× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

الحلم بموت آمن!

حكاياتنا - حشيش 27-10-2020

لقد وصل سعر القبر في دمشق إلى سبعة ملايين ليرة! ليرة تدفن ليرة!! ونشأت تجارة فظيعة، هي تأجير القبر ببضعة ملايين لخمس سنوات

الصورة: (Hani Absi - فليكر)

مرة اشتركت مدينتان متجاورتان، على شراء مقبرة مشتركة، وتناصفتا ثمنها. في ذلك العام، وللمصادفة، كانت وفيات إحدى المدينتين أكبر بكثير من وفيات نظيرتها، فامتعض أحد أبناء المدينة الأقل حظّاً بالموت، وقال بالفم الملآن: «لازم نشد حيلنا يا شباب، إذا بقينا على هذه الحالة، راح يملوا المقبرة لوحدهم ونحن ساكتين».

المعروف أن الانسان ينشغل في تأمين فرص عمل لتأمين حياة محترمة آمنة، لكن أن تنقلب الأمور، فيصبح الهم هو ضمان موت آمن؟َ أن تموت بسلام؟! تلك هي معضلة السوري، أما أن تُدفن بسهولة، فهذه باتت معضلة إضافيّة! خاصة للدمشقيين!  

تجار الحروب والأوطان والأزمات تاجروا بكل شيء، ولم ينسوا تجارة القبور، وتشريد الأموات، أو من يرغب في الموت! 

في زحمة الموت العشوائي في سوريا، لا سيما أن البعض مات بشكل قاس والبعض بشكل غامض، صار موت الإنسان وسط أهله مكسباً كبيراً، وبات دفنه في جوارهم جائزة كبرى!

لكن ينغص هذا الموت، معضلة أن تضمن قبراً يؤويك، ويمنع تشرد جثمانك، الذي قد يضاف الى تشردك الحياتي!

لقد وصل سعر القبر في دمشق إلى سبعة ملايين ليرة! ليرة تدفن ليرة!!  ونشأت تجارة فظيعة، هي تأجير القبر ببضعة ملايين لخمس سنوات!
يعني، إذا كنت من الغالبية القابعة تحت خط الفقر، ومت، فلن يكون أمامك سوى أن تدور على المصارف لتحصل على قروض عدة لشراء قبر! وستكون مشكلة تأمين الكفلاء عويصة، فالأحياء يدوخون ليجدوا كفيلاً لقرض واحد، فكيف بك وأنت بحاجة قروض عديدة؟! ثم، ماذا إذا تخلف الميت، يعني إذا تخلفت حضرتك عن التسديد؟ من سيسدد؟ هل يضطر المصرف للحجز على المقبرة كلها ويبعها في المزاد؟!! 
هذا ولم نتحدث بعد عن كلفة الجنازة، والضيافة، والحَسنة.. وغيرها.
فقط عندنا يهرب الانسان من حياته الخشنة، إلى الموت؛ فيجد الموت أشد قلقاً من الحياة! 
أحد الساخرين ضاقت به الدنيا والحياة فقرر الانتحار، وحين سمع بسعر القبر، وصعوبات تأمينه، وتكاليف الجنازة، وغيرها قال بتأفف: 
والله ما دام هيك، الواحد يظل عايش أفضل!


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها