× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

الرقص «عربي» في إدلب

حكاياتنا - خبز 24-01-2023

للعرس في إدلب أهازيجه المميزة وتقاليده التي يسعى الأهالي للحفاظ عليها. الرقص العربي من أبرز هذه العادات التي يلتزمها الرجال في حفلاتهم، فيراعى عند تجهيز الساحة أو المنزل حيث ستقام حفلة العرس أن تُخصص فسحة تسع الراقصين، وللرقص أصوله وطرقه وحركاته المحددة ولها تسميات منوّعة لا يتقنها إلا المتمرِّسون وشيوخ الكار

الصورة: (صوت سوري)

يتمايل الحضور في إحدى حفلات الأعراس في إدلب، شمالي سوريا، على كلمات الغناء أو الإنشاد المصحوبة بألحان الآلات الموسيقية، كالطبل والمزهر، أو الناي والعود، بحركات عشوائية أو متقنة. يقود الشاب مصطفى أبو محمود مجموعة من الشباب بحركات رشيقة وموحّدة، فيتحرّكون كجسم واحد، وترتفع أقدامهم وتخبط الأرض بعناية وفي وقت واحد، فيما تهتز الأكتاف وتتمايل الرؤوس برقصات مختلفة تتباين بين السرعة والرزانة. 

تعلّم أبو محمود، وهو من بلدة سرمين شرقي إدلب، مبادئ الرقص الأولى عن أبيه عن جدّه الذي كان يقود فرقة للرقص العربي، وأتقن هذا الفن بالتدريب المتواصل. يقول: «لا يكفي تعلم الحركات لتكون راقصاً، إنّما عليك التدريب المتواصل لاكتساب المهارة والمحافظة على اللياقة التي تمكننا من ابتكار رقصات جديدة»، مشيراً إلى أنّه أسس حديثاً فرقة «شباب سرمين لإحياء التراث»، التي تسعى للمحافظة على الرقصات العربية القديمة المشهورة في إدلب، ويقوم على تأديتها مع فرقته على أصولها في الحفلات والأعراس.

يقول الشاب الثلاثيني إنّ فكرة تأسيس الفرقة جاءت بعدما استطاع جمع عدد من الشباب حوله من الراغبين في تعلّم الرقص العربي، والشغوفين بإحياء الماضي والمحافظة على تقاليده. لكل عضو من «شباب سرمين» التسعة عمله المختلف في النهار، فمنهم من يشتغل في تصليح الدراجات النارية، والعمارة، والتجارة، وغيرها، لكنهم في المساء يشتركون في المهمة نفسها بعد أن يرتدوا زيهم الموحد الذي حصلوا عليه بعد مشقة كبيرة، إذ لم يكن الزي متوافراً في إدلب بل جرى تجهيزه في إحدى ورش الخياطة بتركيا.

تعتمد ألوان زي فرق الرقص العربي عادةً على الأسود أو البني، وهو ما اختارته فرق عدة في إدلب باتت مشهورة في الفترة الأخيرة، وتتألف من شيوخ وشبان وهواة للرقص، يتخذون أسماء مختلفة مثل «هنانو» و«إحياء التراث» وغيرها. لكن تتباين ألوان الزي الذي اختاره أبو محمود بين الأبيض والبني الفاتح، ويتكون من الحطّة التي تلفّ على الرأس، والصدرية ومن تحتها القميص، والحزام الذي يلفّ على الوسط، ويأتي من تحته البنطال الفضفاض وهو الشروال، ثم الجوارب البيضاء، ومن فوقها الحذاء الأسود ذو العكب أو ما يعرف بـ«الكسرية».

تتنوّع الرقصات التي تؤديها فرق الرقص العربي بحسب الإيقاع والألحان ومن أشهرها الشيخاني والقوصرة والقبا

لا يتقاضى أبو محمود وفرقته أيّ أجور عن الحفلات في المرحلة الأولى، لكن «ربما نتقاضى أجوراً في المستقبل، إذا قدمنا رقصات أو أهازيج حديثة، بينما ما نقوم به الآن هو تراث الأجداد الذي لا يقدّر بثمن»، يقول وهو يطرق حبات سبحته التي يلوّح فيها أثناء تأدية للرقصات.

أما عباس (19 عاماً)، وهو أحد أعضاء «شباب سرمين»، فيقول إنّ تعب النهار في أعمال البناء يُنسى مع غروب الشمس عندما يبدأ ارتداء زيّه العربي لحضور عرس، أو أداء التدريبات. ويوضح أنّ الرقص صار عنده هواية، فكما يستمتع بعض الشباب بلعب كرة القدم أو الرسم مثلاً، يشعر هو بالمتعة عند أدائه الرقصات، لا سيما الأصيلة التي تحتاج مهارة عالية ولياقة وخفة.

تتنوّع الرقصات التي تؤديها فرق الرقص العربي بحسب الإيقاع والألحان، ومن أشهرها الشيخاني، والقوصرة، والقبا، وغيرها. والشيخانية أبرز الرقصات الشعبية في إدلب، وتؤدّى في الأعراس والمناسبات العامة والخاصة على إيقاع الطبل والزمر، وترافقها المبارزة بالسيف والترس. وبحسب مواقع تراثية جاءت لفظة «الشيخاني» من أنّ من كان يرقصها هم الشيوخ، والزعماء، وكبار البلدة.

أما «القبا»، فتعني الرزانة والجلال، ويسميها الأهالي السلطنة على نغمات القبا السبعة التي يفتحها الزمر أو المجوز، ويكون السيف في هذه الرقصة حاضراً، إذ يمسكه المؤدّي ويتمايل مع الإيقاع الذي يحدِّده الطبّال يمنة ويسرة، وببطء شديد، ومن دون أن يفارق البقعة التي يقف فيها أو تتحرك قدماه خطوة واحدة، ثم يأخذه أمام وجهه وتحت ذقنه ثم إلى اليسار، ثم يهوي به ببطء شديد إلى الأرض، وتتواصل هذه الحركات مع العزف والألحان.

يحرِّك أعضاء الفرقة أقدامهم مع اللحن، ويميلون بأكتافهم بحركات متناسقة وهم يشبكون أيديهم مشكِّلين نصف دائرة يقف وسطها قائد الفرقة الذي يتراقص حاملاً بيده سبّحة أو منديلاً أبيض يلوح به، بينما تعلو أصوات الطبل والزمر، ثم تراقص الفرقة العريس الذي يدخل الساحة من تحت قوس تشكِّله الفرقة والحضور بأيديهم وهم يهتفون بأصواتهم العبارة الشهيرة بأعراس إدلب: «سوا دوس دوس، هيما عربي، والعادينا، والله عليه».

و«دوس دوس» لفظة سريانية تعني: «دائم دائم»، أي يتمنى الحضور السعادة الدائمة للعروسين.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها