× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

الزراعة في ريف حلب: أشغال شاقة حصادُها مجهول

حكاياتنا - خبز 17-01-2021

يعتمد السكان المحليون في ريف حلب على الزراعة بشكل كبير، فطبيعة المنطقة تؤهلها لذلك، لكن الظروف غير المستقرة على مختلف الصعد تجعل المواسم الزراعية عبارة عن مغامرات غير مضمونة النتائج، تتجدد كل عام

الصورة: (REUTERS/Hosam Katan)

تنشط في أواخر كانون الأول / ديسمبر من كل عام، عملية حرث الأراضي الزراعية وتحضيرها لموسم زراعي جديد. يواجه الفلاحون في ريف حلب صعوبات قاهرة تعيق استقرار إنتاجهم الزراعي، ويبرز منها بشكل خاص ضياع آلاف الهكتارات التي تقع على الخطوط الفاصلة بين مناطق السيطرة المختلفة، أو تلك التي هُجر منها أصحابها نتيجة وقوعها تحت سيطرة هذا الطرف أو ذاك. علاوة على ارتفاع أسعار البذور الزراعية، والأسمدة، والمحروقات، ومشقة التسويق في ظل تقاسم السيطرة على الأراضي السورية.

نار خطوط التماس 

هذا العام، قرر عبد الله (48 عاماً) زراعة أرضه التي مرت عليها أربع سنوات متتالية بلا زراعة، بسبب قربها من خطوط الاشتباك في قرية كلجبرين الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة، على مقربة من مدينة تل رفعت، التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية العام 2016.

حاول الرجل الحصول على إذن خلال الأعوام الماضية من قوات المعارضة، التي تتخذ من خطوط النار نقاطاً عسكرية، لكن طلباته قوبلت بالرفض بسبب عدم استقرار المنطقة. بعد إصراره المستمر حصل على الإذن، وبدأ تحضير أرضه للزراعة، لكن خلال الحراثة بدأ الرصاص ينهمر على الأرض بشكل عشوائي، ما دفعه إلى الخروج منها بسرعة خشية إصابته أو إصابة العاملين معه.

يقول عبد الله: «أملك نحو 10 هكتارات في المنطقة المعرضة لإطلاق النار في أي لحظة، ولا أستطيع حراثتها وزراعتها، وبرغم زراعة جزء منها الموسم الماضي، لم أجن محصولها بسبب النيران». ويضيف: «هذه الأرض هي الوسيلة الوحيدة التي تؤمن لي دخلاً جيداً، مرّت أربع سنوات ولم أحصل منها على ليرة واحدة».

يؤكد عبد الله أن المزارعين الذين يقومون بحراثة أراضيهم المتاخمة لخطوط النار «يضعون أرواحهم على كفوفهم، وقد يُقتلون في أي لحظة. قتل عدد من الأشخاص خلال الأعوام الماضية على خط النار الممتد من بلدة العيون، حتى مدينة إعزاز».

..ونار الأسعار

سمير (34 عاماً)، مزارع من سكان مدينة مارع، يملك عدداً من الدونمات تقدم لأسرته موسماً مقبولاً، يعينها في ظل تردي الأوضاع المعيشية التي يعاني منها معظم السوريين.

مع بداية موسم الزراعة توجه سمير إلى المحال التجارية التي تبيع البذار، وفوجئ بأسعارها التي ارتفعت مع ازدياد الطلب عليها وندرتها في الأسواق.

«نستمر في الزراعة وننتظر حظنا، في حال افتتحت المعابر التجارية وسُمح لمنتجاتنا الزراعية بالخروج فنحن في مأمن، لكن قليلاً ما ينجح الأمر»

في حديث لـ«صوت سوري»، يقول سمير «أنا غير قادر على زراعة أرضي، لأن الأسعار ارتفعت بشكل رهيب جداً. أحتاج 150 دولاراً لزراعة الأرض، هي مصاريف البذار والأسمدة والعمال، ولا أملك من هذا المبلغ شيئاً، فدخلي قليل جداً، خاصة في فصل الشتاء».

ويضيف: «قمت باستدانة المبلغ من أحد التجار، على أن أقوم برده خلال الموسم، وزرعت أرضي لعلها تجني محصولاً جيداً يكفي لسد الدين، وتوفير بعض المال لتأمين احتياجات أسرتي».

يشرح أحد تجار الحبوب والأسمدة، في مدينة صوران، واقع الأسعار في الوقت الراهن. يقول الرجل، واسمه سلمان، إن «أسعار البذور ارتفعت بشكل جنوني، بسبب قلة المعروض وكثرة الطلب. سجل سعر طن القمح 275 دولاراً، والشعير 195 دولاراً، والحبة السوداء (حبة البركة) 3000 دولار، وطن الكمون 2500 دولار». 

أما البقوليات، فأسعارها وفق سلمان «الفول 900 دولار للطن الواحد، وسعر طن العدس 450 دولاراً، أما الحمص فوصل 600 دولار، وهذه الأسعار كارثة على المزارع الذي لم يخزن من إنتاج العام الماضي لزراعة أرضه خلال هذا العام».

يؤكد الرجل أن «العديد من المزارعين قاموا باستدانة البذور التي يحتاجونها لزراعة أراضيهم، في ظل تدهور أوضاعهم الاقتصادية، وسيتم استيفاء المبالغ في موسم الحصاد».

الإيجارات بدلاً من البعل

امتنع رسلان، عن الزراعة هذا العام بسبب الكوارث التي لحقت به خلال الأعوام الماضية من خسارات متتالية.

يقول «إن الكلفة المالية التي أضعها في الزراعة لا أجنيها خلال الموسم، لذلك ألغيت فكرة زراعة الأرض. العمل الزراعي لم يعد يناسبني بسبب الظروف التي تعيشها المنطقة». ويضيف: «ارتفاع أسعار المحروقات ساهم في رفع أسعار الحراثة والزراعة، وكذلك أجور الأيدي العاملة المرتفعة أساساً».

 المزارعون الذين يقومون بحراثة أراضيهم المتاخمة لخطوط النار يضعون أرواحهم على كفوفهم، وقد يُقتلون في أي لحظة

قام رسلان بتأجير أرضه مقابل 1500 ليرة تركية للهكتار الواحد، ما سيعينه على تدبر أموره المعيشية، وعلى رأسها التدفئة خلال فصل الشتاء.
ويعد توفير الحاجيات الأساسية من الأولويات التي تدفع الكثيرين إلى تضمين (تأجير) أراضيهم، ليجنوا مبلغاً معلوماً بدلاً من المغامرة، وزراعة الأراضي التي قد تجني مكاسب جيدة، لكنها قد تسبب خسارات أيضاً، خاصة الأراضي البعلية.

عين على المعابر

من بين أبرز المشكلات التي يعانيها الفلاحون في ريف حلب، صعوبة تسويق منتجاتهم الزراعية، فغالباً ما تكون المعابر المؤدية إلى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، ومناطق سيطرة دمشق مغلقة، ما يساهم في هبوط أسعار المنتجات الزراعية. أما المعابر التركية، فتفتح أحياناً خلال الموسم لأنواع محددة من المنتجات. 

عبد الباسط، مزارع يعمل في زراعة البطاطا المروية، ويملك مشاريع كبيرة في ريف حلب الشمالي، يقول: «بالمجمل نتعرض للخسارة ولا نُحصل المصاريف التي ندفعها في سبيل الإنتاج الجيد، وحتى إذا كان المحصول وفيراً فإن الأسواق ملأى بمثله، ولا يوجد معبر تجاري لتصديرها من المنطقة. في الأعوام السابقة كان الإنتاج يصل إلى العراق، أما الآن فالحدود مغلقة تماماً».

ويضيف: «نستمر في الزراعة وننتظر حظنا، في حال افتتحت المعابر التجارية وسُمح لمنتجاتنا الزراعية بالخروج فنحن في مأمن، لكن قليلاً ما ينجح الأمر».

محاولات دعم

أمام تردي الظروف، وتدهور المشاريع الزراعية، سعت بعض المنظمات المحلية إلى دعم المزارعين عبر مديريات الزراعة التابعة للمجالس المحلية في ريف حلب. 

يقول مصطفى النجار، وهو مدير مؤسسة الزراعة في المجلس المحلي في مدينة مارع: «نحن نرفع العديد من المشاريع للمنظمات العاملة في المنطقة لدعم المزارعين والثروة الحيوانية، ونبذل أقصى جهدنا للنهوض بالإنتاج الزراعي، لكن هناك مشكلات وتحديات تواجه المزارعين لا نقدر على إيجاد حلول لها».

ويضيف: «قامت مؤسسة الزراعة بالتعاون مع السجل العقاري في مدينة إعزاز، ودعم من منظمات محلية، بتأمين بذور القمح والشعير والأسمدة، وتوزيعها على عدد من المزارعين الذين لا يستطيعون زراعة أراضيهم، ما سيساهم في تقدم الإنتاج الزراعي في المنطقة، هذه الخطط مستمرة، وستستهدف مختلف المدن في ريف حلب».


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها