× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

كل عار وأنتم بخير

حكاياتنا - ملح 20-01-2021

من أين لنا ألق مؤتمراتكم، وبهاء اجتماعاتكم، من أين لنا فَرادة تصريحاتكم، وأهمية محادثاتكم، وغنى ورشاتكم؟ من أين لنا وعيكم التاريخي بطبيعة المرحلة؟ أو حكمتكم في التصدي للمؤامرة؟ من أين لنا خشوع راية بعضكم؟ وعظمة صمود بعضكم؟ وبُعد نظر بعضكم؟

الصورة: (Solidarités International - فليكر)

غرقت المخيمات. نأسف لإزعاجكم بهذا الخبر المتكرر. كل أخبارنا، نحن سكان المخيمات باتت مستهلكة ومكررة: احترق المخيم، تفشى وباء في المخيم، إنهم يزوجون القاصرات في المخيم، سرقوا معونات المخيم، لا مياه شرب في المخيم، الحر قاتل في المخيم، البرد قاتل في المخيم.. إلخ إلخ

لا شك في أن رؤوسكم تصدعت بمشكلاتنا. معكم حق، نحن لا نتوقف عن الشكوى. والأنكى أننا لا نُتقن الابتكار: نغرق كل شتاء، نمرض كل صيف، نجوع ونشقى كل يوم، نتشرد في كل مناسبة.. ها نحن نعيد إنتاج مآسينا ذاتها، ونصدع رؤوسكم بها. تباً لنا! 

صدقوني، نحن نفهم تماماً أن هذه الأخبار لم تعد جذابة ولا مغرية، ولا نطالبكم بالتفاعل معها. علينا أن ننشط مخيلاتنا البائسة قليلاً، لعلها تستطيع ابتكار قصص جديدة تكسر رتابة أيامكم. معكم حق. لا عذر لنا في هذا التقصير. قد نواسي أنفسنا بالقول إننا أبناء المخيمات لسنا الوحيدين في هذا التكرار البائس، كلنا - نحن السوريين - نُعيد إنتاج أنفسنا. بعضنا ينق منذ سنوات لأن لا كهرباء، ولا وقود، ولا خبز. بعضنا الآخر لأنه مهجر، وبعضنا لأنهم قتلوا أهله، وبعضنا لأنهم اعتقلوا أحباءه.. إلخ إلخ إلخ

من أين لنا نحن الرعاع جاذبية أخبار علية القوم؟ من أين لنا ألق مؤتمراتكم، وبهاء اجتماعاتكم، من أين لنا فَرادة تصريحاتكم، وأهمية محادثاتكم، وغنى ورشاتكم؟ من أين لنا وعيكم التاريخي بطبيعة المرحلة؟ أو حكمتكم في التصدي للمؤامرة؟ من أين لنا خشوع راية بعضكم؟ وعظمة صمود بعضكم؟ وبُعد نظر بعضكم؟

أحياناً - واعذروا صفاقتي وتطاولي - أتجرأ، فأضع نفسي مكانكم (ليس حرفياً طبعاً، حاشا وكلا! إن هو إلا مجازٌ قليل الحياء أغرتني به نفسي الأمارة بالسوء)، أحياناً أفعلها، فأفهم ما أنتم فيه من الابتلاء، وأدركُ كم يُثقل عليكم بقاؤنا حتى الآن.

صدقوني، أنا أفهمكم، كان علينا أن نموت، لكن الموت لم يكن كريماً بما يكفي ليحصدنا بلا استثناء. لم نحظَ بفاعل خير يقتلنا جميعاً ويريحكم كما يليق بكم. لا البراميل فعلت، ولا السيوف فعلت، ولا الارتزاق فعل، لا التحالفات، ولا التدخلات، ولا الحلفاء، ولا الأصدقاء. لا الفساد، ولا العواصف، لك ولا حتى كورونا!

لكن، اعذروني، أنتم مقصرون قليلاً (في حق أنفسكم طبعاً لا في حقنا لا سمح الله!). يعني لعل الوقت حان كي توحدوا جهودكم، وتجدوا خطة مشتركة تريحكم منا نحن الرعاع؟ أنا واثق أن تكامل أفكاركم، واتحاد أخلاقكم الرفيعة، واجتماعكم على كلمة سواء كفيل بإيجاد الحل وتخليصكم منا. 

بشرفكم، ألا يستحق الهدف أن تتناسوا خلافاتكم؟ نحن هنا لا نتحدث عن أهداف لا قيمة ولا لزوم لها، مثل السلام، والتصالح، والغد، وما إلى ذلك من التوافه. ثمة هدف نبيل، وأظن أنه مُغر بما يكفي لتنسوا كل ما بينكم، وتضعوه موضع التنفيذ. 

حتى ذلك الوقت، اسمحوا لي أن أتوجه إليكم بكل ما يليق بكم، وكل عار وأنتم بخير.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها