× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

«العيش في صناديق» يؤرق سكان المخيمات: كأننا لن نعود إلى ديارنا أبداً

حكاياتنا - خبز 19-09-2021

في هذا التقرير لا ننكر جهود منظمات المجتمع المدني في تقديم يد العون إلى سكان بعض المخيمات في الشمال السوري، بل ننقل ما يتداوله الناس من مخاوف وهواجس: «هل سنعود؟ متى؟ هل يطول الأمر؟ هل هناك أمل؟ يبدو أن النزوح مستمر ما داموا يبنون كتلاً إسمنتية»!

الصورة: (صوت سوري)

يشكو معظم سكان المخيمات الحدودية في ريفي حلب وإدلب سوء الأوضاع المعيشية في الخيام، وغياب الخدمات، والاحتياجات الأساسية، لكن الأمل بالعودة إلى المدن التي نزح السكان منها يفسر محاولات الصبر والتأقلم مع الواقع المرير.

وبرغم الانعطافة في نمط المساعدات المقدمة من خلال بناء منازل مشابهة للخيام لكنها من الإسمنت، فإن الأمر يبدو كما يرى كثير من الأهالي «مريب، ومخيف»، لأن مسألة العودة إلى الديار كانت تراودهم بين حين وآخر، أما «الصناديق الإسمنتية» فتبدو إقراراً بأن العودة باتت شبه مستحيلة.

«صناديق إسمنتية»

«صناديق إسمنتية.. ما هذا يا رجل؟ وكأننا لن نعود إلى ديارنا مجدداً»!

هذا ما قاله محمد جهجاه عقب تلقيه خبر نقل سكان المخيم إلى مكان جديد للإيواء.

تغيرت تعابير وجه الرجل الخمسيني، وهو من ريف إدلب الجنوبي، ويقيم في أحد المخيمات العشوائية في ريف حلب الشمالي، وقفز البؤس المخزن داخله إلى عينيه دفعة واحدة.

تركت أسرة جهجاه منزلها الكائن في قرية معرشمارين (قرب معرة النعمان) أثناء الحملة العسكرية التي انتهت بسيطرة الجيش على المنطقة.

«ما تفعله المنظمات من مشاريع بناء هي محاولة لتوطيننا، وتركنا في هذه البقعة الجغرافية، سقف أحلامنا الحصول على صندوق إسمنتي قد يكون ملجأنا الوحيد، وقصرنا في هذه الظروف»

يقول الرجل لـ «صوت سوري»: «هذا ما كنت أخشاه؛ أن يخترعوا لنا حلولاً لا يمكنها أن تعوض منازلنا التي تركت للدمار والسرقة. لجأنا إلى المخيمات على أمل عودة قريبة لكن مضى على نزوحنا أكثر من عام».

ويضيف: «ما تفعله المنظمات من مشاريع بناء هي محاولة لتوطيننا، وتركنا في هذه البقعة الجغرافية، سقف أحلامنا الحصول على صندوق إسمنتي قد يكون ملجأنا الوحيد، وقصرنا في هذه الظروف».

يعتبر جهجاه أن الكتل الإسمنتية التي تبنيها بعض المنظمات على اختلاف أسمائها وأماكنها «ما هي إلا محاولة لإسكاتنا عن حقوقنا التي تم هدرها في مدننا وقرانا».

«حلم» للبعض

يبدو أن استمرار النزوح وامتداده لسنوات متتالية جعل كثيراً من الأسر السورية تحلم بجدران للاتكاء عليها بدل الجلوس في الخيم القماشية التي تفتقر أدنى مقومات السكن. 

قبل سنوات ترك أحمد اليوسف مدينة دير الزور هرباً من العمليات العسكرية ضد تنظيم «داعش»، لينتهي به المطاف في ريف حلب الشمالي مع أسرته.

«لا يمكن أن تعوضنا هذه الصناديق عن منازلنا. إنها ضيقة وصغيرة. نريد العودة إلى منازلنا مهما كلف الثمن، لا يمكنهم تركنا هنا للمجهول حيث لا مستقبل بل تراجع مستمر نحو الأسوأ»

يقول الرجل: «نعيش في خيمة منذ العام 2017 بالقرب من بلدة سجو (شمالي مدينة أعزاز)، وأزاول الأعمال الحرة لتأمين مصروف أسرتي، لكنني أحلم أن تكون لدي غرف مصنوعة من الإسمنت».

ويضيف: «لا تتوافر مقومات الحياة في الخيمة، ولا يمكن أن أسند ظهري للحظة على جدار لأن القماش ليس متيناً، ومع استمرار نزوحنا أتمنى الحصول على مسكن أستطيع أن أحظى فيه أنا وأسرتي ببعض الخصوصية».

يوضح أحمد أنه لا يستطيع الحصول على أحد المساكن التي تُنشأ حالياً «لأن المنظمات تستهدف بعض المخيمات القائمة منذ عشر سنوات وفي مناطق معينة».

«منازلنا نحن أولى بها»

 «لم أتوقع يوماً أن أترك منزلي مكرهاً. تعبت كثيراً في عمليات بنائه التي استغرقت أكثر من خمس سنوات. كنتُ أعمل بشكل متواصل، وكل مبلغ جنيته تحول إلى جزء من ذلك المنزل». 

هذه ليست مجرد كلمات عادية، بل إنها تكثيف لقصص تعب كثير من السوريين في بناء منازلهم، قبل أن يتركوها فارغة ومُشرعة للدمار والسرقة.

ينحدر أبو عبد الحميد سرجاوي من قرية صغيرة قرب مدينة معرة النعمان. انتقل الرجل منذ أشهر من المخيم العشوائي قرب مدينة مارع، إلى منطقة سكنية أُنشئت من كتل إسمنتية في بلدة احتيملات بريف حلب الشمالي.

يقول الرجل لـ «صوت سوري»: «منازلنا نحن أولى بها، كيف يمكننا أن نمضي بقية أيامنا بعيداً عنها وهي التي أكلت من أجسادنا في مراحل بنائها؟ هذا ليس عادلاً. حقوقنا مهدورة لمجرد أننا وُجدنا في بقعة جغرافية نكبتها الحرب».

ويضيف: «لا يمكن أن تعوضنا هذه الصناديق عن منازلنا، لأنها بالفعل لا تتيح بيئة جيدة للعيش. إنها ضيقة وصغيرة. نريد العودة إلى منازلنا مهما كلف الثمن، لا يمكنهم تركنا هنا للمجهول حيث لا مستقبل بل تراجع مستمر نحو الأسوأ».

«لا تتوافر مقومات الحياة في الخيمة، ولا يمكن أن أسند ظهري للحظة على جدار، ومع استمرار نزوحنا أتمنى الحصول على مسكن أستطيع أن أحظى فيه أنا واسرتي ببعض الخصوصية»

ويوماً بعد يوم تتدفق الصور على وسائل التواصل الاجتماعي عن افتتاح قرية وبناء أخرى، بدعم من منظمات عاملة في الشمال السوري، تسعى إلى «القضاء على معاناة سكان الخيام، وإيجاد بيئة سكن ظروفها أفضل»، بحسب ما توفره المنظمات من معلومات.

تتكون كل واحدة من الكتل الإسمنتية التي تبنيها بعض المنظمات من غرفة، وحمام، ومطبخ صغير، إضافة إلى خزان ماء. وتوفر بلا شك خياراً مؤقتاً أفضل من الخيمة، لكنها فعلياً قد تعني أنها باتت «ملاذاً نهائيّاً» لسكانها بدلاً من المنازل الواسعة (خاصة في الأرياف) التي هُجروا منها، ويرى كثير منهم أن هذا التطور يعني القضاء على أي أمل في العودة إلى الديار.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها