× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

أطفال سوريا.. خطايانا المركّبة: 3- التعليم ساحة حرب خاسرة!

عقل بارد - على الطاولة 22-11-2020

لا يتعلق الأمر بسنوات ضائعة من حياة جيل كامل حرم من التعليم، وأقحم على جبهات القتال، وفي ورش العمل والأراضي الزراعية، وتعرض لشتى أنواع العنف الجسدي والنفسي والجنسي فحسب، وإنما بنشوء جيل سوري مشتت

الصورة: (Terry White - فليكر)

«نصف الأطفال السوريين، ما بين سنّي خمسة وسبعة عشر عاماً بلا تعليم، أي أن هناك 2.1 مليون طفل في الداخل، وسبعمئة ألف طفل لاجئ في دول الجوار محرومين من التعليم، كما أن 1.3 مليونا آخرين عرضة للتسرب من المدارس أو عدم تلقيهم التعليم».

بهذه الكلمات تلخص منظمة الأمم المتحدة للطفولة – يونيسيف، وضع الأطفال في سوريا، وذلك في تقريرها السنوي الذي حمل عنوان «تسع سنوات من الحرب في سوريا على الطفولة والأطفال».

فوضى المناهج والتبعيّات

خلال سنوات الحرب، ولد نحو ستة ملايين طفل، معظمهم داخل سوريا، و«حُرم نحو 2.8 مليون طفل سوري من التعليم، وتوجد مدرستان من كل خمس مدارس لا يمكن استخدامها، سواء بسبب تعرضها للتدمير والضرر أو لكونها تؤوي عائلات نازحة، أو بسبب استخدامها لأغراض عسكرية» وفق ما وثّقت يونيسيف.

لا يتعلق الأمر بسنوات ضائعة من حياة جيل كامل حرم من التعليم، وأقحم على جبهات القتال، وفي ورش العمل والأراضي الزراعية، وتعرض لشتى أنواع العنف الجسدي والنفسي والجنسي فحسب، وإنما بنشوء جيل سوري مشتت، تختلف أحوال أفراده باختلاف المنطقة الجغرافية، واختلاف الفصيل أو الجهة التي تسيطر على منطقة وجودهم، مع ما يعنيه ذلك من تبعات وانعكاسات مُنتظرة، على رأسها اضطراب مفهومي الهوية والانتماء.

توجد في سوريا ثلاثة نطاقات تعليمية أساسية، بما يتّسق مع مناطق السيطرة العسكرية الرئيسية، هذا يعني نظريّاً وجود ثلاثة مناهج، لكن الواقع أسوأ من ذلك، إذ تتعدد المناهج المعتمدة حتى داخل النطاق الواحد. بالإضافة إلى مئات المدارس الدينية والشعبية التي تدرّس فيها مناهج مختلفة، وفق أجندات ومصالح القوى المسيطرة على الأرض.

ففي مناطق سيطرة دمشق، يتلقى الأطفال التعليم في نوعين من المدارس: حكومية وخاصة. وتختلف أنظمة التعليم بين هذين النوعين بعض الشيء، إذ تهتم المدارس الخاصة باللغات الأجنبية، وتضيف أنشطة لا توجد في المدارس الحكومية إلى المنهاج الذي أقرّته وزارة التربية. في حين يعاني الأطفال الذين يدرسون في المدارس الحكومية التي تتصدرها صور الرئيس بشار الأسد، من ضعف البنية التحتية لوزارة التربية، إذ يتم حشر الطلاب في صفوف لا تستوعب نصف عددهم، ويتلقون تعليماً تريده وزارة التربية «تفاعلياً» من دون وجود ظروف تناسب هذه الأنظمة التعليمة، ومن دون تأهيل الكوادر التعليمية بالشكل المناسب. إضافة إلى النوعين المذكورين، لا يزال هناك حضور لـ«المنهاج ب»، وهو منهاج وزارة التربية نفسه مكثّفاً، ويتم تلقينه بالتعاون مع يونيسيف للتلاميذ الذي تخلّفوا عن التعليم بغية إلحاقهم بأقرانهم، ويُضاف إلى ذلك التعليم الشرعي الذي تُشرف عليه وزارة الأوقاف.

نعايش نشوء جيل سوري مشتت، تختلف أحوال أفراده باختلاف المنطقة الجغرافية والجهة المسيطرة، وتتباين الأسس التعليمية والتربوية التي يخضع لها، مع ما يعنيه ذلك من تبعات مُنتظرة، على رأسها اضطراب مفهومي الهوية والانتماء

أما في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة المرتبطة بتركيا، وبالحكومة السورية المؤقتة، فيدرس الطلاب مناهج مختلفة، في مدارس ترفع العلم التركي، وتتصدرها صور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ويواجه الطلاب معضلة عدم اعتراف أي جهة بالشهادات التي تمنحها هذه المدارس، باستثناء بعض المحاولات التركية، الأمر الذي يضطر شرائح من الأطفال إلى إعادة دراسة المناهج السورية الرسمية، وتقديم امتحانات الشهادتين الإعدادية (التعليم الأساسي للصف التاسع)، والثانوية (الصف الثالث الثانوي أو البكالوريا)، ما يضاعف الأعباء الدراسية على الطلاب، ويخلق هوّة تعليمية كبيرة تحوّل العملية التعليمية إلى «أشغال شاقة».

لا يختلف الأمر كثيراً في شمال شرق سوريا، مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية. إذ تعاني العملية التعليمية من مشكلات هائلة، على رأسها عدم وجود منهاج رسمي مُعتمد ومعترف به. وعملت الإدارة الذاتية على استحداث مناهج باللغة الكوردية، ووضعت يدها تدريجياً على معظم المدارس والمراكز التعليمية، وصولاً إلى فرض مناهجها وحدها، وتضييق حضور المدارس التي تعتمد المناهج الرسمية.

وتتكرر مشكلة «عدم الاعتراف»، ولا تحظى الوثائق والشهادات التي تقدمها مدارس الإدارة الذاتية بأي أهمية خارج مناطق سيطرتها.

فخاخ أيديولوجيّة متطرفة

في موازاة ذلك، تنتشر في مناطق الشمال الغربي من سوريا حيث تسيطر «هيئة تحرير الشام»، مدارس تتلقى دعماً من بعض المنظمات الدولية، وتقوم بين وقت وآخر بتغيير مناهجها. بالإضافة إلى انتشار عدد كبير من «المعاهد الشرعية» التي تمثل بديلاً للمدرسة، وتتبع جهات مختلفة، أبرزها «تحرير الشام». تمثل هذه المعاهد المرحلة الأولى في عمليات زرع وتنمية الأيديولوجيات المتطرفة التي تتبناها «الهيئة»، برغم محاولاتها إظهار بعض الانفتاح في الآونة الأخيرة.

وخلال سطوة تنظيم «داعش» الذي كان يسيطر على مساحات واسعة من سوريا، قام التنظيم بإنشاء عدد كبير من «المعاهد الشرعية» التي استقطبت آلاف الأطفال، وقامت بتدريسهم الأفكار «الجهادية» المتطرفة، قبل أن يتم في وقت لاحق تدريبهم على الأعمال القتالية، والزج بهم في المعارك.

وبرغم انحسار سيطرة التنظيم، لا تزال آثار هذه المعاهد الشرعية موجودة وملاحظة، سواء بالنسبة للأطفال الذين يقبعون في سجون قوات سوريا الديمقراطية، أو في سجون العراق، أو حتى في المناطق التي كان يسيطر عليها «داعش» في وقت سابق، رغم وجود محاولات من قبل بعض المنظمات لتلافي آثار «معاهد» التنظيم والأفكار التي قام بزرعها وتنميتها في عقول عدد كبير من الأطفال.

دول الجوار: حال قاتم

بدورهم، يواجه الأطفال الذي نزحوا مع عائلاتهم إلى دول مجاورة (الأردن، لبنان، تركيا) أزمات تعليمية عدة، إذ يتلقى الأطفال الذين نزحوا إلى تركيا التعليم باللغة التركية بدعم من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي خلق بدوره هوّة كبيرة بين ثقافة أسرهم وأقرانهم وبين ما يتلقونه من ثقافة وتعليم. خصوصاً أن قسماً من الأطفال يتلقى التعليم في مدارس تركية حكومية، في حين يتلقى آخرون التعليم في مراكز مؤقتة، تُدرس مناهج باللغة العربية، هي المناهج السورية الرسمية بعد تعديلها.

ولم يلتحق جميع الأطفال السوريين في تركيا بالمدارس، إذ دفعت الظروف الاقتصادية قسماً منهم إلى تركها والبحث عن عمل، في حين فشل كثير من الأهالي في تسجيل أبنائهم في المدارس.

ويعيش قسم كبير من السوريين الذين نزحوا إلى تركيا خارج المخيمات، وبحسب تقرير نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش العام 2015 فإن «الوضع التعليمي لهؤلاء الأطفال (الذين يعيشون خارج المخيمات) يبدو قاتماً: معدلات الالتحاق بمراكز التعليم المؤقتة والمدارس العامة على السواء في 2014-2015 كانت تقدر بـ 25 في المئة فقط»، ما يعني أن ثلاثة أرباع الأطفال الذين كانوا خارج المخيمات قد تسربوا من المدارس.

وفي العام 2018 كشف تقرير صادر عن نقابة اتحاد قطاع التعليم في تركيا، عن أنّ نحو 450 ألف طفل سوري لاجئ في تركيا من إجمالي نحو مليون طفل، هم خارج العملية التعليمية التربوية، في حين يتلقى التعليم نحو 54 في المئة من الأطفال فقط.

وفي الأردن، يواجه 233 ألف لاجئ سوري في سن الدراسة عقبات متعددة أمام التعليم، تكون أكثر حدة للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 12 عاماً، من ضمنها عمالة الأطفال، وتزويج الطفلات والقاصرات بدافع الفقر، ونقص وسائل النقل المدرسية بتكلفة معقولة، والسياسات الحكومية التي تحدّ من الوصول إلى التعليم، ونقص التعليم الشامل الذي يُبقي على الأطفال ذوي الإعاقة خارج المدارس. 

وبحسب تقرير أعدته هيومن رايتس ووتش، حمل عنوان «بدّي أكمل دراستي: العوائق أمام التعليم الثانوي للأطفال السوريين اللاجئين في الأردن»، فإن معدلات الالتحاق بالتعليم انخفضت من حوالى 90% في الصفوف الابتدائية، إلى 25-30% فقط في المرحلة الثانوية، وفقاً لبيانات حكومية وبيانات الأمم المتحدة.

وفي لبنان، ورغم التحاق قسم كبير من الأطفال السوريين بمدارس مختلفة، من بينها المدارس الحكومية اللبنانية، وبعض المدارس الخاصة، بالإضافة إلى مدارس تابعة لليونيسكو، يعاني الأطفال من مشكلات عدة أبرزها: عدم الاعتراف بتعليمهم، بالإضافة إلى معوقات كثيرة مستمرة، مثل تعذر تأمين مقاعد دراسية للأطفال. ويعاني الأطفال السوريون في لبنان أيضاً من مشكلة التسرب من المدارس لدوافع اقتصادية، إذ يضطر الأطفال للعمل.

أطفال سوريا.. خطايانا المركبة
لقراءة جميع مقالات هذا الملف ►


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها