× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

مسماران في نعش «اقتصاد الشارع السوري»: الليرة التركية والطاقة الأوروبية!

حكاياتنا - خبز 24-11-2021

تشكل الحوالات الخارجية «قشةً» تتعلق كثير من العائلات السورية بها، لكن هذه «القشة» تظل شديدة التأثر بأي هزة اقتصادية إقليمية، أو خارجية. أحدث الهزات تهاوي الليرة التركية، وارتفاع أسعار الطاقة في أوروبا!

الصورة: (Larissa KorobovaFollow - فليكر)

«سيكون شتاء صعباً علينا».. يقول أبو رائد، وهو رجل في الخمسين من عمره يعيش مع عائلته في مدينة اللاذقية. 

ويضيف: «وصل سعر ليتر المازوت إلى نحو ثلاثة آلاف ليرة سورية في السوق السوداء، ولم نحصل على مخصصاتنا من المازوت المدعوم وهي أصلاً مجرد 50 ليتراً». 

يقول الرجل موضحاً أحدث أزماته: «ابني الذي يعمل في تركيا كان يرسل إلينا بين وقت وآخر مبالغ مالية نسد بها حاجتنا، الآن لم يعد يستطيع ذلك».

لتأمين الحد الأدنى من حاجة عائلته من المازوت يحتاج أبو رائد نحو 300 ألف ليرة سورية (100 ليتر من المازوت)، وهو مبلغ لا يملكه في الوقت الحالي، ولا يمكنه تأمينه، خصوصاً أن راتبه لا يكفيه أساساً لتأمين احتياجات عائلته الأساسية في ظل الارتفاع الكبير والمستمر لأسعار السلع.

يستفيض أبو رائد، الذي يعمل في شركة خاصة للنقل بين المحافظات، في شرح الأوضاع التي يعيشها ابنه في الوقت الحالي، إذ أدى التهاوي المستمر لقيمة الليرة التركية مقابل الدولار إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير في تركيا. يقول الرجل: «لديه عائلته أيضاً، كان يرسل لنا شهرياً مبالغ متفاوتة، أحياناً 200 ألف ليرة سورية، وأحياناً 300 ألف، أما هذا الشهر فلم يستطع إرسال شيء».

وتشهد تركيا في الوقت الحالي أزمة اقتصادية أدت إلى تراجع قيمة الليرة التركية مقابل الدولار لتفقد ثلث قيمتها تقريباً، ويصل سعر الدولار الواحد إلى رقم تاريخي لامس 13 ليرة، ولا يزال الاضطراب سيد الموقف.

«هذا الشهر لم يستطع ابني إرسال أكثر من 100 يورو بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز في ألمانيا. انتهى العقد الذي وقعه مع شركة الطاقة، واضطر إلى توقيع عقد جديد يتطلب دفع مبلغ أكبر مما كان يدفعه بكثير»

وفيما يعتبر أبو رائد ما يرسله ابنه بين وقت وآخر بمثابة مساعدات يستعين بها إلى جانب راتبه، تعتمد أم عارف بشكل كامل على ما يرسله ابنها اللاجئ في ألمانيا بشكل شهري، لدفع إيجار المنزل، وتأمين الاحتياجات المعيشية اليومية لعائلتها المكونة من 4 أشخاص، بعد وفاة زوجها.

تقول السيدة «أبنائي الثلاثة يدرسون في الوقت الحالي، ولا يمكنهم العمل، يرسل ابني الذي يعيش في ألمانيا 150 يورو شهرياً (نحو 580 آلاف ليرة سورية) وهو مبلغ بالكاد يكفينا». 

وتضيف: «هذا الشهر لم يستطع ابني إرسال أكثر من 100 يورو بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز في ألمانيا. انتهى العقد الذي وقعه مع شركة الطاقة، واضطر إلى توقيع عقد جديد يتطلب دفع مبلغ أكبر مما كان يدفعه بكثير».

تحاول أم عارف التأقلم مع المبلغ الجديد (100 يورو)، ولا تخفي قلقها من أن يقلّ أكثر في الشهور القادمة. تقول: «في أوروبا لا يمكنهم التخلف عن دفع المستحقات الشهرية، مثل التأمين الصحي، والفواتير، وإيجار المنزل، لذلك أخشى أن تمنع الظروف ابني من إرسال الحوالة في الشهور المقبلة».

وتشهد أوروبا ارتفاعاً متزايداً في أسعار الكهرباء، من جراء أزمة الغاز العالمية، وارتفاع أسعاره التي تضاعفت أكثر من ثلاث مرات، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الكهرباء في كثير من الدول الأوروبية بنسب تراوحت بين 35 % و60 %، فضلاً عن ارتفاع أسعار السلع والمنتجات.

ويعتمد قسم كبير من الأسر السورية على المساعدات الخارجية والحوالات التي يرسلها لاجئون ومغتربون، ويقدر بعض المختصين أن حوالى 70 بالمئة من السوريين في الداخل يعيشون بفضل حوالات المغتربين.

ولا يمكن استلام الحوالات الخارجية ببساطة، بل عبر طرق معقدة وبوسائل غير قانونية، إذ تعيق العقوبات إرسال حوالات مالية من معظم بقاع العالم ولا سيما أوروبا، والولايات المتحدة، وتركيا، أما الحوالات التي ترد من دول الخليج وبعض الدول العربية الأخرى عبر شركات تحويل مرخصة فتُسلم للمستفيدين بالليرة السورية ووفق أسعار صرف تختلف عن القيمة الفعلية في السوق السوداء.

ومن المتوقع أن تترك التغيرات الاقتصادية العالمية أثراً كبيراً متصاعداً على حياة الشرائح التي تعتمد على التحويلات الخارجية، فيما لوحظت الآثار الكارثية بشكل أسرع في الشمال السوري حيث يرتبط اقتصاد تلك المناطق بالاقتصاد التركي بشكل مباشر، خصوصاً بعد اعتماد الليرة التركية عملةً متداولةً في التعاملات اليومية. 

وشهدت محافظة إدلب، ومناطق واسعة من ريف حلب الشمالي ارتفاعات في أسعار معظم السلع، لا سيما الخبز، والمحروقات، ما خلق أزمة خانقة جديدة، خصوصاً أن معظم الأسر في تلك المناطق تعيش ظروفاً اقتصادية مأسوية.

ويعاني السوريون والسوريات في مختلف مناطق السيطرة نزفاً في القوة الشرائية لدخلهم المتواضع، في ظل الارتفاعات المستمرة لأسعار السلع، وتدني مستوى الأجور. 

وفي آذار الماضي قدر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن «حوالى 12.4 مليون سوري - ما يقارب 60 في المئة من السكان – يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ومن بينهم حوالى 1.8 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي الشديد، ما يعني أنهم لا يستطيعون البقاء على قيد الحياة من دون مساعدة غذائية».

وقبل أسبوعين أعاد بيان للبرنامج التذكير بأن «نحو 12.4 مليون شخص في سوريا لا يعرفون من أين سيحصلون على وجبتهم التالية، وهو مستوى من انعدام الأمن الغذائي يفوق أي وقت خلال النزاع المستمر منذ عقد من الزمن. وقد ساهم النزاع والنزوح الجماعي للسكان وتأثيرات الأزمة المالية في لبنان المجاور وتراجع قيمة الليرة السورية وفقد الوظائف بسبب جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) في الانكماش الاقتصادي في سوريا».


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها