× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

تقسيم سوريا قادم فاستعدوا!

عقل بارد - على الطاولة 19-08-2020

لعب روسيا خارج التفاهم مع تركيا، أو العكس، يعني في ما يعنيه انقطاع الحوار بين الأطراف المتحاربة، وبالتالي اضمحلال فرصة السلام، وفرصة الإبقاء على وحدة الأراضي السورية

الصورة: (أسامة حجّاج- كارتون كوفمينت)

ليس هذا المقال مقالاً في التحليل السياسي، وإن كان التحليل من بين أدواته. 
لا أزعم أنني، القاطنة في إدلب، قادرة على قراءة المشهد السياسي السوري بشكل دقيق، وجلّ هذا المشهد المعقد يجري خارج البلاد. كذلك؛ لا أكتب هذا المقال بغية أن أقول لكم يوماً ما: ألم أقل لكم؟! فأنا ممن قيلت لهم أشياء، ولم يأخذوها على محمل الجد.
هو ببساطة مقال يسعى إلى البحث في طيات الحرب ومآلاتها عن مخارج، (لم تعد كثيرة للأسف) توفر على البلاد هول التقسيم. نعم التقسيم! 
قد لا يكون التقسيم كارثة الكوارث، فأي حل يوفر مزيداً من الدماء والآلام مرحب به. غير أن تقسيم سوريا - يا له من تعبير مؤلم - لن يفضي إلا إلى مزيد من الدماء والآلام، ولن يُنتج سوى دويلات تابعة محرومة من الموارد. 
لكن؛ لم كل هذا التشاؤم؟ وهل فعلاً أصبحنا نواجه خطر التقسيم؟ ما الذي استجد ليجعلنا نحذر منه، رغم أن كل بيانات جنيف، و«أصدقاء سوريا» ومجموعة الدعم من أجل سوريا، وبيانات أستانة وسوتشي وموسكو وفيينا، وووو، تؤكد على وحدة أراضي سوريا واستقلالها وسلامتها الإقليمية؟ أليست اللجنة الدستورية على وشك الانعقاد لتُنتج دستوراً للبلاد؟ أليس جنيف حياً؟
في الواقع، ما يجعلنا نعبر عن خشية حقيقية، مجموعة أحداث جرت خلال الفترة المنصرمة تؤكد لنا أن مسار أستانة في خطر، ما يضع على المحك كل التفاهمات التي أنتجت تخفيضاً حقيقياً للتصعيد، يأتي ذلك متزامناً مع عودة اللاعب الأميركي إلى المشهد السوري بقوة أكبر.
لنقرأ تسلسل الأحداث التالية:
1- إعلان المبعوث الأميركي، جيمس جيفري، حضوره اجتماع اللجنة الدستورية.
2- حديث الرئيس التركي عن اجتماعات تركية مصرية سعودية، يبدو مسلّماً به أنها لم تكن لتحدث لولا الدور الأميركي.
3- تعثر الدوريات الروسية – التركية، المشتركة.
4- استمرار دخول قوات الجيش التركي إلى إدلب، بأعداد كبيرة قد تصل إلى ثلاثين ألفاً من الجنود، فضلاً عن المدرعات والآليات الثقيلة، وهي قوات لم تدخل لتخرج، على الأقل بسهولة.
5- الخلاف التركي الروسي في ليبيا، وما تبعه ذلك من مواجهات بين أرمينيا وأذربيجان، وحتى في سوريا شرقاً وغرباً.
6- الحوار الكردي - الكردي، الذي لم يكن ليتم لولا موافقة - وتشجيع - الضامنَين الأميركي والتركي.
7- إنشاء الجبهة الوطنية للحرية والسلام، التي تضم تيار سوريا الغد، بزعامة أحمد الجربا، المدعوم من السعودية، والمجلس الوطني الكردي، المدعوم من تركيا. إضافة إلى إنشاء الهيئة السياسية في دير الزور، بإسهام سعودي وغض نظر تركي، ما يعني أن الوساطة الأميركية بين السعودية وتركيا تتقدم بخطوات متسارعة.
8- تأكيد جيفري على أن مهمته تتجلى في جعل سوريا مستنقعاً للروس.
نحن نرى أن ثلاثة لاعبين أساسيين بحاجة إلى زعزعة استقرار سوريا، من دون حدوث انهيار كامل في الدولة، وهؤلاء اللاعبون هم الولايات المتحدة الأميركية وإيران وإسرائيل. وهناك لاعبان اثنان بحاجة إلى تحقيق استقرار في سوريا على مقاس مصالحهما، سواء لجهة الأمن الإقليمي في شرق المتوسط أو لجهة اقتصادهما، وهما تركيا وروسيا. 
قد لا يكون التقسيم كارثة الكوارث، فأي حل يوفر الدماء مرحب به. لكن تقسيم سوريا لن يفضي إلا إلى مزيد من الدماء والآلام، ولن يُنتج سوى دويلات تابعة
لست ساذجة لأقول إن روسيا وتركيا مهتمتان بوحدة أراضي سوريا واستقلالها كرمى لعيون السوريين، فهما قوتان تهيمنان على أراض وأطراف سورية، بغرض تحقيق مصالحهما فقط. لكن تفاهماتهما شديدة الأهمية لأنهما قوتان تضمنان الطرفين المتحاربين الأساسيين، ولأن مصالحهما الأمنية والاقتصادية، تقتضي المحافظة على وحدة الأراضي السورية، فيما لو اتفقتا. 
بصياغة أخرى، إن لعب روسيا خارج التفاهم مع تركيا، أو لعب تركيا خارج التفاهم مع روسيا، يعني في ما يعنيه انقطاع الحوار بين الأطراف المتحاربة، وبالتالي اضمحلال فرصة السلام، وفرصة الإبقاء على وحدة الأراضي السورية.
بالنسبة للولايات المتحدة، فعلى سوريا يقتتل كل خصومها التقليديين، وغير التقليديين: روسيا وتركيا - لا يغرنكم تحالف واشنطن وأنقرة في الناتو فتركيا القوية تعني إضعاف أميركا في المنطقة - والتيارات الإسلامية الأصولية وإيران (مع الأخذ بالاعتبار وجود مصالح متبادلة حتى بين هذين الطرفين). 

تدرك إيران أن وجودها على الأرض في سوريا، ليس متاحاً إلا عبر ميليشيات لن يكون حضورها يسيراً إلا في استمرار حالة الحرب. ولا يسعد إسرائيل أكثر من أن ترى سوريا ممزقة. ولا بأس من إضعاف الاتحاد الأوروبي في المنطقة، فهذا يصب في مصلحة الأميركي. 
كان أستانة مسار التهدئة الفعلية الوحيد، المؤهل لإمرار حل في نهاية المطاف، رغم أن مثل هذا الحل لا يعني انتقال سوريا إلى نظام حكم ديمقراطي وتعددي. إنه فقط يعني إنهاء الحرب والحفاظ على وحدة سوريا. 
دخل اللاعب الأميركي بقوة، وهو لن يسمح بحال من الأحوال باالاستقرار. لنأخذ مثلاً قانون قيصر، الذي سيطبق على مناطق سيطرة دمشق ولن يطبق على مناطق سيطرة المعارضة ومناطق سيطرة قسد. 
ماذا يعني هذا؟ يعني أن التبادل التجاري سينحصر بين مناطق المعارضة ومناطق قسد، وستُعزل هذه المناطق تماماً عن مناطق سيطرة دمشق التي سيحولها الاستبداد والعقوبات وفساد المؤسسات والسلطة الأمنية، إلى ركام مجتمعي واقتصادي. قيصر قانون يسعى لتقسيم سوريا، أأعجبكم هذا الكلام أم لا!
نعم قد يعني التقارب الأميركي - التركي، تقارب الجغرافيتين الخضراء والصفراء (المعارضة، وقسد)، لكنه سيعني بالضرورة عزلاً كاملاً للمنطقة الحمراء (حكومة دمشق) عنهما. (تشابه الألوان مع الإشارات المرورية مصادفة فقط). 
يبدو هذا مؤهلاً لتثبيت شيء ما يشبه قبرص الشمالية، اسمه سوريا الشمالية، وشيء آخر اسمه سوريا الجنوبية!

واحد له منفذ على البحر لكنه منهك القوى ومحروم من المياه والنفط، وآخر منهك القوى ومحروم من البحر، وإن كان لديه بعض الماء (محكوم بدوره بالرغبات التركية) والنفط!
في كل «شبه التحليل» السابق، نحن - السوريين والسوريات - غائبون وغائبات! أين نحن؟ هل سنسمح أن نترك لمصير التقسيم أو الاقتسام؟ ولكن ماذا في يدنا؟ 
جواباً على السؤال الأخير، كنت قد كتبت التالي: «في يدنا أن نفتح عيوننا خلف اللحظة الراهنة وخلف الحدود القائمة. لنا ألا نصدق أن كل من وراء الحدود عدو يجب قصفه أو تجويعه أو تخوينه أو شيطنته. لنا ألّا نكره خصمنا أكثر مما نحب بلدنا ومستقبلنا ومستقبل أبنائنا وبنانتا». لكن المحررة احتجت قائلة: «هذا نص إنشائي، يحاول أن يلتف على حقيقة أن ليس بيدنا شيء، أرجوك أن تعدليه، وأن تذكري أنه في حال قررت الوفود المتفاوضة في جنيف أن تضع عقلها في رأسها فهنالك شيء في يدنا». 
حسناً زميلتي المحررة، ها أنا أعدل النص ليكون: ليس في يدنا شيء ولن يكون ما نريد. ستذهب الوفود الدستورية بعد أيام قليلة لوضع وثيقة المبادئ الوطنية، فهل سيقبل أي طرف أن يتنازل عن مبدأ أو اثنين للمحافظة على وحدة سوريا؟
إذاً: التقسيم حاصل، وسأقول لكم يوم يحصل: ألم أقل لكم؟


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها