× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

النكتة رقم 5000!

حكاياتنا - حشيش 07-02-2021

يثق المواطن السوري بأن حكومته «نغشة»، كثيرة المزاح، تماماً كما يثق مسؤولو هذه الحكومة / مات، بأن المواطن ليس أكثر من مجرد ضغطة على زر التفاعل على موقع فايسبوك، كثير الضحك، والحزن، ونادر الغضب

الرسم: (Jalal Hajir - كارتون موفمينت)

هناك نكتة قديمة (حكاية / حدوتة) عن شخصين، يحفظ كلّ منهما الآخر إلى درجة أن حديثهما بات مملاً، فقررا ومن باب التغيير أن يقوما بترقيم النكات المتداولة بينهما، فيكفي عند موقف معين أن يقول أحدهما مثلاً: 3، ليفهم الآخر فوراً، ويضحك.

يطابق حال هذين الشخصين حال المواطن السوري، وحكومته (حكوماته إن صح التعبير)، فكل منهما يحفظ الآخر، ويعرف تماماً ما يعنيه بقوله، بل يمكن كلّاً منهما إكمال جملة الآخر، مثل العشّاق تماماً (اللهم لا حسد).

يكفي أن يبدأ أي مسؤول حكومي حديثه بحرف السين، ليفهم المواطن ما سيأتي بعده فوراً، تماماً كما يفهم المسؤول أن «سينه» التي نطقها ستنعكس سيلاً من الضحك الذي لا يوقفه إلا حرف سين آخر، أو انقطاع الكهرباء، أو عطل اعتيادي طارئ في شبكة الاتصال، أو وصول رسالة تزف البشرى بوصول أسطوانة الغاز.

يثق المواطن السوري بأن حكومته «نغشة»، كثيرة المزاح، تماماً كما يثق مسؤولو هذه الحكومة / مات، بأن المواطن ليس أكثر من مجرد ضغطة على زر التفاعل على موقع فايسبوك، كثير الضحك، والحزن، ونادر الغضب.

في سوريا، كل شيء أصبح مرقماً، وكل رقم أصبح نكتة مثيرة للضحك: عدد المصابين بكورونا الذي تعلنه الجهات الرسمية، وعدد ضبوط دوريات التموين، وعدد المقبوض عليهم بجرم ترويج الحشيش والمخدرات، وعدد الأشخاص الذي باتوا يملكون 99% مما تبقى من البلد، مقابل 1% فقط يتقاسم من بقي في سوريا ما يمكنهم اقتسامه من مواردها للبقاء على قيد الحياة، هي نكات تدمع لها الأعين بسبب الضحك عند طرحها.

راتب الموظف نكتة، وما يحتاجه فعلاً من نقود ليبقى على قيد الحياة نكتة أخرى. المكافآت نكتة، والعقوبات نكتة أخرى، الرقم المخصص للشكاوى في أي دائرة أو مؤسسة وأعطاله الدائمة نكتة، وحث المسؤولين المواطنين على تقديم الشكاوى نكتة أخرى.

في سوريا، لدينا ثلاث حكومات، (عين الحاسد فيها عود)، واحدة في دمشق، وأخرى في تركيا، والثالثة في إدلب، بالإضافة إلى إدارة ذاتية، وكل واحدة منها تشكل مجموعة من النكات.

في حكومة دمشق لدينا ثلاثون وزيراً، عددهم نكتة، وكل واحد منهم يمثل نكتة بحد ذاته. (خلال مراجعتي لعدد وزراء الحكومة اكتشفت أن موقع رئاسة مجلس الوزراء ما زال يعتبر وليد المعلم وزيراً للخارجية والمغتربين).

أما الحكومة الموجودة في تركيا (الحكومة المؤقتة) فتتألف من سبع وزارات، ورئيس حكومة، وحشد من نواب الوزراء ومدراء مكاتبهم، وتتألف حكومة الإنقاذ في إدلب من عشر وزارات، وعشرات المسؤولين. أما الإدارة الذاتية، فقد صعُب عليّ إحصاء رئاساتها المشتركة، وتفريعاتها الكثيرة. المهم، أن لدينا عدداً لا يمكن حصره من المجالس والإدارات والمسؤولين، والنكات.

قبل أن أنسى، لدينا أيضاً في دمشق 250 نكتة في مجلس الشعب.

في سوريا لدينا مئات المواقع العسكرية لقوى غير سورية، وآلاف الجنود غير السوريين، وآلاف أنواع الأسلحة التي تلقى علينا، بين وقت وآخر، فنموت من الضحك. إضافة إلى تحويل بلادنا إلى ميدان للصراع، والتنكيت، وتصفية الحسابات، وهو صراع لسنا فيها أكثر من «فراطة»، وأرقام، ونكات.

في سوريا، يمكن أن تأتي نكات الحكومة في سلسلة من أجزاء، مثل سلسلة نكات «كيف نضع الفيل في الثلاجة بثلاث حركات».

نأخذ مثلاً نكتة المازوت المدعوم، وتناقص المخصصات من 200 لتر لكل عائلة، إلى 100، إلى 60، و50، وعدد ساعات التقنين المتزايدة، ورفع أسعار البنزين.. إلخ إلخ إلخ. سلاسل من الضحك المتواصل.

قبل فترة وجيزة طرح مصرف سوريا المركزي النكتة 5000 للتداول في الأسواق، مؤكداً أنها لن تؤثر على الاقتصاد أبداً، وأنا أوافقه بشدة، فلا يمكن التأثير على شيء غير موجود، إذ كل ما لدينا مجرد نكتة اسمها «اقتصاد»، ونكتة جديدة لن تضر حتماً، فكيف لبلد أصبح عمره سبعة آلاف نكتة (كما يثقب رأسنا المثقفون) أن يهتز لنكتة كهذه!

يبدو أننا أدمنّا حكومتنا / ماتنا، و«نغاشتها»، أو أننا صرنا مازوشيين، لأننا لا نستطيع أن نكون مازوتيين خخخخ. 

حسناً يجب أن يغير المثقفون خلال نقاشاتهم العميقة اسم متلازمة ستوكهولم، ليصبح متلازمة سوريا، ويمكنهم أن يضحكوا بعد قولها أيضاً، يا لها من نكتة!


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها