× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

أُسرٌ بلا أطفال في الشمال: الحرب تورث العقم

حكاياتنا - خبز 14-08-2022

تحوّل العقم وتأخر الإنجاب إلى ظاهرة في الشمال السوري أسهمت فيها جملة من الظروف الاجتماعية والمادية، غير أن الحرب لا تبدو بريئة أيضاً، فقد طاولت انعكاساتها حياة الأزواج نفسياً وجسدياً

الرسم: (صوت سوري)

قضى ياسر وزوجته سبع سنوات من زواجهما يتنقلان بين المستشفيات والأطباء دون أن يتمكنا من الإنجاب، رغم أن الفحوصات الطبية أثبتت أنه ما من مشكلة صحية ظاهرة تعرقل الحمل.

يقول ياسر: «خضعت لعملية الدوالي بناءً على تشخيص الأطباء دون جدوى، ثم زارت زوجتي عيادة نسائية، وأرجعت الطبيبة تأخر الحمل إلى كون الرحم غير مؤهل بسبب صغر سنها، لكن مضت السنوات دون نتيجة».

أما عمر، فقد أمضى هو الآخر سنوات زواجه الخمس متنقلاً بين عيادات الأطباء في الشمال السوري، ثم أثمرت الجهود أخيراً، لكن مات الجنين في رحم أمه بعد أربعة أشهر من الحمل. 

يقول عمر: «يا فرحة ما تمت، أنفقنا ثروة في العلاج، واتبعنا الإرشادات الطبية، لكن مشيئة الله فوق كل شيء... هذا نصيبنا».

لم يكن عبد الله السلوم أفضل حالاً من سابقيه، فقد مضت على زواجه ثماني سنوات انتهت رحلة العلاج المضنية فيها بإجماع الأطباء على أنه يعاني من عقم دائم يمنعه من الإنجاب، فاضطر إلى مكاشفة زوجته بالأمر، وخيّرها بين البقاء على ذمته أو الطلاق. 

يقول: «اختارت زوجتي المواصلة، ولجأنا إلى مراكز لزراعة أطفال الأنابيب في بلدة الدانا لكن جهود الأطباء لم تنجح، إذ خلصوا إلى أن نسبة نجاح العملية هي صفر بالمئة». 

الرأي الطبي

يرجع الأطباء في الشمال السوري تزايد ظاهرة العقم وتأخر الإنجاب إلى أسباب مختلفة في مقدمتها شيوع الزواج المبكر عند الجنسين، خاصة الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن حين الزواج ما بين 13 و18 عاماً، فمن الممكن وفق الاختصاصية النسائية ندى الخطيب أن تكون الدورات الشهرية عندهن «لا إباضية». تضيف الخطيب: «تؤثر العوامل النفسية كثيراً في حدوث الحمل أو عدمه، لأن السعي المبكر للحمل قد يسبب أزمة نفسية لدى الزوجين، رغم أن غالبية الفحوصات تصنف الحالات طبيعية».

يزيد الوضع المادي المتردي الطين بِلة، إذ يحرم الزوجين القدرة على زيارة الطبيب/ـة المختص/ـة بسبب الفقر والنزوح، رغم أن بعض الحالات يمكن تداركها مبكراً بالأدوية والنصائح، فيما يؤدي الإهمال إلى زيادة الأمر سوءاً. 

تتراوح تكلفة الزراعة بين 2500 إلى 3000 دولار تتوزع بين الأدوية والمغذيات والمراجعات والفحوصات

وتضاف إلى ما سبق الإعاقات الجسدية بسبب القصف، فالتشوهات النفسية والجسدية تؤدي دوراً سلبياً خصوصاً الخوف والرعب الذي تعيشه النساء، ما قد يتسبب في إسقاط الحمل قبل تمامه، ووفيات الأجنة داخل الرحم، وهذا كله يزيد من احتمالية العقم.

تقول الخطيب: «تلعب مواعيد الجماع دوراً أساسياً في تأخر الحمل ولا سيما أن غالبية الشبان المتزوجين من ذوي الأعمار الصغيرة يغيبون عن منازلهم لأيام نتيجة ظروف العمل أو الارتباط مع الفصائل المقاتلة، ما يجعل التقاء الزوجين أيام الإباضة حالات نادرة». 

أمل صعب المنال

مع ذلك، يتمسك المتزوجون بأدنى خيوط الأمل الذي توفره عمليات زراعة أطفال الأنابيب، لكن الطريق إلى هذا الحلم تعترضه عقبة المال، فقد لجأ أحمد (35 عاماً) إلى أقاربه وأصدقائه لإكمال مبلغ 2600 دولار أميركي لإجراء عملية الزراعة، بعد رحلة عشرة أعوام من العلاج لم ينتج منها سوى الإرهاق المادي والنفسي.

يقول أحمد: «أمضيت سنوات في جمع نصف المبلغ بادخار ما أستطيع، وحصلت على ما تبقى في ديون من الأقارب والمعارف... عملية الزرع حساسة وإمكانية الفشل واردة جداً». غير أن نهاية الرحلة توجت بالحمل، وهو بانتظار مولوده الأول بعد سبعة أشهر من اليوم.

ويوجد في الشمال السوري مركزان يقدمان خدمة زراعة الأطفال أحدها في بلدة الدانا والآخر في بلدة سرمدا. وتبدأ تكلفة عملية الزراعة من 2500 دولار، وصولاً إلى 3000 دولار تتوزع بين الأدوية والمغذيات والمراجعات والفحوصات قبل سحب البويضات والتلقيح المجهري، ثم الإرجاع إلى الرحم. 

غير أن هذه التكلفة الباهظة لا تضمن الحمل لكل الحالات. توضح الخطيب: «ينبغي توافر النطاف السليمة والناضجة في السائل المنوي عند الزوج بغض النظر عن عددها، مع حدوث إباضة ناضجة لدى الزوجة قد تصل حتى عشر بويضات، وتهيئة رحم جيد ومهيأ هرمونياً لتلقي البيضة الملقحة».

انعكاسات تأخر الحمل تبدو مدمرة، إذ تنتهي كثير من العلاقات الزوجية بالطلاق نتيجة ضغوطات الأهل في المقام الأول، أو استعجال الأزواج، وهو ما حدث مع إياد ياسين الذي طلق زوجته بطلب منها بعد مضي أربع سنوات من زواجهما لم تكلل بالحمل.

يقول إياد: «خيرتني طليقتي بين إجراء عملية الزراعة أو الطلاق، وهو ما دفعني إلى الطلاق لأن المبلغ كبير ولا يمكنني تأمينه كما أن معظم الأطباء نصحوني بالتمهل وهو أمر لم يرق لزوجتي التي قالت إن من حقها أن تلد وليست مشكلتها من أين أؤمن المبلغ».


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها