× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

في انتظار الفرج: نار المخيم أرحم من العودة!

حكاياتنا - خبز 24-02-2021

في بداية الحرب كانت قضية العودة إلى الديار أمراً ملحاً عند كثير من اللاجئين والنازحين. بعضهم اعتقد في البداية أن الأمر لن يدوم أكثر من بضعة شهور. مع استمرار الحرب وزيادة تعقيداتها، تغيرت المفاهيم والأحلام عند كثير من سكان المخيمات

الصورة: (Adam Patterson/Panos/DFID - فليكر)

في خيمة قماشية طُبع على طرفيها شعار منظمة إغاثية، في أحد مخيمات اللاجئين السوريين في شمال لبنان، يعيش عبد القادر وزوجته وأبناؤه الأربعة، منذ نحو 9 سنوات.

يعمل عبد القادر في إحدى المزارع القريبة من المخيم، ويرسل أبناءه إلى مدرسة تم إنشاؤها بدعم من إحدى المنظمات الدولية.

ينحدر الرجل من إحدى قرى محافظة حمص، وبرغم انتهاء المعارك في قريته، يرفض العودة إلى منزله، الذي يؤكد أن الحرب لم تطله بشكلها المباشر.

الحلم الأوروبي

يشرح عبد القادر، البالغ من العمر 43 عاماً أسبابه، بالقول «جميع أقاربي لم يعودوا إلى القرية، بعضهم يعيش في الوقت الحالي في تركيا، وبعضهم الآخر أصبح في أوروبا، وهو ما أنتظر أن يحصل معي أيضاً».

«نحن في هذا المخيم سجناء الواقع والظروف، لا يوجد مكان آخر نلجأ إليه، علينا أن نتحمل ظروف المعيشة القاسية هذه، أملاً بفرج قريب»

مثل معظم اللاجئين السوريين في لبنان والأردن، وبعض اللاجئين في تركيا، قام عبد القادر بتسجيل اسمه لدى مفوضية اللاجئين، التي تقوم بالتواصل مع دول ترغب في توطين لاجئين سوريين لديها، مثل كندا وأستراليا، وبعض دول أوروبا الغربية، في إطار برنامج «التوطين في بلد ثالث».

وبرغم ظروف الحياة الصعبة التي يعيشها الرجل الذي يحمل شهادة في الحقوق، يصر على الصمود في المخيم إلى أن يحصل على فرصة للسفر. يقول: «إذا عدت إلى سوريا سأخسر فرصتي في السفر، صبرت سنوات كثيرة، لا أريد لصبري هذا أن يذهب سدى، فبمجرد عودتنا سيُغلق ملفنا، بحجة أنه لم يعد هناك داع للجوء طالما قررنا العودة إلى بلادنا».

لماذا نعود؟

أنس، سوري يعمل مع إحدى المنظمات الدولية التي تقدم الرعاية للاجئين السوريين في لبنان، يرى خلال حديثه أن هناك أسباباً عديدة تمنع اللاجئين من العودة إلى مدنهم وقراهم ومنازلهم التي غادروها قبل سنوات طويلة، بعضها أمني يتعلق بالخوف من الاعتقال، أو الانتقام، أو الاستدعاء إلى الخدمة العسكرية، وبعضها اجتماعي، وبعضها يتعلق بالمستقبل.

يقول الشاب البالغ من العمر 29 عاماً «في هذه المخيمات نشأت مجتمعات وروابط جديدة بين سكانها، ما يبدو أنه شكل بديلاً عن المجتمعات التي دمرتها الحرب. هذا ما أسمعه بشكل متكرر من لاجئين يتساءلون مع كل حديث حول العودة: لوين بدنا نرجع وما بقيلنا حدا؟ هون ع القليلة في جار أستند عليه».

يتابع أنس «في بداية الحرب كانت قضية العودة إلى الديار أمراً ملحاً عند كثير من اللاجئين والنازحين الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر. بعضهم اعتقد في البداية أن الأمر لن يدوم أكثر من بضعة شهور. مع استمرار الحرب وزيادة تعقيداتها تغيرت المفاهيم والأحلام عند كثير من سكان هذه المخيمات».

ويضيف «قسم منهم تمكن من التأقلم مع مجتمع المخيم، خصوصاً بعد حالات الزواج والإنجاب التي تمت بطبيعة الحال، فأصبح للعائلة تفرعات مختلفة. مثلاً أحد اللاجئين زوّج ابنتيه للاجئَين، وزوّج ابنه من لاجئة أيضاً. يعيشون جميعاً في مخيمَين قريبين، ما يعني أن عودة أي منهم إلى سوريا سيزيد المسافات بين الأُسر، وسيجد من يقرر العودة نفسه وحيداً في بلاده».

«إذا عدنا إلى سوريا سنخسر فرصتنا في السفر ضمن برنامج إعادة التوطين، وسيُغلق ملفنا فوراً. صبرنا سنوات كثيرة ولا نريد لصبرنا أن يذهب سدى»

يساعد أنس في تعليم الطلاب وتحضيرهم لامتحان الشهادتين الإعدادية والثانوية، إذ تقوم منظمات إنسانية بتسيير رحلات سنوية للطلاب إلى الداخل السوري، بالتعاون مع وزارة التربية في دمشق، فيجري الطلاب امتحاناتهم، ثم يعودون إلى المخيمات.

يقول أنس «نجحت بعض المنظمات في إقناع قسم كبير من العائلات بأن يرسلوا أبناءهم، بعد شرح المزايا التي يمكن أن يحصل عليها أبناؤهم مستقبلاً، مثل تحسين المعيشة، أو تأمين فرصة أفضل للسفر، لذلك تجد معظم السوريين يقومون بتحديث ملفاتهم الموجودة لدى مفوضية اللاجئين باستمرار، وإضافة الشهادات الجديدة التي حصل عليها أفراد العائلة، أملاً بزيادة حظوظهم في الحصول على توطين في بلد ثالث».

إلى أين نعود؟

في أحد المخيمات العشوائية، في محيط مدينة إعزاز الحدودية شمالي سوريا، يعيش يوسف وعائلته في خيمة قماشية، بانتظار الانتهاء من إنشاء مخيم بيتوني يتم العمل عليه حالياً من قبل منظمة تركية.

نزح يوسف (45 عاماً) من مدينة حلب حيث كان يعيش في حي طريق الباب، وسكن نحو أربعة شهور في قرية مارع التي ينحدر منها، حيث استأجر منزلاً فيها، قبل أن تشتد المعارك، لينزح إلى قرية دابق، ومنها إلى المخيم الذي يعيش فيه حالياً.

يخشى الرجل من العودة إلى مدينة حلب، إذ يعتقد أن الأمن سيعتقله فور دخوله المدينة، لأنه شارك في المظاهرات أوّل الحراك، يقول «لم أشارك في أعمال قتالية، لكنني شاركت في المظاهرات. أعتقد أنني مطلوب، ولن أغامر بالعودة أبداً».

يعمل يوسف، سائقاً لصهريج بيع مياه، كما يعمل في إصلاح الأدوات الكهربائية، وفي بعض الأحيان سائقاً لشاحنة صغيرة تنقل البضائع بين القرى التي تسيطر عليها فصائل المعارضة شمالي حلب. 

لا تبعد مارع عن المخيم الذي يقطنه يوسف وعائلته إلا بضعة كيلومترات، وهو يزورها بشكل متكرر خلال عمليات نقل البضائع أو مياه الشرب. رغم ذلك، يرفض ترك المخيم والعودة إلى قريته. يشرح قائلاً: «الإيجارات في مارع مرتفعة جداً، وتفوق قدرتي على دفعها»، ويتابع «عملي متقطع، وليس لدي دخل مستقر. هنا في المخيم لا أدفع إيجاراً لأحد، ولا فواتير، كما نحصل على معونات غذائية».

يقول يوسف «معظم سكان هذا المخيم لا يعملون، بعضهم يعمل في أراض زراعية قريبة، ولكن معظمهم لا يعملون، سواء بسبب عدم وجود فرص عمل، أو لأنهم اعتادوا ذلك. بعض سكان المخيم يعتمد أيضاً على الأموال التي يرسلها أبناؤهم الذين يعملون في تركيا، أو يقاتلون في صفوف المعارضة».

يفكر يوسف بشكل مستمر في الانتقال إلى تركيا، بحثاً عن فرصة للسفر إلى أوروبا، سواء عن طريق التسجيل لدى مفوضية اللاجئين، أو عن طريق المهربين. لكن يعيقه دائماً عدم امتلاكه المال الكافي للانتقال مع عائلته، وعدم رغبته بترك عائلته في المخيم والسفر بمفرده.

يقول «نحن في هذا المخيم سجناء الواقع والظروف، لا يوجد مكان آخر نلجأ إليه، علينا أن نتحمل ظروف المعيشة القاسية هذه، أملاً بفرج قريب»، ويضيف «جاءنا موظفون أتراك، سجلوا أسماءنا ووعدونا بأن ننتقل إلى مخيم بيتوني. ما زلنا ننتظر دورنا، هذا أقصى طموحاتنا في الوقت الحالي».


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها