× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

ما هي دية الكرام؟

عقل بارد - على الطاولة 20-09-2021

لو قرر كل واحد البحث والسؤال والاستقصاء، فعلى الأرجح سيجد قصة مشابهة حصلت، أو يُحكى عنها في بيئته، حقيقية كانت أو حتى متخيّلة. والسؤال الآن: إن كانت هذه الأمثولات حاضرة في الموروث الشفوي الذي وصلنا بالفعل، فلماذا لم تنل حقّها من الانتشار؟ ولماذا لم نحصد إلا الدم، والخراب، والقتل؟

يتعجب كثير من الشباب في سوريا عند مجالسة بعض كبار السن، والاستماع إلى حكاياتهم، أو القصص التاريخية المتناقلة، من قصص حب، أو حرب، أو قصص مواقف. 

غالباً، ما تكون لدى كل منّا قصة لا يمكن نسيانها، تضعه أمام حالتين متناقضتين تماماً: التصديق، وعدم التصديق. 

سأقص عليكم/نّ هذه القصة التي اقشعرّ بدني عند سماعها، وتقول: «بينما كان أبناء العمومة يصطادون في إحدى المناطق، قُتل واحد منهم بنيران ابن عمه من دون قصد. اجتمع إخوة المقتول بكامل عتادهم قصد الأخذ بالثأر. كان لوالدهم رأي آخر، فقد حمل سلاحه وانطلق للوقوف أمام باب بيت أخيه. حين وصل إخوة المقتول أمام بيت عمهم، فوجئوا بأبيهم يشهر سلاحه في وجوههم قائلاً: "إنتو جيتوا لتثأروا لخيكم، وأنا جيت دافع عن خيي". وبهذا الموقف حُقنت الدماء». 

قد يرى البعض أن هذه القصة محض خيال، أو أنها مجرد موعظة، لكنها قصة حقيقية بالفعل، قصّها عليَّ واحدٌ ممن شهدوها. ومنذ أن سمعتها وحتى اليوم وأنا أتساءل: ألم يكن في سوريا كلها أحد قادر على حقن الدماء بمثل ذلك الموقف؟ 

«اجتمع إخوة المقتول قصد الأخذ بالثأر من ابن عمهم. فوجئوا بأبيهم يشهر سلاحه في وجوههم قائلاً: "إنتو جيتوا لتثأروا لخيكم، وأنا جيت دافع عن خيي"، وبهذا الموقف حُقنت الدماء»

لو قرر كل واحد البحث والسؤال والاستقصاء، فعلى الأرجح سيجد قصة مشابهة حصلت، أو يُحكى عنها في بيئته، حقيقية كانت أو حتى متخيّلة.

السؤال الآن: إن كانت هذه الأمثولات حاضرة في الموروث الشفوي الذي وصلنا بالفعل، فلماذا لم تنل حقّها من الانتشار؟ ولماذا لم نحصد إلا الدم، والخراب، والقتل؟ 

لماذا خُلّدت بدلاً من ذلك «بطولات» مليئة بقصص الثأر والقتل؟ منذ سنوات وأنا أتساءل لماذا لا تكف المحطات السورية عن عرض مسلسل الزير سالم؟ لا أبالغ حين أقول إن عرض المسلسل لم يتوقف طوال السنوات السابقة، كلما انتهت محطة سورية من عرضه، بدأت محطة أخرى! 

ليس القصد هنا الخوض في حديث نقدي فني، ولا تقييم المسلسل بوصفه عملاً دراميّاً، أنا أتحدث تحديداً عن الإصرار على عرضه وتكراره. أهي مصادفة؟ ألم ينتبه أحد إلى أن في المسلسل / السيرة تثبيت وترسيخ لمفهوم الثأر، وتهميش لرأي ابن عباد بأن «دية الكريم عند العرب الاعتذار»؟! بل إن ابن عُباد نفسه تخلى عن المقولة حين قُتل ابنه، وانطلق إلى الأخذ بثأره.

هل من المبالغة القول إنّ الدراما في بلادنا كانت (وما زالت) وسيلة للسيطرة على الجمهور، وتسييره؟ 

هل من الغريب القول إنّ إعادة عرض مسلسلٍ ما في توقيت ما هو فعلٌ يحتاج كثيراً من الوقوف عنده والتأمل فيه؟ 

ثم، وهذا الأهم، هل يمكن فصل مثل هذه الجزئية عن مجمل الأداء الإعلامي في الملف السوري برمّته، وعلى مختلف الجهات والجبهات؟


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها