× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

الانتخابات الأميركية وسوريا: نجاح ترامب يمنع التقسيم؟!

عقل بارد - على الطاولة 20-09-2020

لن تتخلى أنقرة عن «تحرير الشام»، ما لم تتخل واشنطن عن الإدارة الذاتية. وما لم تتخل أنقرة عن «تحرير الشام» فلن تتخلى موسكو عن دعمها للسلطة في دمشق!

الصورة: (Stock Catalog - فليكر)

لا علاقة لهذا المقال بالتصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وليس غرضه - مرة أخرى -  التحليل السياسي الصرف، بل هو دعوة إلى التفكير بالتأثير المحتمل لحدث مثل الانتخابات الأميركية، وهو حدث مؤثر على العالم برمّته، وليس على سوريا فحسب.
يميل الكثيرون إلى التفكير بأن المرشح الديمقراطي، جو بايدن، بما يمثله من «تيار متحرر»، هو الخيار الأفضل لسوريا.

هناك عدد غير قليل من المعارضين والمعارضات السوريين والسوريات، اختار أن يكون في عداد الحملة الانتخابية لبايدن، فهل هو فعلاً أفضل من ترامب للسوريين؟ 

قبل أن نبحث في تأثير الانتخابات على سوريا، فلنقف قليلاً عند المشهد السوري الراهن ببعده الدولي، وهو - ويا للأسف - البعد الأهم.

لكل دولة من الدول الفاعلة الأربع، لاعب سوري فاعل على الأرض، يمثل مصالحها في اللعبة السورية.

روسيا تتحالف مع السلطة، ومثلها إيران (ولو أنها منكمشة حاليّاً)، مع احتفاظ كلّ منهما بنفوذ خاص داخل هذا الجناح من السلطة أو ذاك، وبمجموعات عسكرية فاعلة على الأرض. 
تركيا تتحالف علناً مع الجيش الوطني المعارض، وسرّاً يشبه العلن مع «هيئة تحرير الشام». 
واشنطن تتحالف مع قوات سوريا الديمقراطية / قسد، وبطبيعة الحال مع الإدارة الذاتية. 
يمكن القول بثقة إنّ أي طرف دولي لن يتخلى (طواعية) عن حليفه، ما لم يتخلّ الآخرون عن حلفائهم. 
لن تتخلى تركيا عن «هيئة تحرير الشام»، ما لم تتخلّ الولايات المتحدة الأميركية عن الإدارة الذاتية، خصم أنقرة الأساسي. وما لم تتخلّ تركيا عن «هيئة تحرير الشام»، لن تتخلى روسيا عن دعمها للسلطة. 
أحد أهم عوامل تعقيد المسألة، هو وجود ثلاثة أطراف، لا طرفين يمكن عبر عملية تفاوض التخلي عنهما، أو عن دعمهما الكامل على الأقل.
تشبه هذه الحالة المثال الشهير في نظرية الألعاب Game Theory، التي تفترض وجود سجينين قاما بجريمة مشتركة (التشبيه ليس مصادفة هنا)، وكلّ منهما موجود في غرفة منفصلة، لا يعرف أي من السجينين هل سيقرر شريكه في الجريمة الاعتراف، أم لا. 

غير أننا هنا نتحدث عن ثلاثة سجناء، في ثلاث غرف منفصلة، ليكون المشهد في غاية التعقيد، ويبدو أن أكثر الأطراف قابلية للتخلي عن حليفه المحلي هو ترامب. لماذا؟ 

أولاً: لأن مصالح الولايات المتحدة في سوريا، أقل بكثير من مصالح تركيا أو روسيا، وهذه نافلة أقرها الديمقراطيون إبان إدارة باراك أوباما، وأكدها ترامب في مرات عدة. 

ثانياً: هي سياسة ترامب القائمة على التركيز على العامل الاقتصادي، وإعادة القوات الأميركية من أفغانستان والعراق وسوريا، وحتى ألمانيا. 

ثالثاً: لرغبة ترامب بتحدي سياسة الدولة العميقة التي منعته من سحب قواته من سوريا، واستجاب لها مرغماً خشية خسارته انتخابات تشرين الثاني 2020. 

إذا استمر ترامب في البيت الأبيض، فقد تكون مغادرة سوريا على رأس قرارته. وإذا تمّت المغادرة عاد المسار التفاوضي الفاعل إلى أستانة، مع استمرار تراجع الدور الإيراني

نفترض هنا إذاً أن نجاح ترامب في الانتخابات سيجعله في موقع مريح لسحب قواته من سوريا، وخصوصاً بعد تحسن علاقته بالرئيس التركي كما صرح كلاهما أخيراً، وبشكل أخص في ظل عدم خشيته من أن تستغل هذه المسألة كورقة ضده في الانتخابات. 

أما بايدن، فقد صرح علانية بعدائه للرئيس التركي، ما سيدفعه نحو الاصطفاف إلى جانب خصوم تركيا الأساسيين في سوريا، أي قسد، والإدارة الذاتية. ليس هذا فحسب، بل إن بايدن - على الأرجح - سيسعى إلى تحسين العلاقة مع إيران، ما سيجعل طهران في موقف أفضل، وبالتالي سيكون خروجها من سوريا أكثر صعوبة، إلا إذا تمكن اللوبي اليهودي في أميركا من ثنيه عن ذلك، رغم أنه لم يتمكن من ثني أوباما سابقاً. لهذا التفصيل في حال حدوثه انعكاس آخر، إذ سيمنح دمشق من جديد هوامش أوسع في علاقتها بموسكو، ويخفض - إلى حدّ ما - قدرة موسكو على دفع السلطة في دمشق نحو هذا المسار أو ذاك. (من المعلوم أن السلطة دأبت على الإفادة من تباين الأولويات بين موسكو وطهران في سوريا، واستخدام تحالفها مع إحداهما ورقة في علاقتها بالأخرى، وأنّ الكعب الروسي صار أعلى في سوريا منذ اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني السابق قاسم سليماني، وما تلاه من انكماش إيراني في المنطقة). 

أكثر من ذلك، يتمتع ترامب بعلاقة جيدة مع روسيا، على عكس بايدن، الذي ينسجم مع رؤى الدولة العميقة في الولايات المتحدة، التي تواصل النظر إلى روسيا - لا الصين - بوصفها الخطر الأكبر على أميركا. ما يعني أن علاقات ترامب الودية نسبياً ببوتين وأردوغان، ستخفف من تعقيد مشهد السجناء الثلاثة!

إذا تسلم بايدن مفاتيح البيت الأبيض فالغالب أن الأميركيين لن يخرجوا من سوريا، وبالتالي لن يخرج الأتراك، ولن يتخلى الروس عن السلطة، ليكون التقسيم مرجّحاً!

بخبرتها السياسية الهامة، يبدو أن الإدارة الذاتية أدركت هذه المسألة، فسعت إلى التقاط أول إشارة إيجابية من الكرملين، وهرعت إلى موسكو لتعقد مذكرة تفاهم مع حليف موسكو السياسي الأساسي في المعارضة، أي حزب الإرادة الشعبية، وتحاول تحسين العلاقة مع موسكو، فروسيا أهون الشرور لديها إذا ما قارنتها بتركيا! 
إذا ما واصلت الإدارة الذاتية تحولها نحو موسكو، فستمضي في التفاوض إما مع السلطة في دمشق، أو مع منصة موسكو، أو مع كليهما، وسيكون ذلك بتأثير وتحريك من موسكو.

إذاً، لو بقي ترامب في البيت الأبيض، فقد تكون مغادرة سوريا على رأس قرارته. هذا افتراض لا يمكن إثباته، ولكننا نستطيع تلمس مشعرات أساسية بإمكانية تحققه. وإذا ما تمّت هذه المغادرة، فعندها سيعود المسار التفاوضي الفاعل إلى أستانة، مع استمرار تراجع الدور الإيراني. 
هذا المسار، هو المسار المؤهل أكثر مما سواه، لإنتاج حلّ حقيقي قابل للتطبيق، حل على مقاس الروس والأتراك طبعاً، وليس على مقاس السوريين، لكنه يبقى في جميع الأحوال حلاً! 

الحل يبدأ من الشرق لينتقل إلى الغرب والجنوب، ولن يكون هنالك حل ينطلق من الغرب أو الجنوب، فأكثر من عشرين ألف جندي تركي في إدلب، والقواعد الروسية في مناطق سيطرة دمشق، هما مؤشران كافيان لنعرف أن هذين اللاعبين لن يخرجا من سوريا بسهولة - غالباً ولا بصعوبة! - أقلّه في المدى المتوسط.
ماذا إذا تسلم بايدن مفاتيح البيت الأبيض؟ المرجح حينها أن الأميركيين لن يخرجوا من سوريا، وبالتالي لن يخرج الأتراك منها، ولن يتخلى الروس عن السلطة، وسيكون التقسيم مرجّحاً كما ذكرنا في مقال سابق.

لكن، ماذا لو أن لاعباً واحداً من السوريين يفتح المجال نحو الآخرين، من دون انتظار تعليمات داعمه؟ 
ماذا لو أدرك أحدهم أن لعبة الزمن ستنقلب عليهم جميعاً يوماً ما، وأن «لعبة السجناء الثلاثة» ستنتهي يوماً ما، مهما طال الزمن؟ 
هل لنا أن نحلم بمثل هذا الحلم؟
دعونا من الأحلام إذاً، بقاء ترامب - ويا لسخرية الأقدار - قد يكون الأفضل لسوريا.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها