× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

مؤتمر البعث: الرفيقات مُهمشات.. وحماة الأعلى تمثيلاً في «القيادة»!

عقل بارد - على الطاولة 10-05-2024

منذ نحو عامين راحت «تسريبات» عديدة تتحدث عن اجتماع مركزي موسع لحزب البعث السوري، مترافقة بـ«وعود وتطمينات» وصلت حد وصف الاجتماع الموعود بـ«الانعطافة التاريخية»، لكن قراءة هادئة للنتائج الأولى تطرح تساؤلات حول القدرة على التطور الفكري والاعتراف بالعملية السياسية المرتبطة بالأزمة الوطنية السورية أساساً

يبدو أن «الحظ» لم يُسعف النساء العضوات في «البعث» لتتبوأ إحداهنّ منصباً قياديّاً في أعلى هيئة بعثية، أو أن أيّاً منهن لم تمتلك «الخبرة السياسية» التي تؤهلها لنيل «ثقة القيادة» في الاجتماع الموسع الذي عقدته «اللجنة المركزية» للحزب. ليس هذا فحسب، بل ولم تحقق «الرفيقات» نسبة تمثيل أفضل في الاجتماع الموسع، كما أظهرت الانتخابات الاخيرة فجوات عميقة لناحية قدرة «البعث» على إنتاج الكوادر فجاءت نتائج انتخابات القيادة الجديدة لتطرح تساؤلات حول القدرة على التطور الفكري والاعتراف بالعملية السياسية المرتبطة بالأزمة الوطنية السورية أساساً.

عقب عقود من عمله على «الوعي السياسي» كما يحلو لـ«البعث» أن يؤكد، ومن التغني بـ«إنجازات للمرأة»، اقتصرت نسبة النساء في اللجنة المركزية على17,6 % في المحصلة النهائية، بعدما اقتصرت النسبة التي أنتجها صندوق الانتخاب على 15% من ضمن الـ80 المنتخبين، بينما كانت نسبتهن ضمن الـ45 المعينين 28,57%.

اللافت أن «القيادة المركزية» للحزب تراجعت نسبة النساء فيها إلى 6.6 % فقط بعدما ضمّت التشكيلة عضوة واحدة من أصل 15 (أمين عام و13 عضواً وعضوة واحدة). أما أعلى نسبة تمثيلية للنساء فقد كانت في «لجنة الرقابة والتفتيش» التي ضمت امرأتين من أصل 5 أعضاء بنسبة 40%.

تبدو «أزمة التمكين» أعمق لدى استعراض المحصلة النهائية التي أنتجت «قيادة مركزية» جديدة للبعث أوضحُ ما تجلّى فيها وجود تمثيل لكل الفروع/المحافظات، باستثناء الرقة والقنيطرة. نالت محافظات دمشق واللاذقية (مع احتساب الأمين العام) وحماة مقعدين لكل منها، مقابل تمثيل محافظات الحسكة وإدلب وريف دمشق بحكم المناصب من خلال رئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع على التوالي.

ومع غياب بعض المحافظات كدرعا وحمص فقد غطاه تمثيل بعض «فروع الجامعات»، فشكّل انتخاب محمود زنبوعة عن جامعة دمشق تمثيلاً لمحافظة درعا التي ينتمي إليها، وفاز إبراهيم حديد (حظي بمنصب الأمين العام المساعد) ابن محافظة حمص بصفته ممثلاً لجامعة حلب، إلا أن تجديد «الثقة» بأمين سر الحزب هيثم سطايحي منح مقعداً ثالثاً لمحافظة حماة لتكون الأكثر تمثيلاً بين المحافظات في القيادة الجديدة! رغم أن منصب أمانة السر لا يعتبر ضمن القيادة القطرية. 

أما استعراض أعمار التشكيلة، فيوحي بعجز «المؤسسة البعثية» عن إنتاج الكوادر الشابة القادرة، فضلاً عن أن القيادة الجديدة لم تتضمن سياسيين بارزين، وإنما كوادر إدارية ووظيفية بحكم عملهم، وباستثناء الأعضاء الثلاثة بحكم المنصب (رئاسة الوزراء، ورئاسة مجلس الشعب، ووزارة الدفاع) فإن أياً من أعضاء القيادة الجديدة لم يمارس عملاً سياسياً بارزاً، على عكس «القيادات المركزية والقطرية» السابقة التي كانت تضم ساسة وأصحاب تجارب في السلك الدبلوماسي، مما يشي بأن «البعث» يخوض المرحلة المقبلة بعيداً عن أي تفكير في العملية السياسية، وأن أي إصلاح للمبادئ الفكرية للحزب وإيديولوجيته قد يمر عبر قنوات مثيلة للقنوات التي تم تمرير الاجتماع الموسع من خلالها، لا عبر آليات النظام الداخلي المحددة.

من جهة أخرى؛ بدا أن الحرص البعثي على «الشفافية والانتخاب الحر والإصلاح» قد انكسر مباشرة مع الإعلان عن أسماء القيادة المركزية الجديدة، من خلال ملاحظتين بارزتين:

  • الملاحظة الأولى أن مجمل اجتماع اللجنة الموسعة وآليات الانتخاب والاختيار التي أوصلت إليه ليست متضمنة في النظام الداخلي للحزب، بل وتُعد انتهاكاً صارخاً له. وبالطبع فإن «لجنة شؤون الأحزاب» (يرأسها وزير الداخلية) بقيت صامتة إزاء مختلف المراحل التي مرت بها العملية، وحتى في يوم الاجتماع الموسع لم يتم الاعلان عن الحصول على موافقتها لعقده.
  • الملاحظة الثانية أن دخول اللواء ياسر شاهين إلى القيادة الحزبية لم يكن وفق الآليات التي الإعلان عنها، فهو لم يكن ضمن «اللجنة المركزية» ذات الـ125 عضواً، فلم يرد اسمه في القوائم المنتخبة التي ضمت 80 اسماً، ولا ضمن قائمة الـ45 التي عينها الأسد، وزاد في الحيرة أن الرجل عسكري من خلفية رياضية (شغل سابقاً منصب رئيس نادي الجيش). وقد يكون اختياره متعلقاً بالرغبة في زيادة حضور العسكريين في القيادة (وإن لم يكن وجهاً بارزاً على هذا الصعيد)، وبتمثيل أكبر لمحافظة اللاذقية التي بات لها ممثلان اثنان هما شاهين نفسه، والأمين العام للحزب، فيما اقتصر حضور فروع البعث في الجامعات على عضوين: محمود زنبوعة الذي شغل سابقاً منصب محافظ حماة، وابراهيم حديد من فرع جامعة حلب.

بالمجمل لم تقدم «التظاهرة البعثية» تطمينات للسوريين بتعامل أفضل مع المستقبل، ويبدو أنه بحاجة أكثر لتوسيع «شرائح الشرعية»، وهو بحاجة أيضاً للالتفات أكثر إلى كوادره بمن فيهم النساء، أما ما سبق من ترويج لـ«إصلاح مُرتقب» فلا يمكن الحكم عليه بحيادية، بحكم حاجة «البعث» إلى عربة جديدة يقودها في الانتخابات التشريعية القادمة. وقد تكون هذه الانتخابات الحزبية بمثابة تهيئة لها.