× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

اتفاقية دايتون: 3- التقسيم باسم السلام

عقل بارد - شعوب وحروب 15-07-2021

منذ توقيع اتفاق دايتون للسلام العام 1995 ظل الملحق الرابع للاتفاق الإطاري العام قائماً باعتباره دستور البوسنة والهرسك، وبالتالي فإنه لا يزال يمثِّل أساس الانقسام السياسي الحالي الذي تعيشه البوسنة والهرسك، فاتفاق السلام أنهى الحرب، لكنه أرسى أيضاً أسساً متينة للتقسيم

الصورة: (foter)

كان تعزيز السلام والاستقرار في البوسنة والهرسك، وتحقيق التوازن داخل جمهوريات يوغسلافيا السابقة الهدف المعلن لاتفاقية دايتون.

ورغم أنّ السلام كان قد حلّ شكلياً، فإنه لم يكن نتاج اتفاق حقيقي بين اﻷطراف المتنازعة، بقدر ما كان أقرب إلى فرض إرادة دولية على المكوّنات كافة، وهو ما ثبّت الوضع الذي انتهت إليه البوسنة والهرسك بمرور الوقت. 

الوضع الحالي الذي نراه في البوسنة والهرسك، من انقسام سياسي، وطريقة هيكلة حكومتها، وتوزيع اﻷدوار الشديد الدقة بين مختلف المكوّنات، كان من الأمور المتفق عليها باعتبارها جزءاً من الدستور البوسني الذي شكّل الملحق الرابع لاتفاق دايتون.

أحد أهم العناصر الأساسية لهذا الملحق ترسيم خطوط الحدود بين الكيانين، فدولة البوسنة والهرسك باتت تتكون من جمهورية صربسكا (جمهورية صرب البوسنة) التي تضم فيدرالية البوسنة والهرسك، وهي (أي صربسكا) دولة ذات كيان كامل في مقابل الفيدرالية التي هي جزء من الدولة.

ومع أن الدولة لا مركزية في علاقتها مع الكيانين، لا بل إنها مفرطة في لا مركزيتها، إلا أنها تُبقي على الطبيعة المركزية للحكومة، مع تداول رئاسة مجلس رئاسة الدولة (مكوَّن من ثلاثة رؤساء)، وبنك مركزي، ومحكمة دستورية.

بالإضافة إلى ذلك، كلّف اتفاق دايتون عدداً كبيراً من المنظمات الدولية الإشراف على، ومراقبة تنفيذ كثير مما تضمَّنه الاتفاق.

أنيطت بـ«قوات تنفيذ بنود دايتون»، التابعة لحلف الناتو (تُعرف اختصاراً باسم IFOR) مهمة تنفيذ الجانب العسكري من الاتفاق، وباشرت عملها في 20 كانون الأول من العام 1995 لتخلف قوات الحماية الأممية المعروفة باسم UNPROFOR. 

أمَّا مكتب الممثل السامي فقد كُلِّف تنفيذ الجوانب المدنية من الاتفاق، في حين تكفلت وكالة الأمن والتعاون في أوروبا بتنظيم أول انتخابات حرة العام 1996.

الوضع الحالي الذي نراه في البوسنة والهرسك، من انقسام سياسي، وطريقة هيكلة حكومتها، وتوزيع اﻷدوار الشديد الدقة بين مختلف المكوّنات، كان من الأمور المتفق عليها باعتبارها جزءاً من الدستور البوسني الذي شكّل الملحق الرابع لاتفاق دايتون

لم يكن للأمم المتحدة دور أو تأثير يذكر على صياغة الاتفاق النهائي، وبعد التوصل الى الاتفاق، بعثت مادلين أولبرايت ـ سفيرة الوﻻيات المتحدة في اﻷمم المتحدة آنذاك ـ رسالةً في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر العام 1995 طلبت فيها تعميم نص الاتفاقية باعتباره وثيقة صادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي تحت البند 28 من أجندة العمل. 

انتهت الحرب في البوسنة والهرسك باحتفال أقيم بمناسبة توقيع اتفاقيات السلام في باريس في 14 من كانون الأول/ديسمبر 1995، فيما كان الاحتفال الأول قد أقيم بعد نهاية المفاوضات، بمناسبة التوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاقيات، في دايتون بتاريخ 21 تشرين الثاني / نوفمبر 1995.

لكن؛ ما هو المعنى القانوني لهذين الاحتفالين؟ 

الإجابة يُقدمها نص الاتفاق عند توقيعه بالأحرف الأولى، فهذا هو الاتفاق الوحيد الذي وُقِّع عليه في دايتون، ودخل حيز التنفيذ بشكل فوري. 
نصت المادة السادسة من الاتفاق في فقرتها الثانية على أن إقرار الأطراف بإلزامية اتفاقيات السلام يُعبَّر عنه من خلال توقيعها بالأحرف الأولى على الاتفاقيات، في حين تقول المادة الأولى: إن الاتفاقيات تدخل حيز التنفيذ وتكتسب أثراً فعليّاً من يوم توقيعها في باريس.

إن المعاهدات المُبرمة وفقًا لهذه الطريقة تكون عرضة لشرط وقف التنفيذ حتى يتم توقيعها بشكل رسمي، بمعنى أنها تكتسي صفة الإلزام بالتوقيع عليها بالأحرف الأولى، لكن قوة ذلك الإلزام لا تؤتي آثارها إلا بعد التوقيع عليها بشكل نهائي.

جرت عملية المفاوضات في دايتون، بشكل أساسي، بمبادرة وضغط قوي من قبل بعثة الولايات المتحدة الأميركية، وتحمل الاتفاقيات بصمة النفوذ القوي للولايات المتحدة.

مع نهاية المفاوضات تم التوافق على ألا يُسمح للدول ولا لكيانات يوغسلافيا السابقة، ولا لأي دولة أخرى مشاركة في العملية السلمية، بإعادة فتح باب المحادثات.

في المجمل، كان على السلام أن يكون على شاكلة «باكس أميركانا»، أو «سلام مفروض، يعكس قوة وهيمنة الولايات المتحدة الأميركية»، فيما هو على أرض الواقع، وبالنسبة للأطراف المحلية مجرد سلام هش


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها