× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

غرباء على التراب السوري:4-هكذا دقّ «الكاوبوي» إسفينه.. بيننا

عقل بارد - على الطاولة 08-04-2021

يوم قرر الرئيس الأميركي باراك أوباما، قصف مواقع محددة تقع تحت سيطرة دمشق، ظهر انقسام السوريين جليّاً ومؤلماً، بين رافض للقصف، ومرحّب به، مثلما ظهر الانقسام نفسه بعد إقرار قانون قيصر العام الماضي

الصورة: (The National Guard - فليكر)

قبل فترة، انتهت الوﻻيات المتحدة من بناء قاعدة عسكرية لها في قرية تل علو، بمنطقة اليعربية، في أقصى الشمال الشرقي لسوريا. 

القاعدة الجديدة، استُحدثت في واحد من أكثر الأماكن الجغرافية أهمية من الناحية الاستراتيجية، على المثلث الحدودي بين سوريا والعراق وتركيا، فيما تتجه الأنظار إلى القاعدة العسكرية الثانية التي تعكف على إنشائها في منطقة المالكية، بريف الحسكة، ليصبح عدد القواعد اﻷميركية في سوريا نحو عشرين قاعدة، تتوزع بين قواعد ارتكازية ونقاط عسكرية متقدمة لدعم المعارك والمواجهات العسكرية.

متى وصل «الكاوبوي»؟

عدد كبير من القواعد اﻷميركية في الشمال والشرق السوري، استفاد من أبنية جاهزة، بنيت في حقبة كانت فيها سوريا جغرافيا واحدة، بلا حواجز ولا حدود، ولا أسافين!

تضم تلك القواعد اليوم، جنوداً وضباطاً ورجال استخبارات، ويصلهم طعامهم وشرابهم بالحوامات كل صباح، لا أحد يدري ماذا يجري في تلك «الغيتوهات» التي تستخدم آخر التقنيات الحديثة في الولايات المتحدة.

يعيش اﻷميركيون منفصلين عما حولهم، فلا تعامل مع أصحاب اﻷراضي إلا في الحدود التي يستوجبها «العمل». 

تؤكد لنا مصادر من أبناء المالكية، أن اﻷميركيين، «مرعبين في العمل، التزامهم مو طبيعي، لديهم قواعد صارمة في التعامل مع الناس، فلا سلام ولا كلام». 

يضيف أحد المصادر: «حتى المياه تصلهم مخصصة، ويرفضون أن يشربوا من مياهنا».

بالنسبة إلى قسم وازن من السوريين، يظل الأميركي حليفاً حتى يثبت العكس. و«يثبت» هنا، قد تحتاج ما هو أكثر من اليقين كي تصبح أمراً مسلّماً به!

بدأ الحضور العسكري اﻷميركي في سوريا العام 2014، قبل عام من نظيره الروسي، وفي الشهر نفسه، شهر أيلول. وفيما حضر الروس بدعوة من دمشق لـ«محاربة الإرهاب»، جاء الأميركيون تحت عنوان «التحالف الدولي» وأيضاً لـ«القضاء على اﻹرهاب»، المتمثل في تنظيم «داعش».

في تلك اﻷوقات كانت البلاد مشتعلة من أقصاها إلى أقصاها، بدأ التدخل الأميركي جوّاً، وراحت الصواريخ والقنابل تنهال على مدينة الرقة، مسويّةً مساحات كبيرة منها باﻷرض، ثم بدأت مظلات اليانكي بالظهور. 

ارتفع عديد الجنود من 50 جندياً نهاية العام 2015، إلى 904 في آذار 2017، وفي أواخر كانون الأول 2017، أعلن مسؤولون عسكريون أن عدد العسكريين الأميركيين في سوريا يفوق ألفي عنصر، بينما قدرت تقارير إخبارية محدّثة أن العدد في الوقت الراهن، يقارب ألف عنصر.

الأميركي العدو.. الأميركي الصديق

علاقة واشنطن بدمشق لم تتغير كثيراً منذ نشوء الدولة السورية إلى اﻵن. في الحقيقة، إن «العلاقة» بين دمشق و«إسرائيل» جوهرية لفهم العلاقة السورية ـ اﻷميركية.

ولسنوات طويلة، احتفظ اﻷميركي في الذاكرة السورية المعلنة بصورة «العدو الغامض»، الذي تدخّل في أول انقلاب عسكري في سوريا، لكن المسارات التالية لم تنقله من خانة العداء.

في العقد الأخير، انقسمت وجهات النظر السورية (الشعبية والنخبوية) بشأن أميركا، ويوم قرر الرئيس باراك أوباما، قصف مواقع محددة تقع تحت سيطرة دمشق، ظهر الانقسام جليّاً ومؤلماً بين السوريين، بين رافض للقصف، ومرحّب به، مثلما ظهر الانقسام نفسه بعد إقرار قانون قيصر العام الماضي. ولكل «فريق» من السوريين «حساباته» التي يجد فيها أن موقفه هو اﻷصح واﻷسلم.

اﻷميركي الذي يضع محاربة «داعش» هدفاً معلناً له، لم يضطر إلى خوض معركة بريّة واحدة ضد التنظيم الذي أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب، أنه انتهى ولم يعد له وجود منذ عامين، وهو نفسه الذي سيحاربه الرئيس الجديد جو بايدن

المشكلة أن الإدارات الأميركية، «لا يعنيها هذا الانقسام إلا بمقدار ما يمكن استخدامه لتحقيق الغايات والمصالح»، يقول معارضٌ سوري بارز في حديث معنا، حتّى ليصح القول، وفق المصدر نفسه، أن «واشنطن لا يهمها في هذه الصحراء (كما قال ترامب) سوى النفط وإسرائيل، ما عدا ذلك فخّار يكسر بعضو».

المشكلة اﻷكبر أن بعض السوريين يصدّق أن واشنطن يهمها غياب الديمقراطية عن بلاد لا تعرف نسبة كبيرة من الشعب اﻷميركي أين تقع وما عاصمتها.

«ليسوا فقط مغرورين، بل يشعرونك دائماً أنك أقل منهم في اﻹنسانية، كما في الفهم»، يقول لنا مسؤول في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

لا شيء بالمجان

هل هناك فعلاً إنجازات للأميركيين في سوريا؟ ببساطة: نعم، ويدافع عنها بعض السوريين، مثلما يدافع آخرون عن إنجازات الروسي، واﻹيراني، والتركي. 

منع اﻷميركي حكومة دمشق أوّلاً، ثمّ قوات المعارضة المسلحة من السيطرة على، والوصول إلى سلة الغذاء والنفط السوري، عبر مسار معقّد استُخدمت فيه الهواجس الكوردية السورية (المحقّة) من طرفي النزاع، بين داعٍ لهم لـ«تبني الثورة» كما هي، مع ارتباطاتها المبكرة بمشاريع إقليمية واضحة، وبين مطالب بـ«تبني نظرية المؤامرة»، وإنكار العوامل الجوهرية في الحدث السوري. 

اﻷميركي الذي يضع محاربة «داعش» هدفاُ معلناً له، لم يضطر إلى خوض معركة بريّة واحدة ضد التنظيم الذي أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب، أنه انتهى ولم يعد له وجود منذ عامين، وهو نفسه الذي سيحاربه الرئيس الجديد جو بايدن، في ولايته الحالية.

نجح الأميركي أيضاً، بشكل لافت في دق إسفين تاريخي وجغرافي بين المكوّنات السورية، ثم بين جغرافيات السيطرة.

في الرؤية اﻷعمق للوجود اﻷميركي في الشرق السوري، وفي ظل الضيق الكبير الذي يعيشه السوريون في مناطق سيطرة دمشق بسبب غياب ثلثي موارد بلدهم، إضافة إلى مفاعيل قانون قيصر، يرى هؤلاء في الأميركيين عدوّاً في الغالب الأعم.

فيما تحكم النظرة التركيةُ موقف بعض السوريين من «اليانكي»، لتنوس ما بين احتفاء حذر، وانتقاد حذر أيضاً. 

بالنسبة إلى قسم ثالث - وازن - من السوريين، يظل الأميركي حليفاً حتى يثبت العكس، و«يثبت» هنا، قد تحتاج ما هو أكثر من اليقين كي تصبح أمراً مسلّماً به! 

الثابت، بلا حاجة إلى أدلة جديدة بقدر الحاجة إلى تفكير منطقي وبارد، أن الأميركيين لا يقدمون أي شيء بالمجان، وكل ما يعطونك إياه قد يكون ببساطة من حسابك، أي من الفاتورة التي عليك دفعها لهم مقابل خدماتهم. 

لقراءة مقالات السلسلة ► 


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها