظراؤه فقد كان معرّضاً للخسارة. أحد المرشحين (لن نذكر لكم اسمه) وكي يستميل المرشحين والناخبين، صرف عشرين ألف ليرة ثمن أراكيل وقهوة و«زمباكولا»، فالكوكا كولا ممنوعة في سوريا. 
مرشح آخر، كان لطيفاً وجنتلمان، ابتكر طريقة أجمل، فقد وزّع بطاقات عليها اسمه معطرة برائحة عطر البنفسج المشهور باسم «افتكرني»!! يقبرني شو جنتل!
ذلك المرشح نفسه، عقدت جماعة الإخوان المسلمين في دمشق من أجله اجتماعاً في الجامع الأموي، وشن خطباؤها ضده هجوماً شخصياً، فقالوا في حياته الخاصة كلمات جريئة، منها أنه كان غير قادر على إنجاب الأولاد فتبنى بنتاً. المفارقة الجميلة، أن ذلك كان سبباً في انتصار جميع الهيئات النسائية لصالحه، نكاية بكل اﻷحزاب والشخصيات، فكسب صاحبنا ثمانية آلاف صوت هي مجموع أصوات النساء المثقفات في العاصمة السورية، وهكذا خدم الإخوان المرشح اللطيف بدلاً من أن يسيئوا إليه! 

على سيرة المثقفات، كانت تلك الانتخابات الأولى التي تشارك فيها المرأة السورية، وقد لعبت دوراً مميزاً فيها، برغم أن حق التصويت اقتصر على المرأة المتعلمة التي تحمل الشهادة الابتدائية على الأقل. كانت الجمعيات النسائية، وعلى رأسها الاتحاد النسائي (المحررة: نعم، نعم هو نفسه الذي حلوه من كم سنة)، تشرف على عمليات الاقتراع في المراكز المخصصة للنساء، وكانت كلمة السر هي «لا تنتخبن أي مرشح رجعي، فلا تأييد لمرشح لا يؤيد حقوق المرأة».
في تلك الانتخابات، شهدت «مدرسة التجهيز» التي خُصصت لمراكز اقتراع السيدات، خناقة من العيار الثقيل بين آنستين، انتهت بشد الشعر وتمزيق الثياب والشقلبة فوق بلاط المدرسة. تبيّن أن سبب الخناقة هو أن إحدى الآنسات، وكانت من الحزب السوري القومي الاجتماعي، قالت لآنسة من الحزب الشيوعي إن «خالد بكداش دمه ثقيل»!! فكانت تلك العلقة المذكورة علامةً فاصلةً في الانتخابات. على أن بكداش، الذي لم يكن ثقيل الدم حقيقةً، نجح في تلك الانتخابات، ليكون أول شيوعي منتخب في برلمان سوريا. لاحقاً ورثت السيدة وصال ـ زوجته ـ المقعد، وسلمته من ثم لابنهما.
الخلاصة أن قريبي فشل في تلك الانتخابات، وأنا محرومة من حق الانتخاب، وجارتي عرفت أنني ممنوعة من التصويت، فجاءت بقائمة الجبهة (المحررة: قلنا صار اسمها الوحدة الوطنية) بكاملها، وألصقتها فوق باب بيتي.


كان عليّ أن أجد خاتمة لطيفة لهذا المقال، فهو مقال ساخر. وزميلتنا المحررة، رفضت كذا خاتمة اقترحتها، بحجة أن «دمها ثقيل». لحسن الحظ أن الزمن صار زمن عمل «أون لاين»، وإلا لكنا نتبادل شد الشعر الآن.
المهم، سأسرق حكاية أخبرتني بها زميلتنا محررة «السوشال ميديا» في الموقع، لتكون قفلة مناسبة. قبل يومين، قالت الزميلة إن «فايسبوك» رفض السماح لها بترويج مقال منشور على موقعنا، هو عبارة عن إنفوغرافيك يعرض تاريخ البرلمان السوري. أما سبب الرفض فأن «فايسبوك» لا يتدخل في الانتخابات. مارك يا ابن الزوكربيرغ بشرفك مصدق إنها انتخابات يا زلمة!


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها