× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

«تهمة» الجواز السوري: مشكوك بك ولو ثبتت براءتك!

حكاياتنا - خبز 17-09-2020

هكذا، وببساط، لا يرى العالم الذي يصف نفسه بالمتحضر أي حرج في التفريق بين جوازات الدول، ويعاني حملة بعض الجنسيات، لا لشيء سوى أن البعض ممن يلعبون السياسة قرر أن يعاقب هذا الشعب أو ذاك، ويطلق عليه الأحكام المسبقة، فهو «متهم حتى وإن ثبت العكس».

الصورة: (Canadian Army - فليكر)

«انتظروا، انتظروا، لا تكملوا تعبئة الاستمارة، قد لا تتمكنون من صعود الطائرة»، يقول موظف شركة الطيران التركية، لثلاثة من الطلاب السوريين سلموه جوازاتهم، وهمّوا بتعبئة «الفورم» الذي تطلبه السلطات اللبنانية من قاصدي مطار بيروت. 
حدث ذلك في مطار عاصمة أوروبية، قبيل ساعات من موعد الرحلة التي كان من المفترض أن تقلّ الطلاب الثلاثة إلى بيروت مروراً بتركيا (ترانزيت). 
«ما المشكلة»؟ يسأل أحد الطلاب السوريين، ويضيف «لدينا إقامات أوروبية، ومعنا نتائج اختبارات كورونا سلبية، وهذا كل ما تطلبه السلطات اللبنانية للدخول إلى أراضيها».
لا يعير الموظف انتباهاً لما يقوله الطلاب، بل يركز انتباهه على هاتفه الخلوي، بعد أن أرسل إلى المكتب الرئيسي لخطوط الطيران، مستفسراً عن إمكانية السماح للسوريين بالصعود، ليأتي الجواب بالنفي القاطع.
يبدأ النقاش الطويل، لينتهي بعد ساعتين، وعلامات الحسرة تهيمن على الطلاب الثلاثة اللذين لم يوفروا وسيلة لإقناع الموظف، ومع أنه بدا متعاطفاً معهم - ربما بسبب كونه مصري الأصل - لكنه أصر على «تنفيذ قانون الشركة». 
لاحقاً، عرف الطلاب - بعد فوات الأوان - أن تلك الشركة هي الوحيدة التي تشترط حيازة إقامات لبنانية كي تسمح للسوريين بالوصول إلى لبنان. 

ورغم أن أحد موظفي الأمن العام اللبناني، كان قد أكد للطلاب أن إقاماتهم الأوروبية تخوّلهم دخول لبنان، والبقاء فيه مدة أسبوعين، شريطة وجود «اختبارات كورونا» (pcr) سلبية النتائج، فإنّ «قوانين» شركة الطيران هي التي طُبّقت في نهاية المطاف. 

لم تشفع للطالبةالسورية بطاقة إقامتها الأوروبية، بل تحول الأمر إلى شكوك واستجواب حول مصدر الأموال، والطريقة التي ستصرفها بها

في المحصلة، خسر كلّ من الطلاب مبلغاً يتجاوز 400 دولار، في حين أن الدخل الشهري لواحدهم يبلغ 140 دولاراً، فهم كانوا قد  حجزوا بطاقاتهم «أون لاين»، ومن دون يعلمهم أحد أثناء الحجز بتلك الشروط الخاصة.

«لو كنا لاجئين بشي دولة أوروبية، كانوا بيعطونا جواز سفر يعادل بقوته الجواز الأصلي للدولة التي نلجأ فيها، وما عاد حدا يتجرأ يدقق علينا»، يقول أحد الطلاب لرفيقيه، فيما يهيمن القهر عليهم جميعاً، وهم يسمعون الإعلان عن قرب إقلاع الرحلة التي كان يُفترض أن تكون وسيلتهم للذهاب إلى سوريا، حيث يترك أحدهما ولدين صغيرين، وآخر والدين كبيري السن. 

بين الداخل والخارج

من البديهي القول إن معاناة السوريين داخل البلاد قد فاقت كل تصور، بما لا يقارن مع أي معاناة غيرها، مع فقدان المقومات الأساسية للعيش بكرامة، ما قد يجعل الحديث عن أي معاناة أخرى في الخارج نوعاً من الترف. لكنك لا تستطيع منع نفسك من تجرع مختلف أنواع القهر وأنت تشاهد أقرانك من دول عربية مجاورة، يتدبرون أمورهم بسهولة ويسر خارج بلادهم. وكأنما لم يكن ينقص السوريين سوى «أزمة كورونا» لتكتمل فصول معاناتهم في تنقلاتهم وسفرهم بين البلدان، خاصة أنهم لا يستطيعون السفر مباشرة إلى مطارات سوريا، سوى من بعض الدول العربية، وعدد قليل من الدول التي لم تفرض عقوباتها على الطيران السوري، فضلاً عن امتناع عدد من الشركات الأوربية عن توظيف السوريين، تنفيذاً للعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

(المحررة: من أشد المفارقات قسوة، أن كثيراً من السوريين هنا وهناك، صاروا يتحرجون من الحديث عن معاناتهم من دون استباق حديثهم بقائمة من المبررات والاعتذارات!)


«التهمة»!
«from syria»؟ تسأل الموظفة في مكتب التحويلات المالية الطالبة السورية التي جاءت كي تقبض تحويلاً مالياً، أرسلته إحدى صديقاتها في الولايات المتحدة، بينما لا تزال تدقق في جواز السفر.

لم تشفع للطالبة إقامتها الأوروبية، بل تحول الأمر إلى شكوك واستجواب حول مصدر الأموال، والطريقة التي ستصرفها بها، لتنتهي القصة بعد أيام من التدقيق والتحقق من مصدر الأموال، وأوراق الطالبة الثبوتية التي تؤكد وضعها القانوني في البلد. فيما اضطر طالب آخر أن يطلب من صديقه تخفيض قيمة التحويل المالي، إلى مبلغ ضئيل لا يجعله موضعاً لشبهات مماثلة. 

لشهور طويلة، حاول فادي فتح حساب مصرفي في إحدى الدول الأوروبية. ليست لدى الشاب وثائق لجوء، فهو ليس موجوداً في أوروبا بهذا القصد. دخل الشاب بصورة نظاميّة، إذ يحمل «فيزا تشنغن» طويلة الأمد، وقرّر التسجيل في مدرسة رسمية لتعلم لغة ذلك البلد. تتيح القوانين له هذا الأمر، وتتطلب في الوقت نفسه حصوله على تأمين صحي محلّي (غير التأمين الخاص بالسفر) وحساب مصرفي. لكن، كل زيارات الشاب إلى المصارف كانت تنتهي نهاية سلبية، بعد أن يتبين موظفو البنك أن جنسيته سوريّة. المفارقة، أن أحد الحلول المتاحة أمام الشاب قيامه ببساطة بطلب اللجوء، ما يخوّله لاحقاً فتح حساب مصرفي، وإن ظلّ هذا الحساب «مشبوهاً».

هكذا، وببساط، لا يرى العالم الذي يصف نفسه بالمتحضر أي حرج في التفريق بين جوازات الدول، ويعاني حملة بعض الجنسيات، لا لشيء سوى أن البعض ممن يلعبون السياسة قرر أن يعاقب هذا الشعب أو ذاك، ويطلق عليه الأحكام المسبقة، فهو «متهم، (وشبه مدان) حتى وإن ثبت العكس». 

أما السوري، فليس له سوى التحسر على ما آلت إليه أحواله، سواء في الخارج أو الداخل. المفارقة أن تكلفة تجديد الجواز السوري خارج البلاد تزيد بـ 300 دولار عن تكلفة تجديده في الداخل، في حين تعامل معظم الحكومات الأخرى مواطنيها المعاملة نفسها، سواء داخل أو خارج البلاد، بل إن المواطن التونسي مثلاً، يدفع في الخارج أقل مما يدفعه في بلده لقاء تجديد جواز السفر. (المحررة: عذراً يا زميلة، عليّ أن أخالفك في هذا، فالحكومة السورية عادلة جدّاً، ولا تميز بين داخل وخارج، الإذلال شريعتها التي تطبّق على كل السوريين).


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها