× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

«فساد سوري» يتصدر الصحف الهولندية

حكاياتنا - خبز 10-10-2021

تكرر في الآونة الأخيرة كشف الصحف الهولندية عن ممارسات فساد ممنهج لبعض اللاجئين السوريين بغية الاحتيال على الحكومة، وتحصيل أكبر قدر ممكن من الأموال. تتالي هذه القصص كفيل بتعميم صورة نمطية عن السوريين والسوريات في هولندا، وتعزيز مواقف الأحزاب الهولندية، وتغيير بعض القوانين لتصبح أكثر تعقيدا

الصورة: (صحيفة ED)

لم تمنع القوانين الصارمة والدقيقة في هولندا بعض حملة الجنسية السورية اعتمادَ أسلوب «الشطارة» كما يسمونه، فانتقلت معهم بعض طرق الفساد التي اعتادوها في سوريا، عبر سلوكيات فردية متفرقة في مجالات مختلفة، وباستخدام وسائل متنوعة يجمعها هدف واحد: التحايل على الحكومة لتحقيق مكاسب أكثر.  

مدارس اللغة  

قدمت الحكومة الهولندية تسهيلات للسوريين أصحاب الإقامات القديمة تشجع على فتح مدارس لتعليم اللغة المحلية، لتسهيل عملية اندماج القادمين الجدد. 

خصصت الحكومة مبلغاً قدره عشرة آلاف يورو يُمنح لكل شخص لتعلم اللغة في غضون ثلاث سنوات، وإذا انقضت تلك المدة من دون تعلمها وإتمام امتحان الاندماج يتوجب عليه نظرياً إرجاعها لكن غالباً ما يُعفى إذا أثبت حضوره عدداً معيناً من الدروس. تزداد صعوبة امتحان اللغة الخاص بالاندماج حسب الرغبة بمتابعة الدراسة الجامعية، لكن المطلوب بالحد الأدنى لاستيفاء المعيار اللغوي للقدرة على الاندماج إتمام مستويين، لا تتجاوز تكلفة كل منهما ألفاً وثلاثمئة يورو.

ولمنع سوء استخدام الأموال المخصصة للتعليم لا يودع المبلغ في الحساب المصرفي الشخصي، بل تحوّل إلى مدرسة اللغة التي يختارها اللاجئ بعد أن يوقع على عقد لكل دورة، وهنا يبدأ «اللعب»، فيتحايل بعض أصحاب المدارس على اللاجئ نفسه، وعلى الحكومة، ويتحايل اللاجئ على الحكومة، وتُعقد اتفاقات «تحت الطاولة» بين بعض أصحاب المدارس وبين بعض اللاجئين، تفضي إلى توقيع عقود وهمية مقابل حصول اللاجئ على مبلغ مالي لا يتجاوز أربعمئة يورو، أو هدايا كهاتف خلوي وغير ذلك من صاحب المدرسة، وتقدم المدرسة للاجئ وثائق ورقية تفيد بحضوره ستمئة ساعة دراسية على الأقل، وهو العدد المطلوب للخضوع لامتحان الاندماج، الذي غالباً ما تكون نتيجته الفشل في حالات كهذه.

لا تكون للفشل في اجتياز امتحان الاندماج عواقب مباشرة، فـ«في أسوأ الحالات قد تقرر البلدية خفض المزايا، أو سداد جزء فقط من الرسوم الدراسية، وهذا نادراً ما يحدث. أي شخص يفشل في الامتحانات أربع مرات، ويستطيع إثبات أنه حضر ما لا يقل عن 600 ساعة من التعليم ، سيُعفى من التزام الاندماج المدني. والمدرسة المحتالة على استعداد لتقديم وثائق كاذبة عن تلك الدروس». هذا ما توضحه صحيفة «فولكس كرانت» الهولندية التي تُعنى بقضايا اللاجئين.

بهذه الطريقة جمعت بعض المدارس ملايين اليوروهات، قبل أن يُكشف الاحتيال بمساعدة موظف سابق في إحدى المدارس وطالبة مزيفة. وقد نشرت الصحيفة المذكورة أسماء المتورطين بشكل صريح، ومحادثات بينهم وبين الطلبة، وعدا عن الفساد المالي، تكشف صور إحدى المحادثات محاولة أحد المسؤولين عن تلك المدارس الوهمية إقامة علاقة جنسية مع الطالبة، وسؤالها عن عذريتها.

أدى الكشف عن عمليات الاحتيال إلى سحب جنسيات العديد من المتورطين، وإقرار تغييرات جوهرية في خطط التعلم المستقبلية، إذ ستصبح البلديات هي المسؤولة بشكل مباشر عن تعلم اللغة، فضلاً عن إقرار قوانين جديدة أخرى منعاً لاحتيالات أخرى.

القطاع الصحي

لم تكن مدارس اللغة حالة فريدة، فقد نشرت الصحيفة ذاتها، وصحف أخرى أيضاً تقارير عن احتيال بعض السوريين على التأمين الصحي، ومراكز التجميل، وعن طبيب أسنان سوري أقدم على تزوير فواتير كثيرة، والتحقيق مستمر معه حول ذلك.

يُلزم كل شخص في هولندا ابتداء من سن الثامنة عشر بتأمين نفسه صحياً، ويدفع شهرياً مبلغاً يختاره بحسب نوع التأمين. الاحتيال هنا يحصل عبر أطباء سوريين، أو مراكز تجميل سورية متخصصة بعلاجات البشرة وإزالة الشعر بالليزر، ويتفق الطرفان على تقديم بعض العلاجات التي يغطيها التأمين، وعلاجات إضافية بفواتير وهمية، ليحصل «المريض» على مبالغ من شركة التأمين تفوق الكلفة الحقيقية للعلاج، ويتقاسم الأرباح مع الطبيب أو المركز المتواطئ.

ووفق الصحف الهولندية، فإن بعض اللاجئين الذين أقدموا على هذه الخطوة كانوا يريدون فقط تعويض الأموال التي يدفعونها شهرياً إلى شركة التأمين.

وتبعاً للتحقيقات، فإن المئات من السوريين معرضون لفقدان تأمينهم الصحي، ما يعني اضطرارهم إلى دفع مبالغ كبيرة عند احتياجهم أي شيء ضمن القطاع الصحي.

أساليب «مبتكرة» 

«شعب متعود يشغل مخه بكيف بدو ياخد أكتر مين ما كان اللي عم يكسب منه، فينا نقيسها من لما وعينا ببلدنا على أي معامل كيف بنمشيها، وعلى الأسعار اللي كنار نرفعها لأضعاف لما يكون الزبون سائح، بالبلد كانت الحجة إنو الدخل قليل، والفساد متغلغل، لكن بأوروبا المفروض مو ناقصنا شي، وهي بلاد قانون، بس الطماع ما بيتغير، ولو عاش بأنضف مكان في العالم». 

هذا ما قاله أحمد (اسم مستعار) الذي يعمل في إحدى شركات توصيل الطرود، تعليقاً على سلوكيات لبعض أصدقائه، مثل طلاق صديقه من زوجته قانونياً (على الورق فقط) من دون أن يتغير شيء في العلاقة الفعلية بينهما، والهدف حصول كلّ منهما على منزل مستقل بعد الانفصال، ثم تأجير أحد المنزلين بـ«الأسود»، أي بشكل غير موثق رسمياً، ويكون الإيجار في هذه الحالة أرخص من المعتاد، ليخرج الجميع «رابحاً». 

هذه التجاوزات تخدم الأحزاب اليمينية، التي تهتم بالتركيز على السلوكيات الفاسدة والاحتيالية، لاستخدامها سلاحاً قوياً لتبرير وتعزيز مواقفها داخل البرلمان الهولندي

يشرح أحمد أن صديقه في العمل لم يوقع عقداً نظامياً بل يعمل بدوامين، بـ«الأسود» تهرباً من دفع الضرائب، ولضمان استمرار الحصول على معونة مادية من الدولة، وبعد ست سنوات من ممارسة مهنته بشكل غير قانوني، استطاع تجميع مبلغ مالي كبير سيأخذه ويسافر إلى تركيا للإقامة فيها، بعد شراء منزل هناك.

ويضيف: «مرة قال لي إني غبي، وما بعرف دبر أموري، واللي عم يعمله ذكاء، إنو ليش ليدفع ضرايب؟ قلت له وقتها: لأنهم عم يأمنوا كل شي لولادك، وبكرة بشيلوك بس تكبر، جاوبني: "إذا عادوا شافوا وجهي"، لا وفوقها حاطط علم هولندا صورته الشخصية على فايسبوك». 

تتكرر هذه السلوكيات لتكون «نمط حياة»، وتتفتق الأذهان كل فترة عن ممارسات احتيالية جديدة، ومن أغربها أن شابة تقيم في هولندا منذ فترة قصيرة تبحث الآن عن «عريس» يقيم في سوريا، لتتزوجه على الورق، وتنجز إجراءات «لم الشمل» الكفيلة بانتقاله للعيش في هولندا، مقابل أن يدفع لها مبلغاً كفيلاً بتعويض ما كلفها سفرها إلى هولندا، مع بعض الأرباح!

طبعاً لا يمكن التعميم على الجميع، فهناك كثر يحترمون القوانين السائدة ويلتزمون بها، لكن اتساع نطاق السلوكيات الفاسدة كفيل بتنميط الصورة أمام أبناء البلد، حكومة وسكاناً. المشكلة الأخطر، أن هذه التجاوزات تخدم الأحزاب اليمينية، التي تهتم بالتركيز على السلوكيات الفاسدة والاحتيالية، لاستخدامها سلاحاً قوياً لتبرير وتعزيز مواقفها داخل البرلمان الهولندي، إضافة إلى تغيير كثير من القوانين لتصبح أكثر صعوبة، وتعقيداً على الجميع بلا استثناء.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها