× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

«عزرا»... عصبُ أسواق القامشلي

حكاياتنا - خبز 02-04-2024

تمتاز القامشلي بتنوعها السكاني مع خليط من العرب والكورد والأرمن والسريان، وينسحب الأمر على التنوع الديني بين مسلمين ومسيحيين ويهود كانوا هنا سابقاً، ثم هاجروا ولم يبق منهم أحد منذ 2004، لكن المدينة لا تزال محافظة على تركيبتها المميزة التي أثّرت في أسواقها

«أمرّ فيه أحياناً دون أن تكون لي حاجة إلى اقتناء شيء، أي لمجرد المرور، فأشتم رائحة الأعشاب والتوابل المنبعثة منه». بهذا الوصف بدأت هناء عمر، وهي سيدة تبلغ 45 عاماً وتنحدر من القامشلي شمال شرق سوريا، حديثها عن سوق عزرا وسط المدينة.

تقول السيدة إنها تقصد سوق عزرا منذ نحو 20 عاماً لشراء التوابل والأعشاب ومستلزمات أخرى مثل البقول والحبوب وغيرها.

«عزرا» من أهم الأسواق التجارية وربما الأقدم منذ تأسيس مدينة القامشلي (العام 1926)، ويقصد السوقَ معظم سكان المدينة والقرى المحيطة، وفقاً للكاتب والباحث السوري فارس عثمان.

يقول عثمان: «سكان مدينة القامشلي الكورد أو العرب أو السريان كانوا يعملون مترجمين لدى سلطات الانتداب الفرنسي أو في الزراعة وتربية الحيوان... أما اليهود، فكانوا تجاراً منذ الأزل».

يضيف: «لذلك عندما نشأ حيّهم في المدينة، بنوا مجموعة من الحوانيت على جانبيه للتجارة، وكانوا يشترون الصوف والعسل والبيض والسمن ويبيعون مستلزمات وحاجات سكان المدينة والأرياف».

يلفت الباحث إلى أن السوق سُميت باسم أشهر تجار المدينة من اليهود، وهو عزرا ناحوم إسحاق، مضيفاً: «لا تزال هذه السوق عصب الحياة التجارية في المدينة، ومع التطور العمراني بُنيت مجموعة من محال الصاغة حول السوق، وأصبح يباع هنا كل شيء».

من ذاكرة «عزرا»

لعزرا أو ما يعرف بـ«سوق اليهود» عند بعض العامة تفاصيل عالقة في ذهن زهية عساف (أم يامن) شأنها شأن كثير من سكان المدينة.

تقول عساف (40 عاماً): «كنت ابنة عشرة أعوام وأرافق أفراد العائلة الذين يكبرونني سناً أو أحد والديّ إلى هذا السوق، ومرات بقصد التداوي بالطب العربي في حالات مثل الحروق والحساسية والسكري وأمراض أخرى عرضية، كما نشتري الأعشاب والحنة والتوابل».

تعرضت سوق عزرا لمحاولات هدم وتغيير معالم عديدة آخرها في 1990، لكن لجنة من أبناء القامشلي تصدت للأمر لأن السوق جزء من تراث المدينة

أما اليوم، فيقصد الشاب عصام حمي (36 عاماً)، الذي ينحدر من مدينة عامودا بريف القامشلي، السوق للحصول على الأعشاب الطبية والعسل الطبيعي، واصفاً إياها بـ«وجهتي الأولى» في القامشلي.

أما طلال خضر وهو من أقدم العمال في هذه السوق، فيقول: «لم يكن هناك عدد كبير من الأطباء، فكان سكان المدينة والمناطق المجاورة يقصدون محل عزرا للتداوي فيعطيهم الأخير وصفة ممهورة بختم خاص بعد صرفها».

يشير خضر (56 عاماً) إلى أن السوق كانت تحوي 5 إلى 6 محال فقط تختص ببيع مواد العطارة والصوف والسمن والبقوليات، ويوضح أنه بدأ يعمل في هذه السوق منذ العام 1979 حسن كان طفلاً.

يقول: «كنت طفلاً بعمر 12 عاماً، وأعمل على إيصال احتياجات الناس»، ثم بعد مضي ثلاث سنوات بدأ خضر العمل في المحل الذي لا يزال قائماً حتى اليوم، وتتلمذ على يدي صاحبه وأخذ منه الخبرة في التداوي.

وكان العمل في السوق يعتمد أساساً على مواد العطارة التي لا تزال تباع في السوق مثل: الحنة، وصبرا، ولبان الدكر، والبخور بأنواعه، والصمغيات ومواد أخرى. وبعد 1985 بدأ إدخال التوابل شيئاً فشيئاً ثم الأدوية البيطرية.

يذكر الرجل الخمسيني أن «عزرا ناحوم إسحاق قدم إلى القامشلي من إيران العام 1923، وهو من بنى السوق ولم يكن يعمل فيها سوى اليهود والسريان»، مضيفاً: «توفي عزرا العام 1980».

أما خاجو عزرا الذي يبلغ 56 عاماً، فيمارس عمله في المحل نفسه الذي يعود إلى مؤسس السوق، ويؤكد لنا أنه حين بدأ العمل العام 1990 كان بعض اليهود السوريين لا يزالون يعملون في هذه السوق. لكن خاجو يذكر أن جميع اليهود هاجروا من المدينة العام 2004 ولم يبقَ منهم أحد.

تعرض عزرا لمحاولات كثيرة لهدمه وتغيير معالمه مع التطور العمراني، كانت آخرها العام 1990، لكن «اللجنة التي تدير أملاك اليهود، وهي مؤلفة من سبعة أفراد تصدت لتلك المحاولات لأن السوق جزء من تراث المدينة»، على حد تعبير خضر.

يوضح الرجل أن سقف السوق لا يزال طينياً حتى الآن، مضيفاً: «دعمنا السقف بأسلاك داعمة وبالإسمنت حتى لا يهترئ، لكن لا تزال تلك الحوانيت محافظة على معالمها، فالأسقف طينية بأعمدة خشبية».