× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

في اليوم الدولي للّغة الأم.. أخاف على مصير لغتي الكوردية

حكاياتنا - خبز 21-02-2024

يرى كثرٌ أنّ واقع الكوردية تغيّر بفضل سياق الحراك المدني السوري بخلاف العقود الماضية، لكن ليس على نحو كبير، أمام واقع معقد يعيشه ثلاثة ملايين متحدّث بها في سوريا، فيما تشير آراء أخرى إلى أن بعض «الحلول» التي اعتمدتها سلطات الأمر الواقع لتجاوز الظلم اللاحق باللغة الكورديّة شابهت في بعض وجوهها جذور المشكلة

الصورة: (أطفال يرفعون كتب تعليم القراءة بالكوردية في إحدى مدارس الحسكة - موقع حكايات سوريا)

«يريدون أن يجعلوها عرضة للابتزاز السياسي، لكنها لغتي وليست حكراً على الساسة»، تقول مُدرسة اللغة الكوردية من الحسكة، كوردستان إبراهيم، التي تخشى ألا تنال لغتها حقّاً مثبتاً في الدستور السوري الموعود.

تتساءل إبراهيم (38 عاماً): «هل يعقل أن تخضع لغتي لاحتمالية موافقة الآخرين عليها حتى أتحدث بها أو لا؟! أيُّ عيش مشترك هذا؟ اللغة الأم هي الهدية السماوية التي لا منّة لأحد فيها، والكوردية لغة ثلاثة ملايين إنسان هنا».

لسنوات طويلة عانى الكورد السوريون اضطهاداً سياسياً متعدد الأدوات، وشملت إجراءات السلطات السورية منع الكوردية من التداول في الدوائر الرسمية، والمدارس، وتضييقاً شديداً على استخدامها في التدوين والنشر والكتابة، لكنها لم تنجح كثيراً «بفضل تمسك الكورد بلغتهم ودفاعهم عنها»، ما أدى إلى اختلاف واقع اللغة بعد العام 2011 من حيث الطبع والنشر والتدوين، وتعدّد المنصات الإعلامية بالكوردية.

تخصص الأمم المتحدة يوم 21 شباط/فبراير من كل عام للاحتفال بيوم اللغة الأم، مع تزايد «التحديات  أمام التنوع اللغوي بسبب تزايد اختفاء الألسن. وفي الوقت الحالي، يفتقر 40% من سكان العالم إلى سبل الحصول على التعليم بألسنتهم الأم، ويتجاوز ذلك الرقم 90% في بعض المناطق».

ثيمة التغيير

يقول الكاتب والناشط المدني عباس موسى: «الكوردية كانت مقموعة بشكل ممنهج، فتصور منهاجاً كاملاً من الابتدائية حتى أعلى درجات التعليم العالي لا يرد فيه كلام عابر حتى عن الكوردية، لكن الوضع مختلف الآن، فهناك مراكز متعددة تقيم دورات للكوردية، وهناك مجلات وكتب وإعلام وصحافة بالكوردية، وبعض دور النشر التي تنشر بها، ومعارض للكتب، ومنهاج تعليمي».

«الحديث عن دستور جديد في إطار اللجنة الدستورية السورية برعاية الأمم المتحدة يجب أن ترافقه جدية في اعتماد الكوردية لغة رسمية ثانية في البلاد»

وفقاً لموسى الواقع الحالي لا يفي بالغرض المطلوب، بل «يوجد قصور في الإنتاج المدون بالكوردية، فالأنشطة الثقافية الكوردية مُدونة بالعربية، والنتاجات الثقافية للكتاب الكوردي بالعربية، وثنائيو اللغة -العربية والكوردية - يُفضلون الكتّابة بالعربية».

أما أسباب ذلك، فهي «غياب أسواق ثقافية كردية فعالة، إن كنا نتحدث عن تحدي واقع القراءة عربياً، فالأمر هو أصعب بدرجات أمام الكوردية»، مطالباً بكثير من المشاريع الثقافية «حتى تنتشر لغتنا، فلا بد من قطاع النشر ودراسة السوق الثقافية بمنطق السوق–الثقافة».

يضيف موسى: «الحديث عن دستور جديد في إطار اللجنة الدستورية السورية برعاية الأمم المتحدة يجب أن يرافقه جدية في تثبيت الكوردية لغة رسمية ثانية في البلاد، أو على الأقل مراعاة خصوصيتها في المناطق ذات الغالبية الكوردية من حيث طرحها في التعليم، ودعم قطاعات مختلفة كالسينما والتلفزيون».

ترجمة ضعيفة

من جهة أخرى، يقول المترجم والناشر عبد الله شيخو: «حال أي لغة والترجمة منها وإليها ترتبطان ارتباطاً وثيقاً بتبنّيها وبالاعتراف الدستوري بها من الدول التي يعيش فيها المتحدثون بتلك اللغة، ونجد أن الكورد في سوريا محرومون حقوقهم الدستورية الثقافية والسياسية مع إنكار لغتهم ووجودهم القومي».

يرى شيخو أنّ «حركة الترجمة تعيش وضعاً مأسوياً في سوريا لكن يوجد تحسّنٌ كبير في واقع الكوردية في مناطق الإدارة الذاتية، وهذا التحسّن محكومٌ بحالة الحرب التي تؤثِّر في مناحي الحياة كافة، ومحكومٌ كذلك بإنكار التعددية اللغوية من البعث وحكومته التي لا تزال السلطة الوحيدة المُعترف بها دولياً».

وفقاً لرأيه «أفضل الكتب المُترجمة ما تدخل في ميادين الفكر والفلسفة والعلوم وأدب الأطفال، لأن الترجمة إلى الكوردية محصورةً في حدود الأدب خاصةً الشعر والرواية، وهناك حاجة إلى الترجمات الموسوعية والفكرية والعلمية». ويضيف: «في حالة الكوردية هناك حاجة مضاعفة إلى الترجمة بسبب الفوات التاريخي والحرمان الذي عاشته اللغة».

في ردّه على أسباب غياب دور الأدباء والكتّاب العرب في تدويل الكوردية، يقول شيخو: «للأسف ليس هناك عرب يتقنون الكوردية قراءة وكتابةً ليترجموا نتاجاتها إلى العربية، ومعظم ما يُترجَمُ عن الكوردية إلى العربية عبر مترجمين كورد يتّقنون العربية».

ويسترسل: «هناك مترجمون أوربيون يترجمون عن الكوردية إلى لغاتهم لكنني لا أعرف مترجماً عربياً يترجم عن الكوردية إلى العربية، وهذه مفارقة صادمة، فالكورد والعرب متجاورون حدَّ التداخل لكنّ كثيراً من الأدباء العرب لا يعرفون عن الكورد وثقافتهم ولغتهم بعض ما يعرفونه عن أي شعب في أقاصي الأرض».

زرنا منزل كاتبة كوردية سوريّة في القامشلي طلبت عدم الكشف عن اسمها لكنها قالت: «أنا طالبة دراسات عليا في جامعة دمشق، وأكتب في المواقع والمنصات الكوردية لكن بأسماء مستعارة خوفاً من المساءلة أو الفصل من الدارسة، لكنني مصرة على النشر والتدوين بلغتي حتى لو كنت محرومة تدوين اسمي عليها... أملي أن نصل ذلك اليوم الذي لا نجد فيه خوفاً من البوح بلغتنا».