× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

معارض الإبداع والاختراع في سوريا: «بريستيج» وزينة «ع الفاضي»

حكاياتنا - خبز 11-09-2021

يعاني المخترعون في سوريا من عدم وجود أرضية استثمارية حقيقية تحتضن اختراعاتهم، وهو أمر لم تفرزه بالحرب، بل واقع أسبق من ذلك. وبرغم إقامة العديد من المعارض والمسابقات التي ترفع شعار دعم المخترعين، فإنها لا تعدو كونها حالات استعراضية بلا نتائج ملموسة

الصورة: (موقع معرض الباسل للإبداع والاختراع)

أثارت منشورات شاركتها صفحتا وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ومعرض الباسل للإبداع والاختراع في الفترة الماضية موجة من ردود الأفعال المتباينة، بين السخرية، والحسرة، والدفاع عن المخترعين واختراعاتهم، واتهام بعض الاختراعات بالتفاهة. 

تنوعت الأسباب بين غرابة بعض الاختراعات، وعدم وجود استثمارات حقيقية لقسم كبير من اختراعات رأى المدافعون أنها مهمة، وخاصة تلك المتعلقة بالطاقة في ظل أزمة الطاقة الحادة التي تعيشها سوريا.

بعيداً عن الخوض في تفاصيل تلك الاختراعات، ومدى جدوى تنفيذها (أو تنفيذ بعضها) بشكل استثماري ينتج سلعة قابلة للاستخدام فعلاً، يطرح الجدل الذي أثير حولها مجموعة كبيرة من الأسئلة عن مصير الاختراعات التي قدمت في المعرض خلال السنوات الماضية، أو تلك التي فازت في المسابقات العديدة التي تُجرى بين وقت وآخر، وأبرزها المسابقة الوطنية للإبداع، أو حتى براءات الاختراع المسجلة لدى مديرية حماية الملكية، ومدى الإفادة منها.

أزمة تاريخية

يعاني المخترعون والمبدعون في سوريا من عدم وجود أرضية استثمارية حقيقية تحتضن اختراعاتهم، وهو أمر لم تفرزه الحرب، بل واقع أسبق من ذلك. في العام 2008 نشرت شبكة أريج للصحافة الاستقصائية تحقيقاً بعنوان «المخترعون السوريون، إن نجوا من عراقيل الاستثمار لا ينفذون من اللصوص»، تناول بشكل تفصيلي - إلى حد ما - الأزمة التي يعانيها المخترعون والمبدعون في سوريا.

وبعد نحو 4 سنوات من نشر التحقيق، أي في العام 2012، صدر القانون رقم 18 الذي ينظم عملية تسجيل الاختراعات، والحصول على براءة اختراع، ويُمنح المخترع بموجبه مدة حماية لاختراعه على مدار 20 عاماً منذ تسجيل الاختراع بشرط دفع الرسوم السنوية، ما أفرز - وفق بيانات وزارة التجارة الداخلية - ارتفاع عدد براءات الاختراع إلى الضعف تقريباً. 

برغم ذلك لم تتغير الأوضاع الاستثمارية لهذه الاختراعات، واقتصر ما ناله معظم المخترعين والمخترعات على شهادات حماية لا أكثر. تسقط تلك الشهادات إذا لم يُستثمر الاختراع ويوضع في إنتاج ما خلال فترة زمنية محددة، وهو المصير الذي تواجهه معظم الاختراعات.

«مبلغ 20 مليون ليرة سورية تنظر إليه البنوك على أنه رقم كبير، مع أنه في الحقيقة لا يتجاوز ستة آلاف دولار، وهو مبلغ لا يمكن أن يؤسس مشروعاً إنتاجياً»

تظهر أرقام وزارة التجارة الداخلية أن عدد براءات الاختراع السنوية ضئيل جداً، مقارنة بعدد المشاركين في المعارض. بلغ عدد البراءات في العام 2019 (لا توجد إحصاءات للعامين 2020 و2021) 153 فقط، بينها عدد كبير من براءات الاختراع التقنية الصغيرة التي سجلتها شركات سورية وأجنبية، لتفصيل صغير في الجانب الإنتاجي، ما يحوّل هذه البراءات إلى مجرد وثائق قانونية، ويبعد عنها الصفة الإبداعية في كثير من الجوانب.

معارض ومسابقات «ع الفاضي»

تستعد إدارة معرض الباسل لإطلاق المعرض السنوي للإبداع والاختراع في مبنى كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية في جامعة دمشق في شهر تشرين الأول المقبل. وهو واحد من معارض ومسابقات عديدة تقام في سوريا لعرض الاختراعات والابتكارات، تحت شعارات عديدة بينها «تشجيع المستثمرين»، و«إيجاد فرص استثمارية لهذه الاختراعات».

يشرح مخترع شارك في ثلاثة معارض سابقة، ومسابقتين، أنه وصل إلى قناعة بأن «هذه المعارض والمسابقات مجرد زينة وبهرجة لا أكثر». ويؤكد أن «فرص إيجاد دعم مالي لتنفيذ الاختراعات واستثمارها ضئيلة جداً، ولا تفيد القروض التي تقدمها بعض البنوك السورية الرسمية في إطلاق أي مشروع بشكل حقيقي، سواء بسبب تعقيدات الحصول على قروض، أو بسبب عدم كفاية المبالغ الممنوحة لإطلاق المشاريع، فالمصارف الحكومية تنظر إلى الليرة السورية وكأنها قوية، وتقيسها بمقياس ما قبل الأزمة».

يقول الشاب: «مثلاً مبلغ 20 مليون ليرة سورية تنظر إليه البنوك على أنه رقم كبير، مع أنه في الحقيقة لا يتجاوز ستة آلاف دولار، وهو مبلغ لا يمكن أن يؤسس مشروعاً إنتاجياً».

ويضيف: «عدم وجود رؤوس أموال استثمارية، وعدم تقديم الدعم الكافي، بالإضافة إلى بدائية بعض الاختراعات وعدم قابليتها للتطبيق، أسباب تؤدي بمجملها إلى خروج المعارض والمسابقات بنتائج ضئيلة جداً، وتحولها إلى مجرد مهرجانات لالتقاط الصور التي يمكن استخدامها في البرستيج لا أكثر».

تعزز قيمة الجوائز المقدمة في مسابقات وزارة التجارة الداخلية هذه النظرة، إذ لا تتجاوز مليون ليرة للفائز الأول (أقل من 300 دولار).

يتقاطع حديث المخترع مع النتائج التي توصل إليها التحقيق الاستقصائي السابق الذكر برغم مرور أكثر من 13 سنة على نشره، في فكرة عدم وجود بيئة استثمارية، حيث خلص التحقيق إلى أن 46% من المخترعين (العام 2008) استثمروا اختراعاتهم، مقابل 54% لم يتمكنوا من ذلك، علماً أن 37 مخترع ممن استثمروا اختراعاتهم قاموا بذلك على نفقتهم الشخصية.

المنظمات الدولية و«فرق العملة»
بين وقت وآخر تقدم بعض المنظمات الدولية تمويلاً لإقامة مشاريع استثمارية صغيرة، ضمن خطط تشجيع الشباب والابتكار، فتنظم مسابقات لاختيار مشاريع وابتكارات تحصل على دعم مالي.
«عدم وجود رؤوس أموال استثمارية، وانعدام الدعم الحقيقي، وبدائية بعض الاختراعات وعدم قابليتها للتطبيق، أسباب تؤدي بمجملها إلى خروج المعارض والمسابقات بنتائج ضئيلة جداً، وتحولها إلى مهرجانات لالتقاط الصور»
أحد المخترعين الحاصلين على دعم مالي بهذه الطريقة، يشرح أن الأمر تطلب منه نحو عام كامل من التعب، بدءاً من تقديم العرض الأولي، مروراً بإجراء تعديلات بناء على طلب لجنة الحكم، وصولاً إلى مرحلة التصفيات النهائية، ليفوز في النهاية بمبلغ 9 آلاف دولار، يُمنح على دفعات بشرط إطلاق المشروع.
يقول الشاب: «أحياناً يناسب المبلغ بعض الاختراعات التي لا تحتاج رأس مال كبير، لكن بعض المشاريع تحتاج أضعاف ذلك المبلغ».
ويضيف: «يُصرف المبلغ بناء على سعر المصرف المركزي للدولار (2525 ليرة للدولار، مقابل 3300 ليرة في السوق) ما يؤدي بدوره إلى عرقلة المشاريع بسبب فرق العملة».
خلال حديثه يشير المخترع أيضاً إلى «وجود حالات فساد في بعض المنظمات، إذ تُقبل مشاريع معينة، ويُقسم المبلغ بين لجنة الإشراف وبين أصحاب بعض الاختراعات، من دون أن تُنفذ الاختراعات».

ما هو المطلوب؟
تتقاطع آراء عدد من المخترعين الذين تحدثنا إليهم حول أهمية إقامة معارض تخصصية، مع تكرار الإشارة إلى أن معارض الابتكارات تشهد «حالة زخم كاذب»، إذ تحتضن إلى جانب الاختراعات التقنية، مشاركات مصانع قائمة، أو تجارب طلابية، إضافة إلى بعض ابتكارات غريبة تتمحور حول الطاقة، والجذب، وغيرها.
من المطالب التي تقاطعت الآراء حولها أيضاً: 
- ضرورة وجود لجان علمية لتقييم وفرز الاختراعات. 
- تنظيم معارض متخصصة لكل فئة، والابتعاد عن حالة البهرجة، ما يوفر مساحة أكبر للاختراعات الحقيقة القابلة للتطبيق، وقد يرفع آمال الحصول على فرص استثمارية. 
- تقديم تسهيلات مصرفية وقروض ميسرة حقيقية، لا صورية، بما يتوافق مع قيمة العملة السورية. 
- إنشاء صندوق استثماري سوري يرعى الاختراعات ويستثمرها بشكل يعود بالفائدة على المخترع، وعلى البلاد، وعلى الصندوق الاستثماري نفسه، وإلا فإن جميع الجهود المبذولة ستبقى مجرد حبر على ورق، وتغدو مثل سابقاتها طي النسيان، ومجرد شهادات وصور تذكارية لا قيمة لها.

Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها