مالك الحزين
الصورة: (تبني تركيا قرى جديدة في الشمال السوري - صوت سوري)
تتخوف ريم (اسم مستعار لصحافية سورية تقيم في إسطنبول) من ترحيل أنقرة لها، في إطار خططها لترحيل مليون لاجئ إلى الشمال السوري حيث تعمل على إنشاء «منطقة آمنة».
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن عن برنامج سمّاه «خطة العودة الطوعية» لنحو مليون لاجئ سوري إلى قرى سكنية تُبنى في مناطق تسيطر عليها تركيا في الشمال السوري، ما أثار مخاوف مئات آلاف من اللاجئين من ترحيلهم إلى تلك القرى وتوطينهم فيها قسراً، إضافة إلى مخاوف آلاف الأسر النازحة من الشمال نحو مناطق أخرى من خسارة منازلها وأراضيها.
ويرى ناشطون سوريون أن هذه الخطوة تأتي في إطار التغيير الديمغرافي وجعل النازحين والمهجرين ينسون منازلهم التي هُجروا منها قبل سنوات عقب استعادة الجيش السوري السيطرة عليها.
تؤكد ريم (31 عاماً) التي تركت مدينتها حمص، أنها إذا رُحلت ستفقد عملها، كما أنها لن تتعايش مع «هيئة تحرير الشام»، فضلاً عن مخاطر كبيرة ستتعرض لها وعائلتها لكونها عملت سابقاً على فضح انتهاكات «تحرير الشام» ما أدى إلى تهديدها مرات عديدة من عناصر «الهيئة».
«في حال عودتي قسراً إلى إدلب أو حتى ريف حلب الشمالي أخشى من عناصر تحرير الشام الذين يصنفوني امرأة كافرة... أرى يومياً كابوس إلقاء القبض علي من السلطات التركية وترحيلي إلى سوريا حيث ينتظرني هناك عناصر النصرة وغيرها"، تقول.
الحالة نفسها يعيشها يوسف (اسم مستعار لصحافي من مدينة حلب ويقيم الآن في العاصمة التركية أنقرة)، فهو أيضاً متخوف من الفصائل المسيطرة على شمال حلب أو حتى إدلب، لأن تلك الفصائل «لا تقبل النقد، خاصة من شخص مقيم خارج سوريا». ويضيف: «في أفضل الأحوال سوف يضطر الصحافي إلى أن يلتزم منزله ويغلق حساباته المعروفة على وسائل التواصل الاجتماعي وألا يمارس عمله».
«في حال إعادتي قسراً إلى إدلب أو حتى ريف حلب أخشى من تحرير الشام التي تصنفني امرأة كافرة» - الرسم: صوت سوري
من جهة أخرى، يقول بعض الصحافيين والصحافيات إن كلا المنطقتين (إدلب وشمالي حلب) غير آمنتين كما تروج الدولة التركية، بل هما عرضة للقصف بالطيران والقصف المدفعي، كما يرون أن برنامج الإعادة في حد ذاته قد يخلف مشكلات اجتماعية ومناطقية كبيرة.
ويشير يوسف إلى أن الجانب الأهم هو الاقتصادي، لأن الداخل السوري يعيش في أوضاع سيئة، «فما بالك بمن سيأتي ليزيد معاناة تلك المنطقة.... سيضطر المرحلون إلى الاعتماد على المساعدات التي لا تتوافر بسهولة ولا توزع حسب الحاجة الحقيقية».
أما عبد الله، وهو صحافي مهجر من ريف حلب الغربي، وسبق أن أصيب بغارة جوية روسية أثناء عمله في تلك المنطقة قبل نحو خمس سنوات، فيقول إنه بعد إيقاف بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك) الخاصة به قبل نحو شهرين، بات يخشى من ترحيله في أي لحظة، مؤكداً أيضاً أنه من المطلوبين لدى «تحرير الشام» نتيجة نشاطه ضدها إبان عمله في مناطق سيطرتها قبل سنوات.
يؤكد الشاب أن المنطقة التي تزعم السلطات التركية أنها آمنة ما هي إلا مجرد مصطلح، «فالجميع يعلمون أن تلك المناطق تشهد دائماً قصفاً من قوات النظام وروسيا من جهة، وقوات سورية الديمقراطية من جهة أخرى، فضلاً عن التفجيرات وحالات الاغتيال والاقتتال».
ويضيف مستطرداً: «الأجدر بتركيا التي دخلت قبل سنوات إلى سوريا بحجة أنها دولة ضامنة العمل على إعادة السكان إلى منازلهم وقراهم الأصلية، لا توطينهم على حدودها وجعلهم جداراً بشرياً يفصل بينها وبين أعدائها... ترحيل مئات آلاف السوريين يأتي لإسكات معارضي أردوغان في تركيا بالدرجة الأولى، وإن بقي السوريون صامتين على ما يحدث، فسيكون الأمر كارثياً ويصير الشمال السوري أشبه بقطاع غزة المحاصر الذي يعيش سكانه على المساعدات وتعاطف الشعوب».
تتخوف آراء كثيرة من أن هدف بناء تركيا لقرى جديدة في الشمال السوري هو التغيير الديمغرافي - الصور: منطقة مشهد روحين/ريف إدلب

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.