× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

الانتخابات والحكومة الرشيدة: سيرة العربة والحصان

عقل بارد - على الطاولة 08-05-2021

في أواخر ثمانينيات القرن الماضي طُرح مصطلح «الحكم الرشيد / Good Governance»، وشيئاً فشيئاً احتل مكاناً بارزاً في مؤشرات تقييم ممارسة السلطة السياسية، وإدارة شؤون المجتمعات والدول. هل هناك صلة بين العملية الانتخابية بالمعنى التقني، وبين الحكم الرشيد؟ وما هي؟

الصورة: (aya - فليكر)

لا جدال في أن الانتخابات أساس جوهري لأي حوكمة رشيدة. غير أن الأمر أعقد من ذلك بقليل، بل أكثر بكثير في حقيقة الأمر.
لكي يكون للانتخابات معنى حقيقي، يجب أن تكون حرة، ونزيهة، وأن تجري في ظل مناخ يسعى إلى الحوكمة الرشيدة، ويخضع لشروطها في الوقت نفسه.
والحكم الرشيد، ينبغي أن يكون عادلاً، وتشميلياً، وتشاركياً، ونزيهاً، وشفافأً، ووفق حكم القانون، ومتمتعاً بالكفاءة، والفاعلية، والاستجابة لمتطلبات واحتياجات الناس، وساعياً إلى بناء توافق بين بنات وأبناء الوطن.
لنكون أكثر تفصيلاً يمكننا تعداد شروط أساسية ينبغي توافرها في العملية الانتخابية، أي عملية انتخابية في أي مكان، لتكون تلك العملية ذات جدوى. 

1- يجب أن تكون الانتخابات ذات معنى، وأن تؤدي إلى إحداث تغييرات تتماشى ومتطلبات الناخب، ليست بالضرورة تغييرات على صعيد الأشخاص، لكن حتماً تغييرات في ظروف معيشة الناخب الاقتصادية والسياسية والحقوقية.. إلخ، أو تحسيناَ وتكريساً لوجوهها الإيجابية إن وجدت. الانتخابات التي لا تؤدي إلى أي تغيير تُفقِد الناخب رغبته في المشاركة. فإذا كانت الانتخابات لن تغير أي شيء في حال البلاد، فما معنى حدوثها أصلاً؟ ولماذا يدلي الناخب بصوته إن كان هذا الفعل مساوياً لعدمه؟

2- - يجب أن تؤدي الانتخابات إلى ضمان كون هيئات الحكم - تشريعية وتنفيذية - مرآة للمجتمع. فالبرلمان مثلاً يكون مثالياً إن كان يشبه في تركيبته المجتمع الذي يمثله، مع شبه استحالة مثل هذا التطابق، لكن الحد الأدنى من تشابه السلطة التشريعية مع تركيبة المجتمع يضمن أعلى مستوى من التمثيلية، ما يعني أعلى نسبة من التماسك الاجتماعي. وانتخاب السلطة التنفيذية، يجب أن يحقق رغبة غالبية الشعب في تحديد من يحكمه. 

3- يجب أن تجرى الانتخابات وفق نظام انتخابي يفهمه الناخب، ليعرف معنى صوته. هل تحدث الانتخابات التشريعية وفق النظام الأكثري؟ أم وفق النظام النسبي؟ أم المختلط؟ وفي كل الحالات، وفق أي نوع فرعي منها؟ هل تُجرى الانتخابات بنظام الجولتين؟ أم بنظام الفائز الأول؟ أم بنظام الصوت الواحد المتحول؟ إلخ... ولكل نظام منها مزاياه وعيوبه التي تؤثر بشكل كبير على شكل تصويت الناخب وأداة احتساب الأصوات.

4- سهولة عملية الانتخاب. فتوزع الصناديق، وسهولة الوصول إليها، وضمان سرية الاقتراع، عوامل تؤثر بشكل كبير على رغبة، وقدرة الناخب على الإدلاء بصوته.

5- حياة سياسية وحزبية عابرة للجغرافيات والشرائح الاجتماعية: كلما كانت الأحزاب قوية كانت الأنظمة السياسية أكثر استقراراً، وفاعلية. 

6- توفير مناخ من التسامح. فالنظام الانتخابي يسهم في تعزيز الوحدة الوطنية إذا دفع الأحزاب إلى تشميل جميع فئات المجتمع، ومكوناته (سواء الطائفية، أو العرقية، أو الطبقية، أو الحضرية.. إلخ)، يحدث هذا إذا كانت طريقة تصميم النظام الانتخابي تدفع المرشحين إلى الارتكاز على قاعدة واسعة من الناخبين، عابرة للطوائف، والإثنيات، وسواها. أما إذا كانت الانتخابات مدعاة إلى مزيد من الانقسام والاستقطاب، فستفقد دورها بشكل كامل.

7- ضمان حوكمة مستقرة وذات فعالية: رغم تعدد العوامل المؤثرة على استقرار أي حكومة، فإن النظام الانتخابي يلعب دوراً بارزاً في ذلك، وخصوصاً في الأنظمة البرلمانية حيث تعين الحكومة من قبل الأغلبية البرلمانية. 

8- توفير إمكانية مساءلة ممثلي الشعب: يجب أن يكون ممثلو الشعب عرضة لمساءلة الناخبين، كي لا ينقلبوا على برامجهم الانتخابية التي نجحوا بفضلها، وهناك بعض الدول التي تسمح بسحب الثقة عن أعضاء البرلمان عبر عمليات استفتاء في المناطق التي يمثلونها. 

9- تحفيز تشكيل معارضة برلمانية: لا تعتمد الحوكمة الفعالة على حكومة مستقرة وفعالة فحسب، بل وربما بالدرجة ذاتها على وجود معارضة قوية توازن الحكومة. 

10- التناسب مع الموارد المتاحة: الانتخابات عملية مكلفة للغاية، وبالتالي يجب أن يتناسب النظام الانتخابي مع موارد الدولة المتاحة لمثل هذه العملية. على سبيل المثال هل تتوافر للدولة موارد كافية لإجراء جولات الإعادة؟ طبعاً تجب دائماً مراعاة التكاليف غير المباشرة لنظام غير مكلف، في حال لم يكن النظام مناسباً لظروف البلاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية! هذا الأمر في غاية الأهمية. فالمرشحون يجب أن يكونوا قادرين على توفير الموارد التي تسمح لهم بالقيام بحملات انتخابية ذات معنى، وعلى الدولة أن توفر لهم مثل هذه الشروط.

ماذا يفيد توافر هذه الشروط؟ ببساطة يضمن تحقيق إطار من الحكم الرشيد القائم على العدالة، وتكافؤ الفرص، والتشميلية، وحكم القانون، والشفافية، والنزاهة.
أما عدم توافر مثل هذه الشروط، فيؤدي إلى نتيجة واحدة محددة: لا معنى لإجراء الانتخابات.

Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها