× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

وحدات القياس السورية

حكاياتنا - حشيش 14-03-2021

لدينا نحن السوريات والسوريين وحدات قياس خاصة، ودقيقة. من الصفير، إلى الزفت، إلى سواهما. وحدات قادرة على قياس كل شيء. أشارك هنا دراسةً رصينةً تبزّ كل ما نُشر في هذا الباب

الرسم: (أحمد رحمة - كارتون موفمينت)

يستخدم السوريون والسوريات وحدات قياس خاصة، تختلف عن تلك الوحدات التي صنعها العالم المصاب بلعنة الدقة. 

هذه الوحدات السوريّة تقيس كل شيء، من العواطف إلى الأبعاد السماوية اللامتناهية. 

من اكتشافاتي القياسية التي تعلو على وحدات نيوتن وجول وفولت وغيرهم، اكتشاف أن الصفير وحدة قياس خاصة بنا. عندما يتحدث السوريون والسوريات عن اﻷسعار مثلاً، لا تُستخدم مؤشرات اقتصادية تقليدية مثل اﻷرقام والمخططات والمربعات والدوائر، بل يتكفل الصفير بالأمر. يخرج الصوت بعد ضمّ الشفتين طويلاً، وبتركيز وهدوء،

وتتناسب الصفرة مع الموضوع. إذا طال الصفير، فهذا يعني أن الأمر خطير ولا يحتمل التأجيل، ولكنه لا يحتمل التصريح. مثلاُ، إذا زادت مدة الصفير عن ثلاث ثوانٍ، فهذا يعني ارتفاعاً في سعر الشوئسمو، وإذا ترافق الصفير مع هزّة رأس، فهذا دليل على اتفاق الحاضرين بخبث وذكاء على تكذيب السعر الوهمي للشوئسمو، الذي تقول به حكومة موزامبيق الشقيقة، مدري الصديقة، مدري الصفيقة.

هذا الصفير - كما تعلمون - مختلف عن التصفير الذي تستخدمه كثير من الشعوب للتعبير عن الاستهجان، فيما يستخدمه السوريون للتعبير عن الإعجاب!

كما أن الصفير لا يعني أننا نعيش «صِفر الحال»، فنحن تجاوزنا هذه المرحلة إلى ما تحتها من زمااااان، وعلى قول أحدهم لقد تجاوزنا شفير الهاوية، ونحن اﻵن نطبخ ونأكل وننام في الهاوية نفسها.

«الزفت» أيضاً وحدة قياس من اكتشافاتي التي لم أسجّلها بعد في موسوعة غينيس الخاصة بأرقامنا السورية.

إذا سألنا أي سوري / ـة: كيف سرعة الأنترنت لديك؟ يأتي الرد بسرعة الضوء: متل الزفت! 

وحتى الساعة لم تستطع أبحاثي البريطانية الكثيرة معرفة الرابط بين الزفت وسرعة اﻷنترنت، باعتبار أن كابلاتنا اﻷنترنيتية مصنوعة من الضوء، ويأكلها سمك القرش كل عام مرات عدة، من دون أن تنكسر أسنانه، أو يشعر بالمغص من ابتلاعه تصريحات مسؤولي دولة موزامبيق الشقيقة. 

هذه التصريحات لوحدها حكاية، أثبتت بالدليل القاطع جدارة مواطني ومواطنات تلك الدولة التعيسة، بانتزاع صدارة الترتيب الدولي في تحمل غلاظات الحكّام والحكومات والحكماء.

هناك أيضاً، وحدات قياس سوريّة أخرى منتشرة في قطاعات محددة، مثل الدوائر الحكومية. ومن لا يدرك خفايا تلك الدوائر، سيقع في فخاخ وحدات قياسها غير المعلنة. حين يقول مواطن/ـة لموظف/ـة: «دبّرها» مع حركة لليد نحو الجيب أو الحقيبة، وغمزة للموظف/ـة، فهذا يعني الاستعداد لدفع المعلوم، وإذا جاء الرد: «ما بتدّبّر معي»، يعني أن المبلغ المعروض أقل من المطلوب، وهنا تبدأ جولة تقريب قياس كلفة المعاملة والمعلوم، ويكون درس سوري في فنون التفاوض المثمر.

ثمة دراسة طازجة أقوم بها، وأنا أرجو أن يساعدني القرّاء والقارئات في الإثبات والنفي، وفي تطوير فرضيتي التي تقول: إن أكثر وحدة قياس يهتم بها السوريون والسوريات هذه الأيام، هي الحقائب. 
إنها وحدة قياس النجاح في تجاوز جهنم التي نعيش فيها.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها