نورشان ن.مراد
ترك زياد الحسن أهله في إحدى قرى الرقة، شمالي سوريا، بسبب رغبة زوجته العيشَ في لبنان، علماً أنها من درعا، وقد تزوجا بعد علاقة حب وثلاث سنوات من التواصل الافتراضي.
تعرف الحسن إلى زوجته التي أنجبت له طفلين عبر موقع فايسبوك. وبعد محاولات عديدة وضغوط، وافق أهله على خطبتها، لكنّ اختلاف الثقافات والعادات الاجتماعية شكّل ضغطاً عليها، فدفعه إلى ترك قريته والانتقال إلى مكان آخر.
لكن بعد ظروف قاسية عاشاها في لبنان، قرر الزوجان العودة والمكوث في بيت أهل زياد، وهذه المرة تمكنت من التأقلم مع العادات الاجتماعية، وفرض نفسها.
تسود العادات والتقاليد الاجتماعية والأعراف في مجتمع الرقة العشائري، ولا سيما في الزيجات، ويشيع مَثَل شعبي يقول: «الما ياخذ من ملته يموت بعلته»، أي على الرجل أن يتزوج من عشيرته. وهناك مثل آخر: «ولد الأجنبية أجنبي»، والأجنبية يقصد بها المرأة من عشيرة أخرى، قبل أن تكسر وسائل التواصل الأعراف، وتحدث زيجات تكلل بعضها بالنجاح وأخرى فشلت.
في مجتمع عشائري، يبقى الزواج من الأمور الحساسة، ويحتاج موافقة الأهل وتدخلهم، وإذا ما وقع الاختيار على فتاة ما، فإن أهل الشاب يتحرون الأصل ليتأكدوا من خلو عائلة الفتاة من الأمراض خاصة البهاق، كذلك يفعل أهل الفتاة في حال تقدم لخطبة ابنتهم شاب ما.
ثمة حالات عديدة كسرت تلك العادات، فكما زياد، كان ضغط زر الإعجاب على أي منشور لنوّار، من قبل فتاة من إدلب، كفيلاً بأن يحادثها، ثم جمعتهما قصة حب استمرت أربع سنوات وانتهت بزواجهما.
يختلف نوار عن زياد في أن أهله رفضوا الفكرة بادئ الأمر، لأنها تقطن مدينة أخرى تخضع لسيطرة مختلفة. وما زاد التعقيد أن المرأة أرملة ولديها طفل، فيما نوّار شاب في منتصف العشرينات. لكنّ إصراره دفع أهله إلى الخضوع وطلب يدها، حتى تمت الخطبة افتراضياً، إذ لم يكن العاشقان قد التقيا مسبقاً، إلى أن استطاعا أن يلتقيا في يوم زفافهما لأول مرة.
في مجتمع عشائري يبقى الزواج من الأمور الحساسة، ويحتاج حتى اليوم موافقة الأهل وتدخلهم
أما سلام العايد، فلم تستطع إكمال شهر واحد مع زوجها الذي تقدم لها بعد علاقة غرامية جمعتهما سنتين عبر فايسبوك أيضاً.
تقول: «الشاب المرح الذي كان يحادثني لم أره بعد زواجنا»، وها هي بعد أن تطلقت ترى أن اللقاء الحي بين العاشقين أكثر صدقاً ويمكنهما من معرفة أحدهما الآخر أكثر.
تؤيدها في ذلك آية التي تقول إنها من المستحيل أن ترتبط بشاب تتعرف إليه افتراضياُ، لأن احتمال فشل العلاقة كبير جداً، فـ «العين مغرفة الكلام».
تضيف آية: «غالباً يختلف الأشخاص عبر الإنترنت عما هم عليه في الواقع، فالتواصل الكتابي أو حتى مكالمات الفيديو فيها كثير من المجاملة، ومحاولة الشخصين إظهار ما يتمنيا أن يكونا عليه».
كثيرات من صديقات آية تعرفن إلى شباب عبر الإنترنت، وقليل منهن انتهى بهن الأمر إلى الزواج، وقليل من هذا القليل نجح، ولذا لا تحبذ الشابة الفكرة خاصة مع رفض المجتمع لها. تقول: «حتى لو انتهت العلاقة بالزواج سيؤثر كلام المحيطين».
هكذا، أفشل الخروج عن العادات علاقة حب افتراضية جمعت نسرين الطه بشاب من مدينة أخرى بعد رفض أهليهما تزويجهما، رغم أنهما بقيا مُصرّين تسع سنوات، ويأملان أن يوافق ذووهما، لكن «كلام الناس كان أقوى».
لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها
This work
by
SOT SY
is licensed under
CC BY-ND 4.0