× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

«قائد التنقيب السرّي» في السويداء: للعمل أصول ولدينا مطالب دستوريّة!

حكاياتنا - خبز 14-01-2021

في السنوات الأخيرة حرث آلاف الأشخاص في السويداء الأرض ببيوتها الأثرية، وقبورها القديمة، بحثاً عن كنوز دفينة، بشكل علني، وبلا أي خوف من اعتقال أو مساءلة. يحاول رجل غامض يسمي نفسه «بيليوس المرمدي»، تنظيم عمليات البحث والتنقيب، ويأتمر بأمره عدد كبير من الأشخاص. للرجل «فلسفته»، ولديه مطالب من اللجنة الدستورية، أدناه، مقابلة أجريناها معه

(الصورة: سانا)

«البحث عن الذهب» في السويداء، بات الشغل الشاغل للكبير والصغير، الغني والفقير، والشيوخ، والمجموعات المسلحة، وحتى بعض النساء اللواتي دخلن اللعبة غصباً، رغم يقين الكثيرين بعدم جدوى ذلك، لكن الحالة العامة خلقت عدوى بـ«طاقة إيجابية» لحلم الغنى الفاحش والعيش الرغيد، فتحول الوهم إلى حقيقة مع نسبة قليلة وجدت كنزها، وكان وبالاً على أسر كثيرة أصابها العوز والعطب والتفكك. 

التنقيب السري، وفق تسميته الرسمية «له مبرراته» كما يقول المنقبون الكثر، ويتهمون السلطات بأنها «السبب في ما وصلت إليه الأحوال، فلا هي استطاعت تأمين مواطنيها بعيشة كريمة، ولا سمحت للناس بالتنقيب عن الذهب، وضمنت حقوق من يجده؛ بل على العكس من ذلك قد تكون نهايته السجن».

وظهر قبل أربع سنوات رجل غامض، حاول عبر حساب في موقع فايسبوك، تنظيم عمليات البحث، أو «البحش» وفق المصطلح الدارج، وتوجيه الأشخاص الذين اتبعوا تعليماته بشكل كامل؛ حتى تحولوا إلى فصيل مسلح بالمناكيش! قام هؤلاء بحراسة الطرق من اللصوص وعصابات الخطف! ووزعوا سلال إغاثة على الفقراء، وزرعوا الغابات والطرق لتعويض الشجر!!

«بيليوس المرمدي»، أو «روبن هود الفقراء»، أو «الإغريقي» كما يحلو له أن يخاطبه أصدقاؤه، اكتسب شهرته الواسعة في زمن الحرب. يؤكد أن كل همه «إبعاد شبح الجوع والبطالة عن الناس». بدأ طريقه بـ«البحث عن الطيبين، وتصويب عملهم بما يفيد المجتمع من خلال البحث عن الثروات الدفينة، والزراعة، وتربية المواشي، وتأمين مياه الشرب الشحيحة، وتبني الحالات الخاصة». 

للمرمدي، رؤيته في كثير من القضايا الهامة، فهو على سبيل المثال ضد توزيع المعونات المالية، ولا يقوم بها أو يشجع أحد أتباعه عليها إلا في حالات نادرة، ويعمل بدلاً من ذلك على مبدأ: «لا تطعمه السمك، بل ساعده على الصيد».

#ياأهلي ... عم تلومني الناس ليش ماعملت حملة للعيل المحتاجة قبل عيد راس السنة بس صدقا" الضغط غير عادي بس اناا جاهز...

Posted by ‎بيليوس المرمدي‎ on Wednesday, December 23, 2020

من الأقمار الصناعية.. إلى «الروحانيين»

في مقابلة خاصة بـ«صوت سوري»، يشرح «بيليوس المرمدي» بعض أساسيات «المهنة» وأصولها. يقول إن «الأجهزة وأدوات التنقيب المتعارف عليها عند العامة أربعة أنواع: إلكترونية، أسياخ نحاسية، خبير روحاني، والبندول من زمن الفراعنة، والأخير لم يجرب بعد بطريقة صحيحة». 

خلُص الرجل المتمرس بعد خبرة طويلة إلى أنه «لا يوجد جهاز قادر على تحديد مكان كتل الذهب تحت الأرض، فالذهب إشعاع أو أيونات، وإشارته هرمية مقلوبة، مثل إشارة الواي فاي، وقد تكون مساحة قاعدة الإشارة أقل من عشرة أمتار، وقد تتسرب إشارة الذهب من التصدعات الصخرية، والتشققات».

يقول «في هذه الحالات، يكون المنقب قد حصل على إشارة متسربة، بعيدة عن كتلة الذهب الحقيقية بعشرات الأمتار، باختصار لا يمكنك أن تصل إلى النقطة صفر في أي جهاز مهما كانت قدرته، هذا مستحيل ومضيعة للوقت، ويربحك الوهم فقط». 

من وصايا «المرمدي» للمنقبين عن الذهب: «إن لم تكن زوجتك راضيةً عنك وعن عملك فلا تعمل. الطاقة الإيجابية تبدأ من المنزل الذي تقطنه»

وفقاً للمرمدي، فالبديهي أن الأجهزة الإلكترونية الموجودة في الأسواق تجارية، يقول «شخصياً أفضل جهاز تعرفت عليه، التقط علبة سردين على بعد 90سم، كانت على شكل تابوت، وهو جهاز ألماني غالي الثمن، مع ملاحظة أنه كلما تم الحفر تغير مكان الإشارة». 

ينصح الرجل أصحاب الأجهزة بأن «لا يزيدوا تعثير (البحيشة)، خاصة أصحاب الأجهزة المخصصة لالتقاط المعادن السورية على الشاطئ»! ويحذر هواة التنقيب من «التعامل مع جهاز التصوير عبر الأقمار الصناعية، لما فيه من نصب واستغلال للفقراء، هذه الأجهزة إن استطاعت التقاط شبكة القمر الصناعي ستحتاج إلى معادلات، وحساب فروق التوقيت، وكروية الأرض، لتحدد الهدف ضمن خمسين متراً».

ولتحديد مكان الكنز الدفين بواسطة السيخ حكاية أخرى، يعتبرها المرمدي «بحراً واسعاً، شرط ألا يقوم خبير السيخ بحركات استعراضية، ويكون خبيراً بحق، ويحدد فراغاً في المكان المراد ضربه». يقول: «حدد فراغك فقط، وحسب خبراتك الجيولوجية تابع الردم، فهو بعد آلاف السنين يبقى ردماً، ومهما كانت رزقتك فهي كافية».

أما عن «الروحانيين»، فيقول بتهكم: «هم فئة موهومة وحالمة وتشتغل حسب قناعاتها، توهمك بالجن الذي يتربص بك على أهون سبب، ومن حسنات التعامل معهم أنك في فترة قصيرة تحفظ الكتب السماوية، وتصبح مؤمناً متديناً حتى لو كنت سكيراً من الدرجة الأولى، وإذا سألت أحدهم عما جناه من العمل خلال نصف قرن، تكتشف أنه أندبوري مثلك».

«الوصايا السبع» والعلاقة المقدسة

يؤكد المرمدي، أن هناك «وصايا» يجب على هاوي التنقيب السري التزامها، «الأولى الأساسية: ألا يمتهن أي شخص (البحش) ولا يجعله شغله الشاغل، بل يعده هواية فقط، كيلا يموت من الجوع، ويخرب بيته، فالبحش سوسة، مثله مثل القمار».

أما النصيحة الثانية «وهي مهمة جداً: عليك أن ترافق السعيد لتسعد، وتتحاشى البحيش الذي أمضى عمره من حفرة إلى أخرى من دون أن يحصل على عظمة».

الوصية الثالثة هي «تثقيف الذات، والبحث عن كل ما يتعلق بالإشارات، والخرائط، وجنائزية الحضارات المتعاقبة على المنطقة».

أما الرابعة، فـ «السرية التامة، وهي من أهم عوامل النجاح والوصول إلى الهدف». يضيف موضحاً «السرية ليست خوفاً من الحكومة ومخبريها، لأن الحكومة آخر همها ما تفعلون، وتعلم سلفاً أنكم لن تجدوا شيئاً، لكن السرية مطلوبة من مبدأ النوايا والطاقات السلبية».

«الرصد موجود في عقولنا، وحياتنا اليومية، نخترعه لكي نغطي على فشلنا، ليس فقط في التنقيب عن الكنوز، بل في كل مجالات الحياة»

الوصية الخامسة هي «منع استخدام الآليات العملاقة، لأن الآلهة سوف تلعنك، هذا تنقيب وليس حفراً، وأي قطعة فخار أو زجاج يجب عليك أن تخبئها جيداً، لأنها ثروة لأبنائك، ولابد أن يأتي يوم يُعدل فيه قانون الآثار».

أما سادسة الوصايا فهي «عدم إقدامك على الحفر في غير أرضك أو ملكك، فهذا أكبر فشل».

يؤكد المرمدي أن الوصية الأخيرة هي الأهم، ويقول «زوجتك، ثم زوجتك، ثم زوجتك. إن لم تكن راضية عنك وعن عملك لا تعمل. وبالعامية: (لا تخليها تصخّر بالجورة، وتصخّر بالبيت). الطاقة الإيجابية تبدأ من المنزل الذي تقطنه، ومن الزوجة التي تنتظرك آخر الليل، فلا تضيع هذه الطاقة التي قد توصلك إلى الكنز الموعود».

الرصد: «كذبة الكبار ليخاف الصغار»

يسخر المرمدي من الرصد (اللعنة التي تصيب من يقترب من كنز دفين).

يؤكد أنه من «اختراع الكهنة والحكام المجانين، كي يبتعد العامة عن الكنوز المدفونة. أكثر ما يرعب الباحثين عن الذهب هذه الكلمة التي تعني المجهول المطلق، ومع أن أحداً لم يرها يوماً، أو يلمسها، لكنها تحولت مع الوقت إلى بعبع يبثه الخائبون، لكي يرتدع الراغبون في الحفر».

يقول ساخراً: «الرصد، جنّيٌّ حارس للمال أو الذهب، يظهر على شكل مارد أسود كبير، أو أفعى، ومن ميزاته أنه لا يدعك تقترب من المدفن أو الذهب الذي يحرسه منذ مئات السنين، لكنه بقدرة قادر لا يظهر لرجال الحكومات المتعاقبة الذين يقومون بعمليات التنقيب. وكأن الرصد متعاقد مع مديرية الآثار والمتاحف، لحماية ما تبقى من ثروات باطنية».

ويضيف «الرصد موجود في عقولنا، وحياتنا اليومية، نخترعه لكي نغطي على فشلنا، ليس فقط في البحش، بل في كل مجالات الحياة».

مطالب برسم اللجنة الدستورية!

يطالب المرمدي، بـ«تعديل كل القوانين التي تخص الآثار والتنقيب، خاصة تلك التي تقول إن كل شيء تحت الأرض ملك الحكومة. لي أنا المواطن حق بما تحت الأرض، فأهلي وأجدادي أورثوني إياه بالتتابع العرقي والجيني».

يؤكد الحاجة إلى «قانون يشرع التنقيب للأفراد، وفق شروط تضمن الحفاظ على الإرث الأثري، وعدم تهريبه خارج حدود مملكة سوريا القديمة، وقوانين تضمن حقوق (البحيش)، وعدم رفعه على بساط الريح، وأن تكون العلاقة ودية بين (البحيش) والحكومة، ومبنية على الثقة وعدم الخذلان».

ويضيف: «أطالب المشرعين، واللجنة الدستورية، بسن قوانين تحرم التعدي على المناطق الأثرية، وتحترم حجر البازلت، فالآثار مخزون اقتصادي أزلي، وبالقوانين المحقة نكون معكم الجند الأوفياء، ونبتعد عن الطرق غير المشروعة، و(نُخلد رسالتنا)».

من الكازينو إلى مجلس الشعب!

يطالب بيليوس المرمدي، أيّ (بحيش) وجد كنزه الكبير بأن «لا يترشح إلى مجلس المحافظة، ولا رئاسة البلدية، ولا يقوم بتسفير أولاده إلى لبنان، ولا يرافق المشايخ، ولا يتبرع بالرصاص حتى لا يفضح نفسه».

ويضيف: «يا أخي بس الله يرزقك افتح كازينو، أو ملهى ليلي، وصدق ما حدا رح يشك فيك، فمثل هذا الصرح ممتاز حالياً، ومرغوب، ومنتشر، وهكذا تكسب احترامنا أكثر، ويزداد حبنا لك. وبعد وقت قصير يتم تكليفك بتشكيل فصيل مسلح، وبعدها بفترة سوف تصبح عضواً في مجلس الشعب».

كذلك، يُهيب المنقب المتابع لكل صغيرة وكبيرة في سوريا، بـ«الجهات المعنية والقانونية، وخاصة فرع الرقابة والتفتيش، عدم الاقتراب من مديرية الآثار، والعاملين بها، لأنها المديرية الوحيدة التي لا تستطيع فعل شيء. على العكس تماماً، كل الآثار تمرُّ من أمامهم (وشم ولا تذوق)، ويعيشون كل العمر في الحسرة: تماثيل ذهبية متنوعة الأحجام والأشكال، عملات ولقى أثرية باهظة الثمن، وما عليهم سوى أن يلمعوها ويمسحوا الغبار عنها، ويسلموها إلى الجهة الأعلى كي تهربها إلى الخارج».

ويضيف جازماً «سقف سرقات أي مدير دائرة، أو عامل فيها، عصا منكوش، أو فحمات كمبريسة، لأنه لم يبق في المديرية أساساً شيء يُسرق».


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها