× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

«الكلابية» واللباس العسكري يطغيان في إدلب: هل أحيل الطقم الرسمي إلى التقاعد؟

حكاياتنا - خبز 11-09-2021

يُلاحظ في السنوات الأخيرة تغير واضح في العادات والتقاليد المرتبطة بملابس الرجال في الشمال السوري، وفي إدلب على وجه الخصوص. سابقاً كان اللباس الرسمي (الطقم) يحافظ على حضوره عند نسبة لا بأس بها، لكن الحال تغير في السنوات الأخيرة بالتناسب مع تزايد حضور «الكلابية»، واللباس العسكري بشكل طاغٍ

الصورة: (مركز إدلب الإعلامي - فايسبوك)

دخلت عادة ارتداء البزة الرسمية (الطقم) في الشارع السوري حالة انحسار تدريجية منذ سنوات، إلى أن باتت شبه معدومة في إدلب على وجه الخصوص. 

محمد العمري أحد أصحاب المحال المتخصصة في بيع الطقم الرسمي يتحدث عن تغير ظروف عمله، وصولاً إلى تحويل محله إلى محل لبيع الألبسة الرجالية بالعموم، والتخلي عن بيع الزي الرسمي منذ أعوام استجابة لقانون العرض والطلب.

يقول محمد: «كانت الأطقم الرسمية من أكثر الملبوسات المطلوبة سابقاً من مختلف طبقات المجتمع، ومختلف الأعمار، وخاصة في فصل الصيف والأعياد، فهي تشكل موسماً للأعراس والأفراح عند معظم السوريين الذين يهتمون بارتداء الطقم الرسمي في تلك المناسبات، سواء كانوا من أقارب العريس، أو أصدقائه».

ويضيف: «كنا نشتري البضائع من ورش الخياطة المتخصصة بتصنيعها، في حلب أو دمشق، وهذه البضائع تُسمى الطقوم الوطنية، أو نستوردها من الخارج، وغالباً عبر لبنان، وهذه تُسمى الطقوم الأجنبية، لكنني توقفت عن شراء المزيد منها منذ أكثر من سبع سنوات بعد توقف الطلب عليها بشكل كامل».

يشرح العمري قائلاً: «كان هنالك زبائن يهوون ارتداء تلك الأطقم، وقد اعتادوا زيارة المحل بين فترة وأخرى لاقتناء أحدث الموديلات، لكن الحال تغير منذ سنوات. الآن، أهتم بشراء وبيع أصناف أخرى، من الملابس العسكرية، إلى القمصان الشرعية، وغيرها، بما يتوافق مع موضة اللباس السائدة حالياً في المنطقة».

«في الصيف ما منشوف متر قدامنا من الغبرة، وفي الشتا منضطر نطلع بالجزمات لنقضي شغلنا لأن الطرقات بتتحول لمواحل ومستنقعات ماء، يعني جزمة وطقم رسمي؟ منصير مسخرة للعالم»

تتنوع أسباب الكف عن ارتداء البزة الرسمية. يقول عمر إنه لم يعد يهتم بالأمر إطلاقاً. سابقاً؛ عُرف الرجل بإخلاصه للطقم الرسمي، لكن الأمر تغير منذ أن خسر وظيفته مدرّساً في المدارس الرسمية (التابعة لدمشق)، ثم تلقيه خبر وفاة ابنه محمد في إحدى معارك ريف حماة. 

هكذا حلت «الكلابية» محل الطقم الرسمي، وصارت الزي المعتمد عند عمر الذي يعمل اليوم مدرّساً في مدارس مديرية التربية والتعليم التابعة لحكومة الإنقاذ، الأمر الذي ينطبق على معظم المدرسين معه، وفق كلامه.

أما عثمان، فيضع الأمر في إطار تغير نمط الحياة بأكمله. انتهى المطاف بالشاب في أحد مخيمات باريشا، بعد خمس رحلات متتالية من النزوح إثر سيطرة الجيش السوري على بلدته حزارين في ريف إدلب الجنوبي. 

لم يعد عثمان ذلك الشخص الذي يتردد بين الحين والآخر على محال الأطقم الرسمية لانتقاء الأفضل، فالطقم الرسمي يمثل بقناعته الشخصية رمزاً للأناقة والفخامة.

يقول عثمان بلهجته العامية ضاحكاً «في الصيف ما منشوف متر قدامنا من الغبرة، وفي الشتا منضطر نطلع بالجزمات لنقضي شغلنا لأن الطرقات بتتحول لمواحل ومستنقعات، يعني جزمة وطقم رسمي؟ منصير مسخرة للعالم». 

حلت «الكلابية» محل الطقم الرسمي، وصارت الزي المعتمد عند عمر الذي يعمل مدرّساً في مدارس مديرية التربية والتعليم التابعة لحكومة الإنقاذ، الأمر الذي ينطبق على معظم المدرسين معه، وفق كلامه

وفي الأعوام الأخيرة، بات اللباس السائد مرتبطاً بالظروف الحالية التي يعيشها الأهالي في الشمال السوري، علاوة على أن الجهة المسيطرة («هيئة تحرير الشام») تحبذ ارتداء «الكلابية» التي باتت واحداً من الزيين الأكثر شيوعاً بين الذكور حتى بين موظفي المؤسسات الخدمية، تُضاف إليها الألبسة العسكرية التي تلازم بعض الشبان. 

ويرى كثرٌ تحدثنا إليهم أن ارتداء الطقم الرسمي قد ارتبط سابقاً بجملة من العوامل والظروف، مثل الأفراح، والوظيفة العامة، وغيرها، وما إن اختفت تلك العوامل بالنسبة لأصحابها حتى تلاشت معها عادة ارتداء البزة الرسمية. ويضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار الملابس الرسمية، وبحسب عمر غياث، أحد باعة الألبسة «يتراوح ثمن الطقم الرسمي المتوسط النوعية ما بين 50، و100 دولار».

يعود تاريخ ظهور الطقم الرسمي إلى عهد الملك إدوارد السابع ملك المملكة المتحدة (بريطانيا) سنة 1855 الذي تقول مصادر عديدة إنه أول من ارتدى ذلك الزي.

يتألف الطقم الرسمي من بنطال، وقميص، وسترة، وربطة عنق، إضافة إلى حذاء جلدي. ويرى كثيرون فيه رمزاً للأناقة الرسمية، ويرتبط ارتداؤه بالأفراح، وبعض المناسبات الأخرى، كما يرمز ارتداؤه في بعض الأحيان إلى المنصب. ويبدو أن معظم هذه التفاصيل قد فقدت رونقها ومعانيها منذ سنوات طويلة في كثير من مناطق سوريا، فلا أناقة مع مرارة النزوح، ولم تعد للأعراس بهجة الأفراح المعهودة إذ لا يكاد يخلو بيت سوري من مرارة فقدٍ، أو مأساة مصاب، أو معتقل، أو مخطوف. 


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها