× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

هكذا طبّعت إندونيسيا جيشها مع الديمقراطية.. هل تفعلها سوريا يوماً؟

عقل بارد - شعوب وحروب 23-07-2022

تضاعفت الحاجة الإندونيسية إلى تقليص نفوذ الجيش في الحياة السياسية والمدنية لكنْ تطلّب هذا ألا تؤثر إجراءات الإصلاح في الوظيفة الأساسية للمؤسسة في البلاد، كما اصطدم بحاجة السياسيين إلى حضور الجيش في المناصب السياسية والبلدية. وبين سوريا وإندونيسيا، تتبدى مفارقات في مدى إنجاز ذلك

الصورة: (صفحة الجيش الإندونيسي على فايسبوك)

ليس سهلاً في أيّ بلد تغيير وضعية الجيش ووظائفه، فثمة عقبات تعترض مثل هذا القرار، وتظهر في شبكة متداخلة من المصالح ومراكز الثقل والسيطرة، ما يجعل التحوّل الديمقراطي أيسر السبل المتاحة رغم بطئه، وهو الذي سلكته إندونيسيا بعد جدل طويل طُرِحت فيه أسئلة حول كيفية التنفيذ ومدى تقليص الدور.

وكما الدول التي عبرت بمراحل انتقالية من الديكتاتورية إلى الديمقراطية، واجهت إندونيسيا تحديات كبيرة خاصة أنّ الجيش طرح إصلاحاً داخلياً تدريجياً في الوقت الذي كان المجتمع المدني يبني قاعدة سلطته الجديدة. 

في حزيران/يونيو من العام 1998 أصدرت قيادة المؤسسة العسكرية وثيقة تناولت دور الجيش في الدولة، وأوضحت فيها أنّ الجيش سيجري إصلاحاً داخلياً في شكل «النموذج الاجتماعي والسياسي الجديد له».

كانت أولى الإشارات المهمة في تلك الوثيقة أنّ الجيش سيبقي على وظيفته المزدوجة (dwifungsi)، مع إجراء تغييرات في دوره ضمن أربعة مبادئ أساسية تتلخص في ألا يكون الجيش هو البادئ باتخاذ إجراءات، وأن يبقى في المقاعد الخلفية للدولة مع مراقبة دائمة يتقاسم فيها الأدوار مع أصحاب الشأن الآخرين على مستوى صنع القرار.

هكذا أصدر الجيش الإندونيسي مفهوماً جديداً يراجع عقيدة «دفاع الشعب» التي نشأت في الأربعينيات والخمسينيات خلال حرب العصابات التي سبقت الاستقلال، ما أشار إلى فروق دقيقة بين الانسحاب من الحياة السياسية، وبين التمسك بالامتيازات السياسية نفسها، وقد انعكس ذلك على وجود «الجنود السياسيين» لا المحترفين، حتى في أعقاب سقوط النظام الديكتاتوري لسوهارتو.

نجحت التجربة الإندونيسية في فصل الجيش عن الشرطة والأمن، وعن حزب «جولكار»، فيما يستمر البعث في سوريا بالتغلغل داخل الجيش

كما ذكرنا في الحلقة السابقة، أسهم فصل الشرطة عن الجيش وما رافقه من التزام الحياد في الانتخابات التشريعية في إنهاء «عقيدة الوظيفة» التي تعني أن الجنود النشطين غير قادرين على أن يصيروا موظفين عموميين ما لم يغيّروا وضعهم ليكونوا مدنيين عند ترشحهم للانتخابات.

حفلت المرحلة الثانية من الإصلاح بظهور مصطلحات جديدة أبرزها تقليص حصة الجيش الوطني الإندونيسي في مجلس النواب تمهيداً لإلغاء دوره الاجتماعي والسياسي، إضافة إلى عدم الانخراط في السياسة اليومية، وقطع العلاقات التنظيمية مع حزب جولكار. 

بالمقارنة مع سوريا، نجد أن «البعث» لا يزال الحزب الوحيد الحاضر في قوى الأمن الداخلي، وكذلك في الجيش، وهو وحده من يعقد مؤتمرات وينسّب أفراداً إليه.

التشريعات المستجدة وأثرها

نجمت عن التشريعيات التي طرأت على هيكل الجيش الوطني الإندونيسي، جملةً من التأثيرات التي نجملها في النقاط التالية:

  1. فصل دور القوات المسلحة الإندونيسية والشرطة الوطنية الإندونيسية بالقانون الأول VI / 2000. 
  2. فصل وظيفة ومهام القوات المسلحة الإندونيسية والشرطة بالقانون الثاني VII / 2000، ما حدّ أيضاً من نطاق القوات المسلحة الإندونيسية في مجالي الأمن والدفاع. 
  3. تأثرت الوظائف العسكرية بإصدار القانون رقم 3/2002 المتعلق بدفاع الدولة، إذ حلّ محل القانون رقم 20 لسنة 1982. وينص القانون الجديد على إدخال تغييرات في العلاقة بين منظمات الدفاع، وبخاصة العلاقة بين وزارة الدفاع، وجمعية الدفاع الوطني.
  4. حدثت التغييرات في الجيش الجديد بعد تجاوز عقيدة Catur Dharma Eka Karma (Cadek) التي وفّرت الأساس لنظام سوهارتو العسكري، وقد طبقت قواعد العقيدة بصرامة حتى بداية الثمانينيات. وحُدد الدور الأساسي لهذه العقيدة كما يلي: قوة دفاع وأمن لصون الاستقلال والدفاع عنه، وكذلك سيادة الأمة والشعب وسلامتهما، بهدف حماية أيديولوجية بانكاسيلا (المبادئ الأساسية للدولة) ودستور 1945، والحفاظ على تنظيم التنمية الوطنية ومنجزاتها وتأمينها والدفاع عنها. وتتشابه هذه العقيدة مع العقيدة «البعثية» في الجيش السوري.
  5. يعطي تنظيم الجيش الإندونيسي الأولوية لإستراتيجية الدفاع عن البر الرئيسي بدلاً من الإستراتيجية البحرية، ويعتمد على عقيدة "«دفاع الشعب» القائمة على حرب العصابات (حددت هذه المبادئ في القانون رقم 3/2002 الخاص بالدفاع عن الدولة).
  6. لم تعد القوات المسلحة الإندونيسية تشارك في السياسة اليومية، إذ وجهت اهتمامها إلى قضايا الدفاع، بينما ركز قطاع الشرطة على القضايا الأمنية.

في الخلاصة، أثبت التوحيد الديموقراطي أنه عملية مرهقة للغاية، خاصة أنّ السياسيين المدنيين يرغبون في إشراك الجيش في السياسة من خلال تقديمهم للترشح إلى الانتخابات. ومع أنّ قانون الجيش الوطني رقم 34/2004 ألغى الدور السياسي للجيش، فإنّ قانون الحكم الذاتي المحلي رقم 32/2004 رحب بدور الجيش في السياسة المحلية وبترشح أفراده لمنصب حكام أو رؤساء بلديات.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها