× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

حكاية واقعية من عوالم النزوح: «الغرفة 3» سبقت «الخيمة 56»

حكاياتنا - خبز 13-08-2022

أثار فيلم «الخيمة 56» جدلاً في الشارع السوري ليس لأنه ناقش ظروف ممارسة العلاقة الزوجية في خيام النزوح فحسب، وهو «تابوه» لا تقبل المجتمعات المحافظة الاقتراب منه، إنما بسبب طغيان لهجة سورية محددة تحصره في نطاق مكوّن اجتماعي بعينه دون سواه، فضلاً عن أنه يقفز عن مشكلات أكثر حساسية في مجتمع الخيام

الصورة: (من أحد المخيمات العشوائية في ريف حلب / صوت سوري - أكثم)

في الفيلم المثير للجدل «خيمة 56» (الفيلم من تأليف سندس برهوم، وإخراج سيف الشيخ نجيب)، يرفض أبو علي وهو أحد الشخصيات الرئيسية، في بداية الأمر فكرة أن يدري الناس أنه سيقيم علاقة مع زوجته في ليلة محددة، إذ اتفقت سيدات المخيّم على تخصيص خيمة للخلوات الزوجية وفق نظام دور متفق عليه.

أزعجت الفكرة التي أثارها الفيلم كثيرين، فيما رأى آخرون أن الهجوم على الفيلم غير منطقي، مبررين بأن ليلة الزفاف مثلاً تشهد إقامة الولائم ويرقص الناس ابتهاجاً بزف العروسين اللذين سيقيمان أول علاقة زوجية.

تطرّق الفيلم إلى مشكلة واقعية تعيشها بيئة النزوح من ضمن مشكلات عديدة مشابهة تدور في فلك افتقاد الخصوصية، مثل التشارك في استخدام الحمامات والمغاسل، وكما أنّ الخيام لا تقي برد الشتاء ولا حرّ الصيف، هي أيضاً لا تحجب أصوات من داخلها عن خارجها.

الغرفة رقم 3

تتشابه المهمة التي تؤديها «الخيمة 56» مع مهمة الغرفة رقم 3، تلك التي خصصتها خمس عائلات نزحت إلى إحدى المدن السورية العام 2013، ثم لما طال النزوح، أجبرت العائلات على التكدّس في صالون الشقة الضيّق، وتخصيص الغرفة 3 في المنزل للقاء كل زوح من الأزواج مرة واحدة في الأسبوع بالتناوب. 

كانت الشقة مكوّنة من صالون وغرفتين فقط، وسكتنها العائلات الخمس التي تجمع بينها صلة قربى: أخوان وزوجتاهما، وعمهما وزوجته، وابن عمتهما وزوجته، والأخت وزوجها.

تطرّق الفيلم إلى مشكلة واقعية تعيشها بيئة النزوح من ضمن مشكلات عديدة مشابهة تدور في فلك افتقاد الخصوصية

في البداية، أخذ العم وزوجته غرفة مستقلة لأنه أكبرهم سناً، فضلاً عن كونه من استطاع تأمين الشقة. أما بقية العائلة، فخصصت الغرفة الثانية للسيدات والأطفال البنات، وبقي الصالون للرجال والأطفال الذكور. لكن لم يستمر العيش على هذه الحال إلا أسبوعين فقط، فقد اتفقت السيدات من دون أن يعارض الرجال على أن يُقسم الصالون بستائر قماشية لتنام السيدات والأطفال في طرف والرجال في طرف، وبقي العم وزوجته في غرفتهما، فيما خُصصت الغرفة الثالثة لتجمع كل زوج من الأزواج يوماً في الأسبوع لممارسة العلاقة الزوجية، وتحت غطاء آخر قدمته الزوجات: «لكي تتكلم الزوجة مع زوجها على انفراد».

عاشت العائلات أربع سنوات على تلك الحال، وخلال ذلك حملت الزوجات وأنجبن وسط تفاهم ضمني بألا يثار الحديث عن التفاصيل. كان الرجال يدخنون بشراهة ولا يلتقون مع زوجاتهم إلا في الغرفة المخصصة، وذلك بعد أن يتأكدوا من أنّ السيدات الأخريات وأزواجهن والأطفال قد ناموا. كما كانوا يحرصون على مغادرة الغرفة قبل أن يستيقظ أحد، مع أنّ الجميع كانوا يعرفون من الذي قضى الليلة في الغرفة المخصصة لكن لا يشيرون إلى ذلك إلا تلميحاً.

حلّ مكرر 

في قصة أخرى، لجأت عائلة أبو حمود (اسم مستعار) إلى أرض زراعية بعيدة نسبياً عن بلدته بريف إدلب هرباً من القصف. كانت «البرية» كما تسمى شعبياً تحوي داراً صغيرة مكونة من غرفتين فقط، فيما تتكون عائلة أبي حمود من زوجته وابنين شابين مع زوجتيهما، وبنتين صغيرتين. 

في بداية النزوح استقرت الإناث في غرفة وحدهن، والرجال في الغرفة الأخرى. تخبرنا زوجة أبي حمود أنّ ولديها اللذين لم يمضِ على زواجهما سوى أشهر قليلة بدا عليهما الضيق والتذمّر من العيش بعيدين عن فراش الزوجة. 

ثم تداري السيدة خجلها وتبتسم وتقول: «أكملنا نزوحنا بطريقة مختلفة، فصارت العائلة تنام في غرفة واحدة، السيدات في طرف والرجال في طرف، بينما خصصت الغرفة الأخرى ليتناوب عليها الأزواج».

وتقول: «كل يوم ينام في الغرفة زوجان»، وتزيد حمرة وجنتها: «أصرّ الأولاد أن يكون لي دور أنا وأبو حمود، وهو ما لم نكن نحظى به في بيتنا الأصلي».


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها