× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

الكوادر الإعلامية هدف للجميع: الهجرة بدلاً من الموت

حكاياتنا - خبز 23-05-2022

يلجأ عشرات الصحافيين السوريين ولا سيما من المقيمين في مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» إلى دول أوروبية بطرق شرعية وغير شرعية. يأتي هذا البحث الجماعي عن «خلاص» في ظل تردي ظروف العمل الإعلامي وتهديد سلامة الكوادر في جميع الجغرافيات السورية

الصورة: (من جلسة لمناقشة «قانون الإعلام» في مناطق «الهيئة» / المديرية العامة للإعلام في حكومة الإنقاذ - فايسبوك)

بعد سيطرة الجيش السوري على مدينته مطلع العام 2020 انتقل لؤي الجنوبي (اسم مستعار) إلى مدينة إدلب ليواصل عمله الصحافي، لكن نتيجة المضايقات التي تعرض لها من «هيئة تحرير الشام» قرر الشاب، وهو من أبناء مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، الخروج نحو أوروبا بطريقة غير شرعية، بهدف البحث عن حياة ومستقبل أفضل، بعدما باءت محاولته للجوء عبر تقديم طلبات رسمية بالفشل.

ويتعرض صحافيون في مناطق سيطرة «تحرير الشام» في الشمال الغربي من سوريا لمضايقات كثيرة نتيجة نشاطهم الإعلامي الذي لا يتناسب مع سياسة «الهيئة» التي اتخذت بدورها إجراءات عديدة بحق الكثير من الصحافيين وبعض المؤسسات الإعلامية، ومنها منعها من العمل في إدلب ومنع أي أحد من التعاون معها، كما قد تعتقل الهيئة أي صحافي يغطي نشاطات مضادة لها أو لا تناسبها.

وقد تتاح لـ«سعداء الحظ» المغادرة نحو أوروبا  بطرق نظامية، كما حصل في شباط الماضي، حين غادرت مجموعة من الصحافيين مع عائلاتهم، بمساعدة من «المركز السوري لحرية الإعلام والتعبير». فيما يبحث آخرون عن المغادرة بأي طريقة كانت، ومهما كانت المخاطر التي تنطوي عليها.

صحافيون مع عائلاتهم في معبر باب الهوى قبل المغادرة نحو أوروبا بطرق قانونية

الهرب من «تحرير الشام».. براً وبحراً

يروي لؤي (30 عاماً) وهو مراسل سابق لوكالة «ستيب نيوز»، أن رحلة اللجوء بدأت في آب/أغسطس 2021، بعد أكثر من عام من مضايقات «الهيئة» بسبب عمله.

الخطوة الأولى في طريق اللجوء كانت العبور إلى تركيا. يشرح قائلاً: «الدخول إلى تركيا أصعب من الموت. دخلنا 35 شخصاً إضافةً إلى امرأتين، وبقينا ما يقارب 16 ساعة حتى تمكنا من عبور الحدود شمال إدلب، ثم بدأ المهربون باستغلالنا بعدما سحبوا جوالاتنا حتى ندفع 1400 دولار أميركي عن كل شخص مقابل إيصالنا إلى إسطنبول». في الأخيرة، يضيف: «جلست لأيام عند أصدقائي وبدأت أحاول الدخول باتجاه اليونان، كان من المستحيل أن أستقر في تركيا حيث الوضع سيئ جداً، ويمكن ترحيلك إلى إدلب في أي لحظة».

تقبع سوريا منذ سنوات في قائمة الدول الأشد خطراً على حول في العالم، كما تحتل مرتبة دنيا على قوائم حرية الصحافة

حاول لؤي مع آخرين عبور الحدود اليونانية-التركية مرات عدة عن طريق البر من منطقة أدرنة دون نجاح بسبب إلقاء القبض عليهم من «حرس الحدود» اليوناني، مع تعرضهم للضرب والشتائم كل مرة.

يقول: «يئست من محاولات البر واتجهت إلى البحر وبقيت ما يقارب ثلاثة أشهر أحاول الوصول إلى جزيرة رودس اليونانية بواسطة البلم». 
بعد ثلاث محاولات نجح أخيراً في الوصول، وأمّن جواز سفر بواسطة المهربين، ثم انطلق إلى هولندا. يختتم قصته: «طبعاً كانت التكلفة كبيرة مادياً لكن في عندي أصدقاء هنن أعطوني مصاري بالدين لقدرت وصّل».

«مهما كلّف الأمر»

مطلع العام الجاري، أقدمت قوى أمنية تابعة لـ«تحرير الشام» على اعتقال الصحافي المتعاون مع قناة «أورينت» المعارضة، ماهر الكامل (اسم مستعار، 32 عاماً) من منزله في مدينة الدانا شمالي إدلب، بعد تغطيته احتجاجات نظمها سكان ونازحون في مخيمات ريف إدلب الشمالي عقب مقتل امرأة نازحة تعمل في تهريب المحروقات قرب بلدة أطمة برصاص الهيئة.

وُجّهت اتهامات عدة إلى الكامل، منها «نشر معلومات مضللة، والمشاركة في استغلال أطفال وتصويرهم». 

يقول: «عندما اقتحم عناصر تحرير الشام المبنى قبل شروق الشمس ظننت أن مجرماً يسكن معنا ويريدون أن يعتقلوه قبل أن يهرب، لكنني فوجئت أن العناصر بدؤوا يطرقون بابي بقوة ونظرت من النافذة وإذ المبنى محاصر، لأفهم أن المجرم الذي يريدونه هو أنا. أخذوني بالقوة وصادروا معداتي».

ويضيف: «بعد أيام من اعتقالي لم تثبُت علي أي تهمة رغم تفتيش جهازي كاملاً دون إذن قضائي، أخبرني مسؤول في جهاز الأمن العام التابع للهيئة ألا أصوّر مرة أخرى مثل هذه الأمور، بل عليّ أن أنقل الصورة الإيجابية للمنطقة». ورغم خروجه من السجن، تواصلت التهديدات من «المديرية العامة للإعلام» في حكومة الإنقاذ التابعة لـ«تحرير الشام»، إضافةً إلى «مكتب العلاقات الإعلامية والعلاقات العامة في الهيئة»، فضلاً عن جهاز «الأمن العام»، وإزاء كل ذلك «قررت الخروج من إدلب مهما كلف الأمر»، يقول.

يتعرض صحافيون في مناطق سيطرة «تحرير الشام» لمضايقات كثيرة وكذلك الحال لدى «الجيش الوطني»

وتهيمن «تحرير الشام» على كل تفاصيل الحياة في إدلب، وتولي اهتماماً خاصاً للإعلام وتقييد عمله وفق ما يناسبها، بذريعة «تنظيمه» من خلال «المديرية العامة للإعلام» التابعة لحكومة الإنقاذ.

أخيراً، وفي منتصف آذار/مارس الماضي، تمكن الكامل بعد رحلة استمرت أكثر من شهر ونصف الشهر من الوصول إلى العاصمة الألمانية برلين بطريقة غير شرعية، بعدما اضطر أن يسلك طرقاً برية وبحرية تعرض خلالها لمخاطر كادت أن تودي به، خاصة أنه تعرض وآخرين معه في غابات اليونان للخطف على يد عصابة يونانية مسلحة، لم تفرج عنهم حتى دفعوا مبالغ تراوحت بين 1000 و1500 يورو للشخص الواحد. 

هرباً من «الجيش الوطني»

بعد وصوله مع عائلته إلى الأراضي التركية بطريقة غير شرعية أواخر العام الماضي، تمكن هشام الحسين (اسم مستعار، 28 عاماً) وهو من مهجري الغوطة الشرقية إلى مدينة عفرين شمال حلب، من عبور الحدود التركية-اليونانية، والوصول بعدها إلى فيينا، عاصمة النمسا. 

يشرح الحسين أنه اضطر إلى ترك عفرين نتيجة ملاحقته من «الشرطة العسكرية» التابعة لـ«الجيش الوطني» المدعوم تركياً، نتيجة عمله مع وسائل إعلام كوردية محظورة في مناطق سيطرة المعارضة شمال حلب. 

يقول الحسين إنّ «قلة فرص العمل وربما انعدامها في الوسائل المحسوبة على المعارضة دفعتني إلى العمل مع وسائل محسوبة على قسد»، لكن هذا التبرير لم يشفع له عند المخابرات التركية والفصائل التابعة لها، مع أن عمله «كان عادياً» ولا يرصد انتهاكات الفصائل.

«دهمت الشرطة العسكرية منزلي مرات عدة، واعتدت في المرة الأخيرة على والدتي المسنة، فقررت الخروج، وبالفعل تمكنت من الوصول إلى الأراضي التركية مع عائلتي بعد دفعي 12 ألف دولار، بعضها لعناصر المعارضة على الحواجز كي لا يقوموا بإيقافي»، يقول.

منذ سنوات تحتل سوريا مرتبة دنيا في مؤشر «مراسلون بلا حدود» لحرية الصحافة

يؤكد الحسين أن العمل الصحافي في شمال غرب سوريا «لم يعد يطاق»، لأن «جميع الأطراف المسيطرة باتت تتحكم في هذا القطاع وتنتظر من الصحافيين أن ينقلوا ما تريده فقط، دون التطرق إلى الانتهاكات التي كثرت خلال العامين الماضيين بحق السكان... الصحافي بات مقيداً ويُحاسب حتى على ما قد يقوله سهواً في منشور أو حتى تعليق على منشور آخر». 

ويضيف: «لذلك اخترت الخروج بعد استدانة مبالغ كبيرة تجاوزت 20 ألف دولار حتى تمكنت من الوصول إلى النمسا دون عائلتي المؤلفة من خمسة أفراد إضافةً إلى والدتي. ما زالت عائلتي في تركيا، على أمل لمّ الشمل لاحقاً». 

«في الدرك الأسفل»!

تقبع سوريا منذ سنوات في قائمة الدول الأشد خطراً على حول في العالم، كما تحتل مرتبة دنيا على قوائم حرية الصحافة. وقد جاءت في المرتبة 171 (من أصل 180 بلداً) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة للعام 2022، الذي تصدره منظمة «مراسلون بلا حدود»، فيما كانت تحتل المرتبة 173 العام الماضي.

وبدوره، يورد تقرير لـ« الشبكة السورية لحقوق الإنسان» صدر في الثالث من أيار الحالي حصيلة ما وثقته من انتهاكات بحق العاملين/ات في مجال الإعلام منذ أيار 2021 حتى أيار 2022.

ووفقاً للتقرير «قُتل واحد من الكوادر الإعلامية على يد القوات الروسية... فيما سجل ما لا يقل عن 39 حالة اعتقال وخطف بحق صحافيين وعاملين في مجال الإعلام على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في المدة ذاتها، 13 حالة على يد قوات النظام بينهم 3 سيدة. و11 على يد هيئة تحرير الشام. و3 على يد فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني. و12 على يد قوات سوريا الديمقراطية».


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها