× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

«عنتبة» المجتمع المدني السوري.. السويداء محطةٌ جديدة

عقل بارد - على الطاولة 13-06-2021

من ظواهر «العنتبة» حصر وجود المجتمع المدني في الأماكن التي يفرضها المانح. ما يحصل في كثير من الحالات أن تدير معظم المنظمات ظهورها للمستفيدين والمستفيدات، وتتوجه نحو قبلة المانح. بعد عنتاب تبدو السويداء محطة مقبلة، فلنأمل ألا نقع في الحفرة نفسها

الصورة: (European External Action Service - EEAS on Foter.com

«العنتبة» مصصلح اخترته لتوصيف كيفية تعامل المانح الغربي مع المجتمع المدني السوري.

و«العنتبة» تعني في المحصلة أن تجعل المجتمع المدني مقاولاً يعمل على تنفيذ متطلبات المانح، فحسب. 

يقتضي ذلك أن تصبح المنظمات مهتمة أكثر ببناها الداخلية، ومأسستها، كي تتمكن من تحقيق متطلبات المانح.

يبدأ المانح بعدها بتقديم تمويلات صغيرة تتماشى وفكرة المجتمع المدني، ومتطلباته، ورسالته، ثم يبدأ برفع التمويلات، بما تتضمنه من رواتب ضخمة تقدم للناشطين وتحولهم إلى مهنيين يعملون في منظمات هي أشبه بالشركات، ليرتفع منسوب اعتمادية هذه المنظمات على المانح. 

تلي هذه المرحلة، مرحلة اشتراط بنية داخلية مؤسساتية قوية تلبي متطلبات المانح، وتنخفض أولوية المستفيد فيها، وتضمحل رسالة المجتمع المدني برمتها، ليبدأ المانح بعدها فرض شروطه على هذه المنظمات. 

ما يحصل بعدها - في معظم الحالات - أن تدير معظم المنظمات ظهورها للمستفيدين والمستفيدات، وتتوجه نحو قبلة المانح! ويصبح موظفوها وموظفاتها في الداخل أداة لتنفيذ إداراتها في الخارج المتوجهة أصلاً نحو المانح. 

بالطبع لا يمكن تعميم هذا الأمر، فهناك من حافظ على البوصلة، أو على الأقل وازن بين متطلبات المانح، الذي يصعب كثيرا الاستغناء عنه في ظرف كظرف سوريا، وبين رسالة المجتمع المدني، غير أن هذا لا يعدو كونه الاستثناء وليس القاعدة.

السويداء قبلة المانح الجديدة، فمجتمعها المدني أقل عرضة لتدخل دمشق، وقواها المعارضة أكثر حيوية، وتقديم التمويل فيها أكثر أماناً للمانح الذي يخشى من عقوباته التي فرضها بنفسه! 

بدأت هذه الظاهرة في دول الجوار عموماً، في مدن مثل بيروت، وعمان، وأربيل، وغازي عنتاب. لكن عنتاب كانت، بسبب الظروف السياسية والميدانية، الوجه الأبرز لهذه العملية، ولذلك سمينا الحالة «عنتبة».

من ظواهر «العنتبة» حصر وجود المجتمع المدني في الأماكن التي يفرضها المانح. فنشاط المجتمع المدني السوري الموجود في عمان زال تقريباً من الوجود بمجرد استعادة دمشق سيطرتها على مناطق الجنوب، وغياب اهتمام المجتمع الدولي بما يحدث في درعا. 

أغلق المجتمع الدولي غرفة عملياته في الجنوب المسماة «موك»، فغاب المجتمع المدني في عمان. تركز حضور المجتمع الدولي في بداية الحرب في أنطاكيا، فحضر المجتمع المدني فيها. 

رحل اهتمام المجتمع الدولي إلى عنتاب، فذهب المجتمع المدني إلى هناك. 

بدأ اهتمام المجتمع الدولي بشمال شرق سوريا، فبدأ نزوح المنظمات إلى أربيل.. وهكذا.

بالنسبة للمنظمات الحاضرة في عنتاب، كان العمل في مناطق سيطرة دمشق، وفي مناطق سيطرة قسد، محرماً من قبل المانح، وكان على المنظمات التي تطالب بالعمل هناك أن تنفي عن نفسها صفة العمالة، وتغير ذلك عندما توجه المانح نحوها!

في الفترة الأخيرة، تزايد اهتمام المجتمع الدولي بالسويداء، فصارت مرشحة لتكون عنتاب الجديدة. 

تدار تمويلات المجتمع المدني في السويداء عموماً من عنتاب، لسبب واحد فقط، هو إرادة المجتمع الدولي معاقبة لبنان، ما جعل حياة المجتمع المدني في بيروت مستحيلة. إذا عادت بيروت لتكون أكثر استقراراً، وبقرار غربي طبعاً، فستعود المنظمات للعمل فيها مرة أخرى.

والسويداء قبلة المانح الجديدة، فمجتمعها المدني أقل عرضة لتدخل دمشق، وقواها المعارضة أكثر حيوية، وتقديم التمويل فيها أكثر أماناً بالنسبة للمانح، الذي يخشى من عقوباته التي فرضها بنفسه! 

إذاً من المتوقع أن ينصب كثير من تمويلات المانحين جميعاً في هذه المحافظة، فيرتفع مستوى اعتمادية المنظمات المدنية في السويداء على هذا المال، ونعود للدائرة الكريهة نفسها. 

بالطبع، لا يمكن، ولا يجب أن نقول إن على المجتمع المدني رفض التمويلات الغربية، ففي ظرف مثل ظرف سوريا، لا يمكن لها أن تحيا وأن تقدم خدماتها من دون تلك التمويلات.

لكن، هل يمكن منظمات السويداء - وسواها من المحافظات التي سيأتي إليها التمويل - أن تستفيد من درس عنتاب؟ هل تستطيع أن تفاوض المانح على ما تراه حيوياً، لا على ما يراه المانح؟ هل يمكن أن تظل متطلبات المجتمع المدني، والمجتمع السوري برمته أولوية فوق أولويات المانح، أو على الأقل متوازنة معها؟ 

لن يحدث ذلك إلا إذا وعت منظمات المجتمع المدني دورها أولاً، وخطورة التمويل ثانياً، فهل نتعلم؟


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها