× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

شتاء الشمال مرة أخرى: «هل ننجو هذا العام»؟

حكاياتنا - خبز 31-12-2022

تنتهي بعد أيام قليلة صلاحية القرار 2642 الذي اعتُمد في تموز من العام الماضي، وتضمن آلية لدخول المساعدات إلى شمال غربي سوريا عبر الحدود التركية. وما لم ينجح مجلس الأمن في إصدار قرار جديد، سيجد ملايين السكان أنفسهم أكثر عجزاً عن تأمين احتياجاتهم، لا سيما سكان المخيمات الذين يعيشون محنة شتائية تتجدد كلّ عام، وتدفع النساء ثمنها مضاعفاً

الصورة: (أرشيف صوت سوري)

«لا ندري هل نستطيع تخطي هذا الشتاء؟ أم لا؟».. كلّ شتاء تعود هذه التساؤلات إلى التداول بقلق في الشمال السوري، وبشكل خاص في المخيمات، حيث المساكن لا تقي حرّاً ولا برداً. على امتداد سنوات الحرب دفع سكان هذه المخيمات، ولا سيّما النساء أثماناً مضاعفة لكل النكبات. في كل مخيم عائلات كثيرة تلعب فيها النساء دوري ربّ وربة الأسرة في آن. أم عبدو واحدة منهنّ. 

تنحدر السيدة من منطقة معرة النعمان، في ريف إدلب الجنوبي. «الحمد لله، الله ما رح ينسانا» هي أكثر جملة تكررها أم عبدو أثناء حديثها معنا، وفي حياتها اليومية بالعموم.

تقول: «اعتُقل زوجي منذ العام 2016، وحتى اليوم لا أدري هل هو حيّ أم ميت». وتضيف: «كان لدي أربعة أطفال ذكور، وابنتان. بعد سنتين من اعتقال زوجي فقدتُ الصبيين إثر قصف استهدف بلدتنا. كان عمر أحدهما 17 والثاني 15 عاماً». لم تتوقف مصائب أم عبدو عند هذا الحد، فقد أصيب أكبر أطفالها الأحياء (بلال، 16 عاماً) في رأسه إثر انفجار جسم من مخلفات الحرب، ما سبب له شللاً نصفيّاً. 

في العام 2019 نزحت أم عبدو وأطفالها نحو الريف الشمالي لإدلب، ولم تستطع أن تحمل معها أيّ شيء من منزلها، سوى القليل من الثياب. 

مع كل شتاء في النزوح تجد أم عبدو نفسها على موعدٍ مع محنة جديدة هي إيجاد وسيلة للتدفئة. تقول: «لا نمتلك وسائل تدفئة، ولا المال لشراء المحروقات أو الحطب. أخرج باكراً معَ أطفالي إلى حاويات القمامة لجمع ما نستطيع من أكياس النايلون، والكرتون المقوى، وبقايا الملابس، وأستخدمها لإشعال النار. لا ندري هل نستطيع تخطي هذا الفصل أم لا». 

ما تعانيه أم عبدو، تعانيه نساء أخرياتٌ كثيرات، من الأرامل وزوجات المعتقلين والمختفين، وحتى من يعشن مع أزواجهن، فالتهجير، والفقر، والبرد، نكباتٌ تطاول الجميع هنا. 

في أيلول/سبتمبر 2022، قال فريق «منسقو استجابة سوريا» إنّ «أكثر من 92 % من العائلات (في الشمال) غير قادرة على تأمين مواد التدفئة للشتاء، وفي العام الماضي لم يستطع 78 % من النازحين الحصول على إمدادات التدفئة، وتحديداً ضمن المخيمات». 

وخلال الشتاء الماضي سبب انخفاض درجات الحرارة وفاة طفلتين، إضافة إلى وفاة ثلاثة أطفال وإصابة أربع نساء وخمسة أطفال من جراء اندلاع الحرائق في المخيمات نتيجة استخدام مواد تدفئة غير صالحة. فيما سببت العواصف المطرية والهطولات الثلجية أضراراً في 611 مخيماً، نجم عنها تهدم 3245 خيمة وتضرر 5811 خيمة أخرى.

فقدت فاطمة الإبراهيم، زوجها في قصف استهدف بلدتها قبل أعوام، وتخلى عنها أقاربها وأقارب زوجها. 

تقول: «لديّ أربعةُ أطفال، أكبرهم في السابعة من عمره، نزحت عام 2018 إلى مخيمِ الإيمان، شمال غربي سوريا، في منطقة ديرِ حسان، بعد اشتداد القصف وتقدم الجيش إلى قرانا المجاورة لمدينة خان شيخون». 

تسكن السيدة وأطفالها منذ أربعة أعوام في خيمة قماشية، حاولت الحصول على واحدة جديدة بدلاً منها، فلم تُفلح، وأكثر ما استطاعت نيله «بعض العوازل من إحدى المنظمات لتغطية الخيمة من الخارج، عسى أن يكون البرد أرحم في هذا الشتاء»، تقول متنهدة، ثم تضيف محاولة السيطرة على نحيبها: «لا أتمنى قدوم الشتاء أبداً. مدفأة الحطب التي كانت لدينا في السنةِ الماضية لم تعد صالحة للاستخدام، ولا قدرة لي على شراء واحدة جديدة، ولا أملك ثمن الحطب».

ووفقاً لـ«منسقو الاستجابة» فقد ارتفعت أسعار مواد التدفئة حتى أيلول الماضي بنسبة 250% عما كانت عليه في الشتاء الماضي، علماً بأن 79 % من العائلات لا يتجاوز دخلها 50 دولاراً شهرياً، وبالتالي فإن الحصول على مواد التدفئة أمر صعب المنال، وتسعى 61 % من العائلات إلى تخفيض الاحتياجات الأساسية وخاصةً الغذاء في محاولة يائسة للحصول على التدفئة لهذا العام».

فيما قالت رينا غيلاني، مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدةِ للشؤون الإنسانية (أوتشا) إن عدد الأشخاص الذين يحتاجون مساعدة للتصدي لصعوبات فصل الشتاء «زاد بنسبة مذهلة بلغت 30 في المائة في جميع أنحاء البلاد مقارنة بالعام السابق». ووفقاً لغيلاني «في الشمال الغربي، يعتمد نحو مليوني شخص على المساعدات الشتوية لتلبية احتياجاتهم الأساسية. معظمهم من النساء والأطفال الذين يعيشون في المخيمات مع وصول محدود أو معدوم للتدفئة أو الكهرباء أو المياه أو الصرف الصحي». 

وعلى بعد أيام من انتهاء سريان القرار رقم 2642، الذي يتيح إيصال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى شمال غربي سوريا عبر الحدود التركية، حذرت الأمم المتحدة من أن الملايين في سوريا سيعانون في حال فشل مجلس الأمن في تجديد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود (10 كانون الثاني/يناير).

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن الأمم المتحدة لديها خطة طوارئ في حال عدم تجديد الآلية، لكنه شدد على أن عملية إيصال المساعدات عبر خطوط الصراع لن تفي بالاحتياجات ولن تكون بديلة لعملية إيصال المساعدات عبر الحدود.

كان مجلس الأمن قد تبنى في تموز الماضي القرار 2642، الذي مدد بموجبه تفويض آلية إيصال المساعدات الإنسانية الأممية عبر الحدود من تركيا إلى سوريا لمدة ستة أشهر، كما نص على أن أي تمديد جديد سيتطلب قراراً منفصلاً من مجلس الأمن.

لا تدري فاطمة إن كان المجلس سينجح في إصدار قرار جديد أو لا، كل ما تعرفه أن الشتاء ما زال طويلاً، وأنها وملايين سواها يكررون التساؤل عينه: «هل نستطيع تخطي هذا الشتاء»؟

أُنجز هذا المقال في إطار برنامج تدريبي لموقع صوت سوري

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها

This work by SOT SY is licensed under CC BY-ND 4.0