روجين غزالة
الدورة عيب!
أما مروى، وهي شابة ترى نفسها متمرِّدة قليلاً، فتقول إنّها تشتري لنفسها هذه الفوط. وتضيف: «يعني وين العيب إنو الوحدة تشتري لحالها فوط؟ أروح ع الصيدلية وأشوف نظرات استغراب وخجل بعيون الصيدلاني، ويحطلي علبة الفوط بكيسين سود، ويخبيهم، ويعطيني ياهم بالسر كأني عم آخذ شي ممنوع»!

تختلف درجة النبذ باختلاف وضع الفتاة الاجتماعي، فمثلاً إن كانت عزباء، فالحديث يطول ويكون أكثر حدّة. أما إن كانت متزوجة أو كبيرة في السن، فغالباً ما يكون أقلّ وقعاً وضرراً. ولا نقصد بالضرر هنا سوى النفسي الذي يطاول نساء المنطقة، ومنه نظرة الاحتقار، أو الاستغراب، أو الكلام الذي يسمع لاحقاً عن هذه المرأة أو تلك.
لا تقتصر مشكلة الفوط الصحية في تلك المناطق على الضرر النفسي، بل تمتد لتشمل الأعباء الاقتصادية المرتفعة. تقول منى، وهي معلمة في مدرسة حكومية، وعليها شراء كمية من الفوط الصحية لها ولابنتها كلّ شهر: «يعني راتبي كله يا دوب 124 ألف وكل شهر لازم أجيب فوط إلي ولبنتي بشي 25 ألف على الأقل، وكل ما عم يرتفع الدولار يرتفع السعر. يعني هي شغلات ضرورية كل شهر، ولازم تكون موفرة إما بسعر أقل أو تتوزع مجاني».
«مرة إمي قالتلي أنا من وين بدي جيبلك مصاري تشترين فوط؟ أبوك وضعه مو زين. يعني إذا كل شهر بدك 15 ألف بس للفوط ما نقدر. روحي حطي شقف (قطع قماش)»، تقول شروق التي تدرس في سنتها الثانية بكلية التربية في جامعة الفرات بالحسكة، شارحة أنها باتت تستخدم منذ تلك المحادثة بديلاً غير صحي هو قطع من القماش لأكثر من طبقة.
قد يسبب اللجوء إلى قطع القماش التهابات للنساء والفتيات على حدّ سواء، فيما تلجأ أخريات إلى بدائل أخرى كحفاضات الأطفال التي لا تناسبهن ولا أجسادهن، وبرغم غلاء حفاضات الأطفال فإن عدد ما تحويه العبوة الواحدة يكون كبيراً على عكس الفوط النسائية، أما من تستطيع شراء الفوط فغالباً ما تلجأ إلى الإبقاء على الفوطة نفسها أكثر من ثماني ساعات بغية التوفير.

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.