× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

العدالة السورية «عرجاء» بين الأزواج: هل فكرتِ بمحاكمة زوجك الخائن؟

حكاياتنا - خبز 20-12-2021

«القانون نفسه الذي خفف لعقود مضت أحكاماً قد تصل للإعدام بحق الزوج بدعوى "جرائم الشرف" عرقل حق الزوجة في محاكمة زوجها، وجرّمها بعقوبات أقسى بررها القانون بأنها - أي الزوجة - المسؤولة عن بناء الأسرة الصالحة، والمتوازنة في مجتمعنا الشرقي»

أثار قاضي بداية الجزاء الأول في دمشق طارق الكردي تساؤلات عديدة حول المادة 474 من قانون العقوبات السوري، التي تقضي بمحاكمة الزوج بتهمة الخيانة الزوجية، وتشّرع للزوجة حقَّ الادعاء في حالتين؛ الأولى: اتخاذ الزوج لخليلة له جهاراً، وإثبات هذا بالشهود أو المراسلات، أو الإقرار. والثانية: ارتكابه جرم الزنى في بيت الزوجية، وإثبات هذا بالشهود حصراً، وأثناء قيامه بالجرم.

يرى كثير من المحامين والمحاميات أن هذه الشروط أشبه بـ«تعجيز» يقطع الطريق على معظم الزوجات اللاتي يفكرن، أو يسعين إلى مقاضاة أزواجهن بتهم الخيانة الزوجية. 

الكردي كان قد أشار إلى أن دعاوى الرجال على زوجاتهم أكثر من دعاوى الزوجات، وهذا وفق رأيه عائد إلى «جهلهنّ بالقانون من جهة، أو لصعوبة إثبات هذا الجرم على الأزواج من جهة أخرى». 

لا أحد يعلم من أين استقى القاضي يقينه بـ«جهل النساء بالقانون»، لكن على أي حال ليس هذا المقام المناسب لمناقشة هذه الفكرة، أما «صعوبة إثبات الجرم» فقد أصاب فيها الكردي تماماً. 

«لا عدالة»

تقول المحامية هادية إن «عقوبة الخيانة الزوجية على الزوج تتراوح بين السجن شهراً أو سنة واحدة في أقصاها، وتحتاج الزوجة إلى شهود من خارج عصبها (الوالدين والإخوة) لتثبت الواقعة بالجرم المشهود في بيت الزوجية حصراً». 

وتضيف: «القانون لا يجرّم خليلة الزوج. أما عقوبة الزوجة الخائنة فتصل إلى لثلاث سنوات في حال ثبت عليها فعل الخيانة، من دون اشتراط المكان (بيت الزوجية)، كما يُتغاضى عن شرط الجرم المشهود، أي يكفي الزوج إثبات تردد زوجته إلى مكان ما، أو تردد أحد ما إلى منزلها في غيابه ليدّعي عليها، وعلى خليلها، ويسجنهما». 

واستناداً إلى ذلك ترى المحامية أن «القانون لم يعدل بين الزوجين، بل يبدو أنه ساير الزوجة خوفاً من ردود أفعالها». 

والواقع أن هذا ما أكده القاضي الكردي بقوله: «القانون حرص على شعور الزوجة خشية أن تقدم على تصرفات تؤذي الزوج في حال علمت بالخيانة»، وكأنه أراد أن يقول إن هذا القانون لم يوضع لخدمة الزوجة بل حرصاً على حياة الزوج، وفيه شيء من التحذير للزوج؛ ليس تحذيراً من القيام بالفعل، بل من معرفة وعلم الزوجة به!

«لا أثق بالمحاكم، وأشك في عدل قانون سنّه الرجال، وإن حصل وأنصفني فسيعاقبني المجتمع، نساؤه قبل رجاله، وأمي قبل أبي، وهذا أكبر مما أتحمل. لهذا تنازلت عن فكرة الادعاء على زوجي بجرم الخيانة الزوجية، وعن كامل حقوقي، وطلبت الطلاق»

تكمن المشكلة برأي المحامية هادية في أن «القانون نفسه الذي خفف لعقود مضت أحكاماً قد تصل للإعدام بحق الزوج بدعوى "جرائم الشرف" عرقل حق الزوجة في محاكمة زوجها، وجرّمها بعقوبات أقسى بررها القانون بأنها - أي الزوجة - المسؤولة عن بناء الأسرة الصالحة، والمتوازنة في مجتمعنا الشرقي».

..و«لا ثقة بقانون ذكوري»

بدورها؛ تعترض فادية على القوانين باعتبارها «صناعة ذكورية خالصة تخدم مصالحهم». وتقول: «لا أثق بالمحاكم، وأشك في عدل قانون سنّه الرجال، وإن حصل وأنصفني فسيعاقبني المجتمع، نساؤه قبل رجاله، وأمي قبل أبي، وهذا أكبر مما أتحمل. لهذا تنازلت عن فكرة الادعاء على زوجي بجرم الخيانة الزوجية، وعن كامل حقوقي، وطلبت الطلاق». 

تشير فادية إلى علمها بأن «الشرائع والأديان حاولت إنصاف المرأة، وإظهار حقوقها، فحد الزنا يقع في الشريعة (الإسلامية) على الرجل كما المرأة، ولكن في المجتمع والعائلة والمحكمة والقانون يختلف كل شيء». 

وتضيف: «سألني المحامي إن كنت أملك شهوداً يثبتون أن زوجي ارتكب فعل الزنا في منزل الزوجية، اعتقدت بداية أنني أملك الكثير من الجيران ممن شاهدوا خليلته تدخل وتخرج من المنزل في وضح النهار، أثناء غيابي في العمل، ولكن حتى الشخص الوحيد الذي وافق منهم على الشهادة لم تُقبل شهادته، فهو مثلي لم يرهما في الجرم المشهود، وحتى لو قُبلت فلن تكفي وحدها لإثبات الجرم».

يقول المحامي زيد إن «كثيراً من دعاوى الخيانة الزوجية غايتها الطلاق بمكاسب مادية أو معنوية، من أهمها المهر، والمقتنيات المنزلية، والعقارات إن وجدت، والنفقة، وحضانة الأطفال». 

ويضيف: «غالباً ما ترافق هذه الدعاوى حالات من الابتزاز الشخصي بين الزوجين من أجل التنازل عن الدعوى، وإبرام الصلح، وتكون الزوجة الطرف الأضعف. عندما تعترضنا قضايا الخيانة الزوجية؛ بغض النظر عن المدعي من الزوجين نتوقع مسبقاً الطلاق، ومن ثم نسعى لتحصيل حقوق الموكل/ـة». 

 «لم يسعفني الحظ والوقت في اكتشاف الخيانة إلا بعد فوات الأوان.. فاجأت زوجي باسمها، وبأماكن لقاءاتهما، ارتفع صراخي، وانفعلت، وأطلقت كلمات نابية، فانتظرني حتى أفرغت كل حقدي، وقال كلمة واحدة: طالق»!

يواصل المحامي مستنداً إلى خبرته: «لم يحصل أن صدر حكم ونُفّذ بأحد الزوجين ثم عادا إلى إكمال حياتهما الزوجية. وغالباً ما يمتلك الزوج أوراق الضغط الاجتماعي الأقوى لابتزاز الزوجة، ودفعها إلى التنازل. الأوراق كثيرة قد تتعلق بخصوصية جسدها، ورغبتها الجنسية، وامتناعها، أو برودتها، وهذه الادعاءات بمجملها مؤذية نفسياً، ومحرجة اجتماعياً، وغالباً ما تصبح سبباً في التنازل عن الادعاء، والبحث عن صلح بأقل الخسائر».

ويضيف: «في مجتمعنا الذكوري لا توجد عدالة بين الرجل والمرأة، والقانون لم يسعَ بالمجتمع نحو الحداثة، والتطوير، بل كرّس سلطة الرجل، وأعطاه مزايا العصمة، وبيت الطاعة، ومخففات جرائم الشرف، وكأن شرف المجتمع وهيبته وأخلاقه مرهون بسلوك الزوجة فقط»!

مواجهة مع الابن البكر

أفنت ياسمين الأحمد عمرها في خدمة العائلة، حتى دخلت العقد الخامس من العمر وهي لا تجد الوقت للمكوث في منزلها نهاراً، إلا في أيام العطل الرسمية، إذ دفعها الوضع المعيشي المتردي للعمل ساعات إضافية في التعليم الخاص، أو ما يسمى «المتابعة» بعد انتهاء دوامها الرسمي، وهو ما أدى إلى «إهمال» لبعض واجباتها المنزلية والزوجية. 

تقول ياسمين بحسرة: «كنت أرى ما أقوم به من عمل يحظى بالتقدير من قبل زوجي، إلى أن راح ينعكس سلباً على علاقتنا الزوجية، وبدأت أشعر بنفور زوجي، وتغيبه ساعات عن المنزل، لكنني لم أجد بديلاً عن العمل الإضافي لتلبية حاجات ومطالب أبنائنا المتزايدة، وآخر ما كنت أتوقعه أن يقابل تعبي وكدّي بالبحث عن ملذاته الشخصية ونزواته».

بدأ الشك يراود السيدة من التغيّر الطارئ في اهتمام زوجها بأناقته، وتعامله مع أفراد الأسرة، ومجاملتها وتشجيعها على العمل أكثر، وبات هذا الشك هاجساً يومياً تحول إلى قلق واكتئاب، وانعكس سلباً في طريقة تعاملها مع أولادها وتلاميذها. 

تقول: «لم يسعفني الحظ والوقت في اكتشاف الخيانة إلا بعد فوات الأوان.. فاجأت زوجي باسمها، وبأماكن لقاءاتهما، ارتفع صراخي، وانفعلت، وأطلقت كلمات نابية، فانتظرني حتى أفرغت كل حقدي، وقال كلمة واحدة: طالق»!

نصح المحامي ياسمين ألا تدعي على زوجها بتهمة الخيانة لعدم وجود إثبات يدينه، وطلب من محامي الزوج إنهاء دعوى الطلاق بالتراضي، مقابل تحصيل كامل حقوقها المادية، والمعنوية إن بقي منها شيء.

كان كل ذلك سهلاً على السيدة بعد أن اكتشفت المستور، غير أن زيارة ابنها البكر لها أصابتها في مقتل. تروي أنه لامها كثيراً لأنها لم تضحِّ من أجلهم، ولم تتحمل وجود خليلة لوالده. 

وتقول: «عندما سألتُه: هل كنت تنصح والدك بالمثل لو أنني أنا من ارتكب فعل الخيانة؟ نظر إليّ ابني بحقد لم أره سابقاً، وخرج من دون أن يودّعني، ومن حينها ما زلت أفكر: هل كان واجبي تجاه أسرتي والمجتمع أن أذعن لهذا الذل، وأقي أبنائي شر تفكك الأسرة، وربما التشرد؟ أم أعتبر أنني قدمت رسالتي تجاه أسرتي وتلاميذي والمجتمع، وعليَّ أن أكمل ما تبقى من حياتي من دون النظر إلى الخلف؟».


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها