× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

في انتظار الدكتاتور!

حكاياتنا - حشيش 15-09-2020

يقف بهدوء، أنزل من السيارة وأخرج محفظتي من جيبي الخلفي، يمد السائق يده إلى الباب ويغلقه قائلاً «لا والله ما بتدفع ولا فرنك، هاد أقل من واجبنا، ابن خالتي بالأمن وبعرف رواتبكن، الله يكون بعونكن

الصورة: (Faruk Soyarat)

ينفث سائق «التاكسي» دخان سيجارته التي يبقيها معلقة بين شفتيه نصف المطبقتين، ويتمتم غاضباً «مارح نصير إلا إذا تعلقت المشانق». يعدّل كمامته المتدليّة على ذقنه بعد أن تحركت قليلاً إلى الأعلى، ويضيف «ست ساعات واقفين على دور البنزين بهالشوب، وقدام عيوننا عميدخلوا سيارات مفيمة من الطرف التاني من الكازية يعبو ويمشو، ومافيه الواحد يحكي ولا كلمة».
يخفض صوت الراديو الذي ارتفع من دون سابق إنذار بسبب مطب مفاجئ، ويواصل لعب دور الراديو «قريت من يومين على فايسبوك إنو رئيس كوريا الشمالية قرر يعدم أستاذ مدرسة تأخر عن الدوام 8 دقايق». يحاول أن يعرف وقع كلامه على ملامحي، قبل أن يضيف «مو بس الأستاذ، كمان عدم مدير المدرسة لأنو طلع الأستاذ متأخر من أسبوعين 4 دقايق والمدير ما عاقبو». 
يخفض سرعة السيارة قليلاً، يلتفت إليّ ويصرخ «نحنا بدنا هيك واحد، يعلق المشانق، غير هيك هالشعب مارح يصير».

(المحررة: مساكين نحن، الله ما أنعم علينا بدكتاتور.. خخخخ).

كان الطريق مكتظاً بالسيارات ساعة الظهيرة، أمسكت هاتفي لأضيّع بعض الوقت على السوشال ميديا، فظهر لي تصريح وزير التربية الذي يمجّد ذكاء الأطفال في تعاملهم مع فايروس «كورونا» وتفوقوهم على الأطباء، ثم يتبعه فيديو آخر لطفلتين ترتديان زي طلائع البعث البرتقالي، وتشرحان باللغة العربية الفصحى المقرونة بإيماءات تعبيريّة طرق الاستعداد للمدرسة في ظل هذا الوباء.
يسترق السائق النظر إلى هاتفي، ويقول ساخراً «المدارس خربت وقت لغوا دروس الفتوة والعسكرية فيها، طلع هالجيل المايع، قبل كان الطلاب يروحوا ع المدرسة كأنهم رايحين على معسكر صاعقة، هيك المدارس بتطالع رجال مو متل جيل الفيسبوك هلق». (المحررة: منبطحاً يا فرات.. منبطحاً!)

تمر السيارة فوق مطب آخر، فيرتفع صوت الراديو. مذيع يقرأ نشرة الأخبار، ويذكر خلال حديثه غير المفهوم - بسبب الإشارة المتقطعة للراديو - عبارة «اللجنة الدستورية». يخفض السائق صوت المذياع مرة أخرى ويقول «بلا لجنة دستورية بلا بطيخ، أصلاً ما بيلبقلنا لا حرية ولا حكي فاضي. بدنا حدا يجي معو عصاية ويبلش بالعالم، لأنو نحن شعب ما بينعطا وش. لسا واحد عاملي إمارة بإدلب والتاني مقعد الأميركان بحضنو، والتالت عاطي روسيا وإيران نص البلد». (المحررة: تاتاتاتامممم).

يتوقف عن كلامه لحظات، قبل أن يستدرك «هو صحيح روسيا وإيران عم يساعدونا، بس مشكلتنا الأساسية الفساد. بس تتعلق المشانق كل شي بيتصلح. أساساً لو من أول الأحداث انضبوا هالكم واحد يلي عملوا بلبلة وكان الضرب بيد من حديد متل ما بيقولوا ما كنا وصلنا لهون». (المحررة: طبعاً ما كنا وصلنا لهون، ما كان بقي حدا ليوصل! ع أساس ضربوا بإيد حرير يعني!!)

يثير صمتي حيرة السائق، فيكرر النظر إليّ ويتفحصني بارتباك وريبة، أعاجله بالقول «نزلني عند التقاطع». 
يقف بهدوء، أنزل من السيارة وأخرج محفظتي من جيبي الخلفي، يمد السائق يده إلى الباب ويغلقه قائلاً «لا والله ما بتدفع ولا فرنك، هاد أقل من واجبنا، ابن خالتي بالأمن وبعرف رواتبكن، الله يكون بعونكن، وبعرف قديش عم تتعبو كرمال هالبلد». ثم ينطلق بسيارته مسرعاً قبل أن أتمكن من التفوه بأية كلمة.
حسناً، يا صاحب التاكسي الـ«سابا»، أريد أن أخبرك أنني لست عنصر أمن، كل ما في الأمر أن ضرسي كان يؤلمني، إلى درجة لم أكن أستطيع معها الحديث، ويبدو أن الكمامة التي كنت أرتديها أخفت عنك تورم خدي.
لمحررة: وأحلى إبرة بنج يا زميل / ة فرات)


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها