× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

حكايات روتينية من مخيم كبير اسمه الوطن

حكاياتنا - خبز 25-02-2021

ينخر الصقيع عظام قاطني المخيم المصطفين في طوابير أمام مراكز توزيع المعونات، بحثاً عن بطانية وبعض الطعام. حال يكاد يطابق حال كثير من السوريين الذين يعيشون في مدنهم التي ولدوا فيها، ليشكل المشهد المزدوج صورة أكبر ترسم ملامح بلاد صارت أشبه بمخيم كبير!

الصورة: (IHH - فليكر)

في بناء مهدم في حي قاضي عسكر في حلب، يعيش أبو خالد وعائلته، داخل منزلهم الذي لم يغادروه طيلة فترة الحرب. 

يطل المنزل على مجموعة من الأبنية المهدمة، وكتل من الحجارة والأتربة والأنقاض.

لا يصل التيار الكهربائي إلى منزل أبو خالد إلا ساعتين في اليوم، وفي بعض الأحيان لا يرى الكهرباء أياماً عديدة، كما تنقطع مياه الشرب بين وقت وآخر، فتضطر العائلة إلى شراء الماء وتعبئة الخزان الذي اشتراه بعد سرقة خزانه السابق.

يقول الرجل الخمسيني «معظم أقاربي وجيراني غادروا الحي، كل واحد منهم يعيش في مكان من هذا العالم»، ويضيف «أحد جيراني يعيش في مخيم في ريف إدلب، أتواصل معه باستمرار، ونتبادل النكات حول أوضاع معيشتنا، فبينما يشكو لي عدم وصول المعونات الشهرية أو تأخرها، أشكو له انقطاع الغاز وتأخر الرسالة التي تخبرني بأن دوري حان للحصول عليه».

«المفوضية» تظلنا جميعاً!

يتلقى أبو خالد مساعدات من إحدى الجمعيات الخيرية، تختلف طبيعتها بين شهر وآخر. مرة يحصل على سلة غذائية، ومرة على منظفات. أحياناً تصله معدات كهربائية، أو أدوات للمطبخ، فيبيعها في السوق لأنه يحتاج مالاً لتأمين ما يكفي من الطعام، أكثر من حاجته إليها.

«الإذلال لا يقتصر على سكان المخيمات، لا يختلف الأمر كثيراً وأنا أقف في طابور طويل للحصول على سكر ورز بسعر يقال إنه مدعوم. تصور أن تتعرض للذل وأنت تدفع ثمن ما تشتري»!

خلال الحرب تعرض أحد جدران المنزل لدمار جزئي، كما تهدمت شرفته. أجرى الرجل إصلاحات بدائية، واستخدم شادراً (غطاء) يحمل شعار مفوضية شؤون اللاجئين لمنع دخول شمس الصيف الحارقة إلى المنزل.

يضحك الرجل بمرارة، ويقول «جاري الذي يعيش في المخيم في إدلب، يملك شادراً مثله تماماً».

إذلال «ذكي»!

يعيش صالح وعائلته في قرية صغيرة بريف حمص، يملك أرضاً صغيرة، ويعاني من ضائقة مالية تتفاقم كل شهر. يقول: «الأرض لا تدر عليّ أي دخل حقيقي، تكاليف الزراعة والاعتناء بالمزروعات باهظة جداً، في ظل أزمة الوقود الحادة، والانقطاع الطويل للتيار الكهربائي، وارتفاع ثمن الأسمدة والمبيدات».

في العام الماضي، اعتمد صالح على بعض المال الذي كان يرسله ابنه اللاجئ في ألمانيا، ومع أزمة كورونا وما رافقها من شلل في الحركة الاقتصادية في أوروبا، لم يعد الشاب قادراً على إرسال المال.

تضررت أرض صالح قبل فترة بفعل عاصفة قوية اقتلعت بعض المزروعات، وتسببت بأضرار كبيرة. وعدته الحكومة بتقديم بعض الدعم الذي يصفه الرجل بأنه «مضحك جداً، ولا يساوي ربع كلفة البذور والسماد والوقود».

يعد الرجل نفسه محظوظاً لأن الحرب لم تطله بشكلها المباشر الدموي، ولم يضطر إلى ترك منزله والنزوح. لكنه في الوقت ذاته لا يجد فرقاً كبيراً بين الأوضاع التي يعيشها معظم السوريين، يقول «جميعنا نتعرض للإذلال ذاته».

يضيف «أتألم عندما أرى صور من يعيش في المخيمات، سواء في لبنان أو الأردن، أو حتى داخل سوريا قرب الحدود. صحيح أن المقارنة بين وضعنا نحن ووضع من هجّر من منزله لا تبدو منطقية، لكن الألم يبدو في مواقع عديدة متطابقاً. الإذلال أيضاً لا يقتصر على سكان المخيمات، لا يختلف الأمر كثيراً وأنا أقف في طابور طويل للحصول على بعض السكر والرز على البطاقة الذكية بسعر يقال إنه مدعوم. تصور أنك تتعرض للذل وأنت تدفع ثمن ما تشتري»!


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها