× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

في ريف إدلب.. الفطر ينتظرُ قاطفيه

حكاياتنا - خبز 18-04-2024

يمتهن، أو يهوى، معظم سكان مدينة كفرنبل والقرى المجاورة لها، البحث عن أصنافٍ من الفطر والحشائش على غرار الخبيزة والشرينيكة والسلبين والزعتر البري. لكن بعد التهجير القسري نحو أقصى الشمال السوري، غدت هذه الأصناف تنمو بكثرة في ظلّ تجاهلها لمدّة من الزمن على خلفية صعوبة بلوغها مع انتشار الألغام وخطر الولوج في مسافات تزداد بعداً

الصورة: (ذكريات كفر نبل / فايسبوك)

يمشي محمد الحناك (38 عاماً) بين الصخور فيما يُغطي الوحل والتراب نعليه باحثاً عن الرزق فوق الأرض وتحتها. تارة يقطف الفطر البري الأبيض من فوق التراب، وتارة من تحت أوراق أشجار الكينا المتساقطة، أو من تحت أوراق الأشواك حيث بيوت النمل الدافئة.

يجمع محمد الفطر البري أثناء نوبة الحراسة في حرش إبلين بمنطقة جبل الزاوية، إذ يعمل مع إحدى الفصائل بتعويض شهري قدره 600 ليرة تركية لا تكفيه ثمن فوط وحليب مجفف لطفله الصغير.

يقول: «أحب حرش إبلين أكثر من المخيم الذي أقيم فيه، فالحرش أقرب إلى منزلي المهدوم في مدينتي كفرنبل»، مضيفاً: «أقضي خمسة أيام في المخيم مليئة بالقهر والفقر، أما الأيام الخمسة التي أقضيها هنا في الحراسة فمليئة بالحيوية والنشاط حيث أشم ريح أرضي التي هُجرت منها قبل أربعة أعوام».

يتابع الحناك: «في كل يوم هنا في الحرش أستطيع جمع ثلاثة كيلوغرامات من الفطر الأبيض، وعندما أعود إلى المخيم أبيع ما جنيته»، لافتاً إلى أنّ «سعر الكيلو غرام الواحد يبلغ 70 ليرة تركية، وفي ثلاث نوبات شهرياً أجني ثلاثة آلاف ليرة، أي ما يعادل 100 دولار وخمسة أضعاف التعويض الشهري الذي أتقاضاه من الفصيل الذي أعمل معه».

«أمارس هوايتي»

على دراجته النارية، يقطع محمود الغرز (53 عاماً) مسافة 25 كيلومتراً من أجل الحصول على الفطر البري. في كل صباح وقبل بزوغ الفجر، يجهّز الغرز عدّة الرحلة من طعام وشراب، ثم يتصل بواسطة الجوال برفاقه لتجهيز أنفسهم. يلتقون عند مخرج مدينة كفرتخاريم الشرقي، وينطلقون إلى المكان المقصود في أعلى جبل السماق.

يقول كسار: «للفطر البري في أحراش مدينة كفرنبل مذاقٌ مختلف عن الفطر في جبل السماق وجبل الدويلة بمدينة سلقين»

يقول الغرز: «أقيم في مدينة سلقين منذ أربعة أعوام ونصف، وقبل تهجيرنا من مدينة كفرنبل كنت أعمل نجار ألمنيوم وكان الوضع المادي جيداً، وكنت عند نهاية الأسبوع أذهب مع أصدقائي للصيد في الأحراش القريبة من المدينة والبعيدة عنها. وفي كل موسم تنبته الأرض كنت أقاسمها رزقها».

«في كل موضع من جبال مدينتي لي ذكريات مع الفطر الأبيض والسلبين والخبيزة وصيد الطيور المهاجرة وصيد الأرانب»، يختم.

«حجة بحاجة»

عندما يبدأ موسم الفطر، يقطع كسار الحسني (41 عاماً) مسافات طويلة. يذهب يومياً من مكان إقامته بجانب مدينة معرة مصرين شمالي إدلب إلى جبل الزاوية، وتحديداً إلى قرية كنصفرة المُطلة على كفرنبل.

يحمل على دراجته النارية سلة نايلون فيها إبريق شاي صغير وبعض المواد الغذائية من سكر وشاي وملح وقنينة زيت زيتون صغيرة. فور وصوله، يبدأ جمع الأشواك وبعض العيدان الجافة لإشعال النار، وبعدها يجمع الفطر ويضعه على الجمر حتى يأكل منه ويُطعم من يلتقيه في جبل القرية تلك.

لا يعود حتى يشرب إبريق الشاي كاملاً، وعندما يُحالفه الحظ بكمية كبيرة من الفطر البري يأتي بها إلى أقربائه ممن يعجزون عن الذهاب معه.
يقول كسار: «أذهب إلى أطراف مدينتي بحجة البحث عن الفطر البري هناك، أشاهد المدجنة التي أملك ولا أستطيع الذهاب إليها بسبب وجود الألغام ورصدها من قِبل القناص المتربع على مئذنة مسجد قرية الجدار، أشم ريحها من بعيد وأتذكر الأيام الجميلة التي عشتها فيها».
ويؤكد أن «للفطر البري في أحراش مدينة كفرنبل مذاقٌ مختلف عن الفطر الموجود في جبل السماق وجبل الدويلة بمدينة سلقين».

أما نصر الله (42 عاماً) ابن مدينة قلعة المضيق التي هُجر منها قبل خمسة أعوام، فيزرع الفطر الأبيض أمام منزله. بعد نثر البذور بين طبقات من القش داخل كيس بلاستيكي، يغلقه بإحكام ويضع الأكياس داخل غرفة مظلمة ودافئة ويتركها ما يقارب 20 يوماً. عندها، يبدأ الفطر بالنمو خارج الأكياس، ولمدة عشرة أيام أخرى يرش نصر الله الفطر بالمياه ليحافظ على رطوبته.

وهكذا، يغدو الفطر مصدر رزق له ولأفراد عائلته، يأكلون منه ويبيعون الفائض للأقرباء والجيران في مخيم قرية الشامية بمدينة حارم شمالي سوريا.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها